الرأي

ترمب يعد الفلسطينين بجنة

صالح عوض
  • 1227
  • 2

خرج الرئيس الأمريكي على الإعلام مؤخرا مؤكدا أنه رغم كونه أعطى القدس الموحدة للكيان الصهيوني عاصمة له إلا أنه سوف يقدم للفلسطينيين عطاء سخيا خلال الفترة القادمة، الأمر الذي سيغضب الكيان الصهيوني.. وأكد الرئيس الأمريكي أنه تلقى اتصالات من العديد من رؤساء العالم يطالبونه بالعدول عن قراره تجاه القدس إلا أنه نفذ ما كان يعد به كل مرشح أمريكي للرئاسيات.. وأنه أقدم على إخراج موضوع القدس من المفاوضات.
بعيدا عن كل التفاصيل وردود الأفعال، ينبغي الذهاب إلى القراءات العلمية والتحليلات الاستراتيجية للإجابة عن هذه اللحظة المختلة.. فالرئيس الأمريكي لا يملك من أمر المستقبل إلا ما تراه عينه وتقود إليه أفكاره وهو مثل غيره لن يستطيع أن يمسك بعنق حركة التاريخ ولعله يدرك نتيجة الإصرار الأمريكي على العدوان ضد العراق وما انتهى إليه الأمر من خسائر بعشرات الآلاف من أرواح الأمريكان وبخسارات مادية مهولة.. ولعله كغيره من المسؤولين الأمريكان يدرك حجم الخسائر التي منيت بها أمريكا في أفغانستان وفيتنام وسواها من ساحات المعارك التي كانت نتيجتها الانسحاب الأمريكي المذل والمهين للعسكرية الأمريكية.
ترمب الآن يعلن أنه ضد تركيا وضد إيران وضد روسيا وضد الصين وضد المكسيك وضد أوروبا.. يصدر قراراته تباعا بالمقاطعة والعقوبات والضرائب والجمارك على الدول المعنية يجلب من خلال قراراته عشرات مليارات الدولارات ولكنه يوسع جبهة الخصومة ويدفع بالدول والجهات الاقتصادية المعنية إلى ضرورة التكتل أمامه وابتداع أساليب لمقاومته والزج باشتراطاته خارج معادلة الصراع.
تركيا وإيران وروسيا وربما إلى حد كبير باكستان ومعهم الصين سيعتمدون العملات المحلية للتبادل التجاري ومشاريع الاستثمار وبدأ التحرك العملي بين هذه البلدان التي وجدت نفسها جميعا في محل الاستهداف من قبل التاجر الجشع الإمبريالي رونالد ترمب.. وبدأ الحديث عن السلاح وصناعته وتطويره في كل من إيران وتركيا وباكستان.. وهكذا نصبح على مشارف تشكل قوة إسلامية كبيرة وتحالف دولي له أنياب واقتدار بقيادة روسيا..
لا أعتقد أن الأمر سيتم بسهولة بالنسبة إلى الدول الخصم لأن أمريكا لن تتساهل مع من يحاول استبدال مرجعية الدور فلقد انهمك فلاسفة المال في أمريكا لجعل الدولار سلاح أمريكا الاستراتيجي الذي به تخوض الحروب ومن أجله تجيش الجيوش.. فهل تقود عملية سحب أهمية الدولار إلى قيام الأمريكان بحرب عالمية لا تبقي ولا تذر بعد أن تتأكد من كارثية المستقبل إن هي فقدت السيطرة على السوق العالمي ورأس المال العالمي.. أم إن هذا الموقف الخصم المخيف سيدفع الأمريكان إلى التخلص من ترمب والعودة إلى سياسة العصا والجزرة مع الدول والمؤسسات الاقتصادية.
في ظل هذا الصراع العنيف سيكون كل كلام لترمب حول فلسطين والقدس مجرد فذلكات لا قيمة لها ولن ينجح ترمب في أن يصبح الزعيم الصليبي الذي يهزم المسلمين ويمتلك القدس لأنه في وضع محلي ودولي لا يسمح له بذلك.. وهنا يأتي الموقف الفلسطيني موفقا بأن انسجم مع وعي المرحلة برفض مشروع ترمب جملة وتفصيلا بل ورفض اللقاء به والتفاوض معه.. “إنهم يكيدون كيدا وأكيد كيدا فمهل الكافرين أملهم رويدا”

مقالات ذات صلة