الرأي

ترهيب “السترات الصفر” برايات الإرهاب الكاذبة

حبيب راشدين
  • 1405
  • 4
ح.م

قرابة شهر من الاحتجاجات الشعبية لمجتمع الفقر بفرنسا أنست وسائل الأعلام الفرنسية المهيمنة وقادة الرأي في المجتمع الفرنسي الخوض في موضوعهم المفضل: “التطرف الإسلامي المفرخ للإرهاب”، خاصة وأن جاليتنا المسلمة في الضاحية كانت هذه المرة أكثر نضجا وذكاء ولم تنخرط ـ كما كان يراد لها ـ في احتجاج اجتماعي فرنسي محض، ينشطه الغلابة من مجتمع البيض بمطالب تخص البيض فقط ليس فيها ما قد يغري مجتمع التنوع من المهاجرين على المشاركة، ولأنها لم ترفع أي من الشعارات التقليدية لغضب شباب الضاحية الذي يعاني من الإقصاء والتمييز العنصري بجميع أنواعه: العرقي والثقافي والديني.

ولأن الجالية أفسدت على المؤسسة الحاكمة فرصة خلط الأوراق وتسفيه انتفاضة “السترات الصفر”، ولم تنجح تدخلات الرئيس ماكرون في اقناع المنتفضين، فقد دبر على عجل عملية “إرهابية تحت راية كاذبة” بإخراج مسرحي مبتذل سخيف سخر منه أغلب الفرنسيين، وخلق إجماعا غير مسبوق بين رواد الشبكة في توصيفه كـ”عملية ارهابية تحت راية كاذبة” مع توجيه أصابع الاتهام لمصالح الأمن الفرنسية، جاء هذه المرة مرفقا باتهام صريح لطغيان التأثير الصهيوني داخل مؤسسات الدولة ونخبها الخدومة من رجال الفكر والثقافة والإعلاميين.

الفرنسيون الساخطون أصلا على الصمم الذي يهيمن على تفكير وتدبير النخب السياسية والإعلامية حيال معاناة الفئات الفقيرة المتنامية، قد انتقل سخطهم على مؤسسات الجمهورية الخامسة التي تحولت معه وكرا وناديا مغلقا لأوليغارشية ممسوكة مسخرة لخدمة أرباب المال، وبدأوا يصرحون بصوت بنفاد صبرهم حيال هيمنة اللوبيهات الصهيونية وقيادتها المركزية بكونفدرلية المؤسسات اليهودية (Le CRIF) وربما يكون تنامي هذه القناعة عند رواد الشبكة هو الذي قاد السلطات الفرنسية إلى وقف الحملة الإعلامية حول حادث ستراسبورغ والإعلان بعد حين عن تصفية المتهم “شريف شكات”.

وإذا كانت انتفاضة “السترات الصفر” قد فجرت الغضب الشعبي الكامن داخل جغرافية الفقر من المجتمع الفرنسي الأبيض، وكشفت عن حجم خيبة الأمل عند ثمانين في المائة من الفرنسيين من نخبهم السياسية، ومن مؤسسات الجمهورية الخامسة، ومن أعمال التدمير المنهجي لمقومات فرنسا التاريخية ومرجعياتها الفكرية والثقافية والدينية تنفذها نخبة غير منتخبة من التكنوقراط في رأس قيادة الاتحاد الأوروبي، فإن أخطر ما ترتب عن تصنيع عملية ستراسبورغ تحت راية ارهابية كاذبة هو التفات فئة واسعة من الفرنسيين إلى الدور الصهيوني المتحكم  في النخب والإعلام، والانتباه إلى ما يضمره من محاولة تفجير حرب أهلية بين الفرنسيين “الأصليين” والفرنسيين من التنوع (أبناء الجيل الثاني والثالث من المهاجرين).

وفي مكان ما يكون السحر قد انقلب على الساحر، وتكون انتفاضة “السترات الصفر” هبة من السماء للفرنسيين، وغدا لأغلب الشعوب الأوروبية، للتفطن أخيرا إلى ما كانت تخفيه حملات معاداة الإسلام، والترويج لما يسمى بـ”التطرف الإسلامي” المولد لـ”الإرهاب” بوصفها حملات تعمل في السر والعلانية على تهيئة الأرض لمواجهة مفتوحة بين 350 مليون أوروبي من البيض، وأكثر من خمسين مليونا من مواطنيهم من الجيل الثاني والثالث من التنوع، مواجهة يسوق لها علنا كثير من حاخامات اليهود وأذرع الصهيونية داخل النخب الأوروبية، بتفجير حرب بين “إشماعيل” و”إيدوم” كما تعد به أساطير التلمود، واعتبار المسلمين كـ”مكنسة” تكنس ما بقي من الحضارة المسيحية التي تسهل في معتقداتهم التلمودية خروج “مشيخ بن دافيد”.

مقالات ذات صلة