جواهر
الديوان الوطني للإحصائيات يكشف:

تراجع الزواج وزيادة الطلاق.. الأسوء قادم

جواهر الشروق
  • 35315
  • 151
ح.م
تزايد حالات الطلاق

كشفت آخر إحصائية أصدرها المركز الوطني للإحصائيات، نهاية شهر مارس 2015، تراجعا ملحوظا في عدد الزيجات، فبعد تسجيل أكثر من 387 ألف زيجة في 2013 انخفضت إلى أكثر من 386 ألف في 2014، وبالمقابل ارتفعت حالات الطلاق من أكثر من 39 ألف حالة سنة 2000 إلى أكثر من 54 ألف في 2012 وقاربت رقم 58 ألفا في 2013. هي أرقام تستدعي الوقوف عندها، لأنها تؤكد شائعات ارتفاع عنوسة الجزائريات وعزوف الشباب عن الزواج، والإحصائيات جعلت رجال الدين والاقتصاديين يطالبون بالتعجيل في إنشاء صندوق الزواج، فيما عارضت برلمانيات وسياسيّات الفكرة مُعتبرات أن العزوف عن الزواج سببه أخلاقي بحْتٌ.

كثُر في الآونة الأخيرة الحديث عن عُنوسة الجزائريات التي وصلت 11 مليون فتاة، وعزوف الشباب عن الزواج، في ظل غياب إحصائيات رسمية، لكن الأرقام الأخيرة الصادرة الشهر المنصرم عن الديوان الوطني للإحصائيات، أكّدت انخفاض عدد الزيجات في 2014 مقارنة بالسنوات الفارطةوانخفاض الزواج سببه المنطقي عزوف الرجال عن الزواج ما يؤدي إلى عنوسة الجزائريات. والظاهرة جعلت كثيرا من الجزائريات يرتبطن بأجانب غير مسلمين خاصة المسيحيين، وحتى شيعة وأكراد وبوذيّين ومُلحدين للتخلص من لقب عانس، فيما تنفّس الرجال عبر العلاقاتالمُحرّمة، ووجدوا في المخدرات والكحول مهْربا، في ظل فقرٍ حرمهم إتمام نصف الدين.

وظاهرة زواج جزائريات بمسيحيين تدق ناقوس الخطر فعلا، فحسب مصادر دبلوماسية، استقبلت مصالح قنصلية فرنسا بالجزائر نحو 100   جزائرية تقدّمن في سنة 2011 رفقة رعايا فرنسيين مسحيين يقطنون بالجزائر، للحصول على التأشيرة، لغرض إتمام مراسيم الزواج في فرنسا، بسبب منع القانون الجزائري زواج المسلمة بالمسيحي. وفي الموضوع تحضرني قصةممن مدينة خميس مليانة، عندما فاتها قطار الزواج، عرضت عليها صديقة مغتربة بأكرانيا عريسا أوكرانيا قالت إنه مسلم تعدّى الخمسين من عمره، عندما شاهدتمصوره أعجبت بوسامته، فيما لم تكترث عائلتها لجنسيته، المهم أن تتزوج البنت. تنقّلتمبمفردها إلى أكرانيا لإبرام عقد الزواج، ففاجأها العريس بإبرام عقد زواج عرفي ولم تُمانع، وبعد شهر من زواجها صُدمت بالحقيقةزوجها الثريّ الذي كان يدّعي الأسلام هو مسيحيّ، زير نساء، يدير شبكات دعارة تضم نساء من مختلف الجنسيات، والجزائريّة تمكّنت من الهرب منه ودخول الجزائر. وبعد 5 سنوات من تواجدها على أرض الوطن لا هي متزوجة ولا هي مطلقة، عاودت الرّجوع إلى أكرانيا!! فهذه الضّحية وغيرها لو تمكّنّ من تكوين أُسر بالجزائر، لما ارتميْن في حُضن أجانب. والحال نفسها للشاب الجزائري، الذي وجد في الارتباط بعجائز أوروبيات مُنقذا من الفقر ومن تكاليف الزواج الباهظة في الجزائر، وشعارهمتهون الرجولة والنيف الجزائري مقابل اليورو والدولار“.

 

دول الخليج تمنح مساعدات مالية لشبابها للزواج ببنات بلدهم

شدّد المنسق العام لنقابة الأئمة، جلّول حجيمي، لـالشروق، على ضرورة مساعدة الدولة الشباب لتكوين أُسر: “… جميع الدول العربية تشجّع شبابها على الزواج مع بنات بلدهم إلا الجزائر، فالإمارات تمنح مواطنيها مساعدة مالية في حالة تزوجوا مع بنات البلد، وتمنعها عنهم إذا ارتبطوا بأجنبيات، وفي دول الخليج تمنع الأعراف والتقاليد زواج الخليجية بأجنبي حفاظا على ثقافة الأسرة الخليجية، وحتى الدول الأوروبيّة تمنح امتيازات كبيرة للمتزوجين بنسائها تشجيعا لهم على الإنجاب…”.

