تضامن حكومي!
خليدة تومي، وزيرة الثقافة، منزعجة جدّا، من غياب التضامن الحكومي، طالما أن وزيرا من زملائها في الطاقم التنفيذي استعمل حق الفيتو ضدّها لوقف أحد المشاريع!
-
الوزيرة فهمت أن الفيتو قرار شخصي ضدها، كان من المفروض أن لا يكون، طالما أن جميع الوزراء ينتمون لحكومة واحدة، يقع على عاتق أعضائها واجب التضامن، وفريضة تبادل الحب الرسمي، ومسؤولية مساندة بعضهم البعض في مواجهة المحن السياسية ومكائد المعارضة وتحرشات الصحافة.
-
غياب التضامن الحكومي بين الوزراء ليس عجيبا، بل العجيب هو استغراب وزيرة الثقافة من عدم وجوده أصلا، ذلك أن قراءة بسيطة للأحداث القائمة في البلاد، تدل على أن هذه الحكومة، وما قبلها، وربما، ما سيليها، لا يجمع الأعضاء فيها سوى التضامن على استمرار المصالح، والاشتراك حول أولوية البقاء والصمود على الكراسي، والاحتماء بشخص الرئيس وبرنامجه حتى إشعار آخر؟!
-
والدليل أن أويحيى لا يتفاهم مع بلخادم، وهذا الأخير لا يتوافق مع الهادي الخالدي، والأول معروف أنه ضد سياسة ولد عباس، وولد قابلية لم يفعل شيئا في الحكومة سوى الانقلاب على ما قام به زرهوني، والهاشمي جيار لا يوافق خليدة تومي، وهذه الأخيرة لم تتفاهم سابقا مع غلام الله… و.. و..؟!!
-
لا وجود لشيء اسمه التضامن الحكومي، إلا من أجل البقاء في المناصب، وليس لتنفيذ مصلحة الشعب، تماما مثلما يثير حديث البعض عن التحالف الرئاسي ضحكا هستيريا، لمجرد اعتقاد هؤلاء، أن الصور التي يلتقطها زعماء الأفلان وحمس والأرندي، كافية للقول أن التحالف موجود وبصحة جيدة؟!
-
ألم يقل بلخادم أنه يريد وزيرا أول من حزب الأغلبية في إشارة لرفض بقاء أويحيى؟ ألم يصرح زعيم الأرندي أن حمس ما كان لها أن تتواجد في الحكومة لولا تقدير السلطة للراحل محفوظ نحناح، وليس حبا في أبو جرة سلطاني؟ ثم ألم يكشف هذا الأخير أن حمس في الحكومة وليست في الحكم، وأن مسألة التحرر من التحالف ستقرر في بداية جويلية المقبل؟!
-
الواقع أن الخلاف ما بين خليدة تومي، والهاشمي جيار، أو بين الوزراء الآخرين، كان يجب أن ينتهي بانتصار طرف على الآخر، سياسيا وحكوميا، وأن تتمظهر صورة الانتصار في استقالة المنهزم إن تمسك برأيه ومشروعه، ولكن لأننا، نعيش زمن التضامن مع الكراسي وليس التضامن مع الشعب أو مصلحة الوطن، فلا تتوقعوا أن تقرأوا يوما أو تسمعوا خبرا عن استقالة الوزير الفلاني، إلا إذا أقيل أو استدعي لمهام أخرى، يتضامن فيها مع نفسه مجددا.