الرأي

تغوّلٌ نقابي!

رشيد ولد بوسيافة
  • 4217
  • 20

النتيجة الخطيرة التي آل إليها إضراب قطاع التربية الذي دخل شهرَه الثالث في ولايتي البليدة وبجاية، وأسبوعَه الثاني في بقية ولايات الوطن، والتي تتمثل في بروز موقف لدى الرأي العام الذي أصبح ينظر إلى الإضراب على أنه تهديدٌ لاستقرار المجتمع، بسبب تغوُّل نقابة معينة وتعسّفها في استخدام حق الإضراب بالشكل الذي يضرّ المدرسة ويهدد مستقبل التلاميذ.

عندما تشنُّ هذه النقابة إضرابا مفتوحا في ولاية وتطالب بإقالة مسؤول معين وإلا لن توقف الإضراب، فإن هذا يعدُّ خروجا عن التقاليد النقابية المعروفة، وعندما تتمسك هذه النقابة بمحضر قديم يعود إلى سنة 2014 وتشلُّ المدارس بسببه، فإن هذا لا يمكن فهمه إلا في إطار الابتزاز النقابي الذي لا يقبل به أحد.

لقد كنا ولا زلنا في “الشروق” منبرا للنقابات بكل تفرّعاتها، ولم تكن مقالاتنا ولا ندواتنا بردا وسلاما على وزارة التربية الوطنية عندما تعلق الأمر بالبرامج التربوية ومشاريع الإصلاح ومواد الهوية والقرارات الارتجالية التي كانت تُتخذ بشأنها، لكن هذا لا يمنعنا من أن نقول: لا للإضراب المفتوح؛ لأن الثمن الذي يدفعه المجتمع كبير، ولا يمكن مقارنته بمصالح ضيِّقة تحصل عليها النقابة من وراء الإضراب.

كما لا يمكن أن نعترض على الإجراءات الصّارمة التي اتخذتها وزارة التربية في حق المضربين لضمان تمدرس أبنائنا، ومن حق الوزارة، بل واجب عليها أن تتحمَّل مسؤولياتها وتضمن السير الحسن للدروس، لأن الأمر زاد عن حده، وأصبحت الأوضاع خطيرة جدا في المؤسسات التربوية التي مسها الإضراب، حيث الصّراعات على أشدها بين الأساتذة المضربين وغير المضربين، وبين المضربين والأساتذة المستخلفين الذين عُيِّنوا بدلا عنهم، وتم إقحام التلاميذ في الصراع من خلال تحريضهم على رفض الدراسة عند المستخلفين وصراعات أخرى مع الإدارة ومع الأولياء لا مجال لذكرها.

وهذا لا يعني أن النقابات ليست على حق عندما ترافع عن مصالح الموظفين، ولعل الإضراب المزمع تنظيمه لمدة يومين فقط، من طرف تكتل يضم أربع نقابات معروفة باتزانها قد ينتزع بعض الحقوق بشرط أن تبادر الوزارة بفتح باب الحوار مع هؤلاء والاستجابة قدر الإمكان لمطالبهم المشروعة، حتى لا يُفتح الباب أمام المغامرين بمستقبل التلاميذ عبر الإضرابات المفتوحة عن العلم والتعلم وهو أمرٌ لا يحدث إلا في الجزائر للأسف الشديد!

مقالات ذات صلة