وعن ظاهرة زواج الجزائريات بغير المسلمين، أكد حجيمي أن الظاهرة في تزايد وسببها الرئيس الخوف من العنوسة، وغالبية المتزوجات بأجانب فشلن في زيجاتهن لكنهن يرفضن العودة إلى أرض الوطن مخافة التشفي فيهن. والحل حسب حجيمي هو تخصيص الدولة صندوقا يعين الشباب على الزواج، يستفيد منه الشاب الأعزب الذي يفوق 40 سنة، وتكون المنحة مُضاعفة في حالة تزوّج بمطلقة مثلما تفعل دولة الأمارات، لأن المطلقات أكثر المتعرضات للمشاكل في المجتمع، وتستفيد منه الفتاة العازبة غير العاملة التي تتعدّى سنّها 35 سنة، مع تشجيع تعدّد الزوجات شرط توفر الرجل على القدرة والعدل. يقول حجيمي: “… المجتمع على حافة الانهيارالعزوف عن الزواج أصاب المجتمع بالعُقم، نحو مليون رجل يعاني العقم، التأخر في الإنجاب، دخول فتيات دون الثلاثين في سن اليأس…”.

وبدوره، ناشد إمام مسجد الفتح بالشراقة، محمد ناصري، العائلات تغليب العقل والشرع، وحذرهم من المغالاة في المهور: “… سيُحاسبون يوم القيامة على تعنيس بناتهم وحرمان الشباب من نصف دينهم“. كما شدد عليهم في التحري عن دين وأخلاق العريس: “العائلات الجزائرية لم تعد مهتمة بدين العريس، وبعضها يجهل تحريم الإسلام زواج المسلمات بغير المسلمينوحسبهبعض الأجانب يدّعون دخول الإسلام لتسهيل زواجهم بجزائرية، ثم يعودون إلى سابق ديانتهمكثيرون عقدْتُ قرانهم بالجزائر لا يعرفون عن الإسلام شيئا غير الشّهادتين، أما المتزوجات بغير المسلمين فأقول لهن: زواجكن باطل شرعا، تترتب عليه مفاسد كثيرة“.

 

 نعيمة صالحيصندوق الزواج أولى من صندوق النفقة والأمّهات العازبات

بعد دعوتها إلى التعدد، هاهي رئيسة حزب العدل والبيان، نعيمة صالحي، تنادي بإنشاء صندوق الإعانة على الزواج، بعدما مسّ ارتفاع الأسعار جميع القطاعات، ولم يعد بإمكان الشاب الأعزب تأمين حاجياته اليومية، فما بالك بتكوين أسرة. وحسبها، صندوق الزواج أكثر أهمية من صندوق المطلقات ومنحة الأمهات العازبات، تقول لـالشروق“: “سبق أن اقترحتُ على السّلطات في 2005 إنشاء مجلس أعلى للأسرة، يكون صندوق الزواج تابعا له، ويضُمّ مجالس استشارية تابعة لرئاسة الجمهورية، مع ضرورة إنشاء مجالس صُلح تضم مشايخ وأئمة تُحال إليهم ملفات الطلاق قبل الفصل فيها“.

 

 رئيسة حزب الاتحاد من أجل التغيير والرُقي

صندوق الزواج سيجعل الشاب اتكاليا وسلبيّا” 

ذهبت رئيسة حزب الاتحاد من أجل التغيير والرّقي، زبيدة عسول، في اتجاه معاكس حين قالت إن صندوق الزواج حل ديماغوجي ظرفي، لن يأتي بالفائدة على المجتمع: “الصندوق سيجعل الشاب اتّكاليا، وأصل العزوف عن الزواج ليس مادياوأيضا لا توجد أرقام رسمية مأخوذة من الحالة المدنية للعازفين عن الزواج والعوانس“.

الظاهرة، حسبها، تحتاج إلى دراسات مختصين في علم الأجتماع، هؤلاء أحمّلهم المسؤولية في تجاهل دراسة الظاهرةالحل ليس في صندوق للزواج، وإنما بتشجيع الشاب على العمل، وتوفير منصب شُغل قار له، وتشجيعه على الإنتاج المحلي وولوج قطاع الفلاحة، والتنمية المحلية وتطوير السياحة. السؤال المطروح: لماذا كان الإقبال على الزواج كبيرا السنوات الماضية رغم عُسر الأحوال المادية؟؟ كان الزوجان يسكنان غرفة مع الأهل ويمكُثان فيها حتّى تزويج أبنائهممن أين ستأتي الدّولة بأموال هذا الصّندوق في ظل سياسة التقشف؟ سيُصبح عبءا على الخزينة العمومية“.

ومن أسباب العُزوف عن الزواج أن النّساء لم تعد ترى بعض الرجال مُؤهّلين لتحمّل المسؤولية، ورجال لم يجدوا المرأة المضحّية القادرة على تحمّل أصعب الظروف، فيفضلون البقاء عزابا، وأهمّ سبب تعوُّد كثير من الشباب على تنويع الخليلات، معتبرين الزواج سجنا يقيدهم، في ظلّ سكوت رجال الدين عن هذه الظاهرة التي تنخر المجتمع.

