تخفيض سنّ تقاعد المرأة محلّ خلاف بين القانونيين
تباينت ردود الفعل بشأن سنّ تقاعد المرأة، الذي لا يتعدى الـ 55 سنة، في حين يُلزم الرجل بالبقاء في منصب عمله إلى ما فوق الـ 60 عاما. فبينما هللت الأكثرية من مواطنين ونقابيين وجمعيات نسوية لما اعتبرته “تمييزا إيجابيا” للمرأة، بالنظر إلى خصوصيتها الجسدية والمهنية، رأى فيه آخرون إجحافا في حقّ الرجل وخلقا لحساسيات بين الجنسين، قد يؤثر على استقرار المنظومة الأسرية.
وفي هذا الصدد، اعتبر الخبير في القانون الدستوري، حسين خلدون، أنه لا وجود لتمييز في الحقوق بين الرجل والمرأة بخصوص سن التقاعد، حيث قال لـ “الشروق”: “في جميع الأنظمة العالمية هناك تفرقة بين الجنسين، وهذه التفرقة تكون على أساس علمي وبيولوجي وليس مزاجيا”. وحسبه، بيولوجية المرأة وتكوينها يحتم عليها أن تنال بعض الحقوق أكثر من الرجل، “فهي تقوم بوظيفتين… في المنزل ومكان العمل، وبالتالي تتعب أكثر وهي في حاجة إلى راحة أكثر”، معتبرا أن التمييز في بعض الالتزامات بناه المشرع الجزائري على أسس علمية.
وبدوره، ثمّن عضو النقابة الوطنية لمستخدمي الإدارة العمومية (سناباب)، بلعموري لغليظ، تمكين الموظفة من التقاعد في سنة الـ55 سنة، معتبرا أن تقاعدها المبكر يخدم الرجل والأسرة بالدرجة الأولى، وأن الموضوع ليس تفريقا بين الجنسين وإنما الأصل في القوانين وجود استثناءات للمرأة التي تختلف قدرتها عن الرجل. ويوضح في اتصال لـ “الشروق” أن المرأة تتحمل مسؤوليات أكبر، خاصة في تربية الأطفال.
واعتبر محدثنا أن العاملة الجزائرية دائما تتمتع بالخصوصية في قوانين العمل، خاصة إذا كانت أمًّا لأطفال، مؤكدا أنّ القانون الحالي ربط تخفيض سن تقاعد المرأة بعدد أولادها، حيث تُخفض لها سنة عن كل طفل، شرط أن يكون لها 3 أطفال على أقصى تقدير، وهو ما يجعلها تتقاعد في سن 52 سنة.
ورحبت رئيسة حزب الاتحاد من أجل التغيير والرّقي، زوبيدة عسول، بالقانون الذي وصفته بالضرورة وليس “الهدية”، لأن المرأة تتعب 8 ساعات في العمل و8 ساعات أخرى في البيت، وعندما تتقاعد في سن الـ 55 سنة، تبدأ جولة ثانية من العمل مع أطفالها وزوجها في المنزل.
وبخصوص استنكار البعض تمييز المرأة عن الرجل في التقاعد، رغم أن الجنس اللطيف هو من يطالب دائما بالمساواة، ترد عسول في اتصال مع “الشروق”: “نحن نطالب بالمساواة في الحقوق أمام القانون، فنستنكر مثلا حرمان المرأة من وظيفة معينة لأنها امرأة أو تتلقى راتبا أدنى من الرجل، ولا نطالب مثلما يعتقد البعض بأن تصبح المرأة رجلا والعكس..”.
وبالجهة المقابلة، استنكر المحامي بمجلس قضاء الجزائر، إبراهيم بهلولي، التمييز بين الجنسين في سن التقاعد، متسائلا: “يتحججون بأن المرأة تتعب أكثر… والرجل أيضا يتعب، ومن يضمن أن جميعهن يعملن فعلاً 8 ساعات يوميا، وأي امرأة عاملة اليوم تتولى جميع شؤون البيت والأطفال، فالوجبات السريعة ودور الحضانة أزاحت عنها عبئا كبيرا”.
وتأسف المتحدث لكون بعض القوانين ظلمت الرجل على حساب المرأة، ومنها “عندما يطلق الرجل زوجته يجبره المشرع على منحها أموالا طائلة لإثقال كاهله، ولكن عندما “تخلع” المرأة زوجها لم لا نثقل كاهلها أيضا؟”.
واعتبر بهلولي أن قوانيننا انحازت إلى المرأة وقدستها أكثر من اللازم وعلى حساب الرجل، “رغم أن الإسلام كرمها منذ القدم…”. وتخوف القانوني من ظهور حساسيات وضغائن بين الجنسين بسبب سن التقاعد.