 

عضو البرلمان العربي لشؤون الأسرة والشباب:

إصلاح أخلاق المجتمع أولى من صندوق الزواج

وبدورها استغربَت عُضْو البرلمان العربي في لجنة الشّؤون الاجتماعية والمرأة والشباب والطفولة، بن سحنون فوزية، لـالشروق، من الحديث اليومي عن عنوسة الجزائريات، وتجاهل تقديم إحصائيات عن عدد الشباب العازفين عن الزواج،البعض يطالب بالتعدد للقضاء على العنوسةلم نتمكن من تزويج أعزب ونطالب بالتعدد!! صندوق الزواج ليس حلا، علينا البحث عن الأسباب الحقيقية للظاهرةإنها الغزو الثقافي الغربي والبرابولالذي أفسد تفكير شباب اليوم.

كيف سيتشجع الرجل والمرأة على الزواج في ظل ظواهر غريبة وخطيرة بالمجتمع؟المُخنّثون صاروا يتجوّلون بحرّية في شوارعنا، بل ويتزوّجون ويُطلقون بعد أياموالمسترجلات مثلهم،في نظري، الظروف المادية ليست شرطا مُهما في الزواج، لأنه معروف عن العائلة الجزائرية بحثها عنوليد الفاميليةوهمّها ستر بناتها، ورأينا حالات عدّة لنساء في مناصب مهمة تزوجن مع شباب بطالين، تقول: “الجزائرية تبحث عن الشهامة والرجولة في زوجها، ومعروف أنها تضحي في سبيل الحفاظ على أسرتهاإصلاح أخلاق المجتمع أولى من صندوق الزواج، ولن يكون ذلك إلا بعودة المسجد إلى دوره الديني التوعوي الإصلاحي، بعدما فشلت كلّ من الأسرة والمدرسة في تربية النشء..”

 

الخبير الاقتصادي كمال رزيق:

صنوق الزواج فكرة جديرة بالاهتمام

  رحّب الخبير الاقتصادي كمال رزيق بفكرة إنشاء صندوق الزواج، مؤكدا أنه لو تجسّد فعليا وجمعنا أمواله من الصّدقات والتبرعات والزكاة “… أؤكّد لكم أنه بعد خمس سنوات فقط، ستتعدّى مداخيل هذا الصندوق مداخيل بنك عمومي“.

وتمنّى رزيق أن تنشئ الدولة هذا الصندوق وتسهر على تنظيمه، وتترك جمع مداخيله من أموال الزكاة والتبرعات والهبات، لشخصيات نزيهة عبر 48 ولاية، والمشروع كان مطروحا في عهد وزير الشؤون الدينية السابق بوعبد الله غلام الله، لكنه لم يتجسّد على أرض الواقع لأسباب مجهولة…” المشروع من الناحية الاقتصادية سيجعل الشاب عنصرا إيجابيا في المجتمع، لأنه سيشعر براحة نفسيّة وجسديّة بعد زواجه تشجّعه على العمل، أما الشاب أو الشابة غير القادر على الاستقرار الأسري فسينتقم من المجتمععلى الدولة المتّهمة حاليا بتفكيك الأسرة الجزائرية ببعض القوانين الأخيرة، أن تدحض هذه الشائعات بإنشاء صندوق الزواج، وعليها السماح للمبادرات الشخصية بالنشاط، مثل مبادرة الشيخ شمس الدين لتزويج الشباب والتي منعتها السلطات، وحثّ الجمعيّات والأحزاب على تنظيم الزواج الجماعي مثلما هو معمول به في الجنوب ومنطقة القبائلحبّذا لو يُنظم شهريّا زواج جماعي بالعاصمة وباقي الولايات“.

وحسب رزيق فإنالدولة في عهد الرئيس الراحل هواري بومدين كانت تشجع على الزواج، فالمجتمع وقتها كان مقسّما إلى ثلاث فئات، منهم العزاب والمتزوجون، والفئة الأخيرة كانت الأحسن في الراتب والامتيازات، كما أن الضريبة التي يدفعها المتزوجون هي الأقل، والرئيس الشاذلي بن جديد شجّع بدوره على الزواج. أما الآن، أصبح المتزوج كالأعزب، بل أدنى منه في سوق العمل، كما أن قوانين الدولة لا تشجع على الإنجاب، بدليل خفض منح الأطفال كلما زاد عددهم في الأسرة، وهو عكس ما تفعله الدول الأوروبية التي ترفع المنح كلما زاد عدد الأطفال“. واقترح محدثنا تحصيل أموال هذا الصندوق من تفعيل الضريبة على الثروةهذه الضريبة أقرّها القانون منذ 1992 لكنها غير مطبقة، وبررت السلطات الأمر بعدم وجود أثرياء في الجزائر!!”.

مقالات ذات صلة