-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
تقرير توثيقي استقرائي يرصد الاعتداءات على المسجد الأقصى والتفاعل معه

تقرير: عينٌ على الأقصى.. المشاريع التهويديّة في المسجد الأقصى ومحيطه (2)

تقرير: عينٌ على الأقصى.. المشاريع التهويديّة في المسجد الأقصى ومحيطه (2)

تصدر مؤسسة القدس الدولية منذ عام 2005 تقريرًا دوريًّا يرصد الاعتداءات على المسجد الأقصى وتطور خطوات الاحتلال الإسرائيلي تجاهه. ويعدّ هذا التقرير الخامس عشر في هذه السلسلة وهو يوثّق الاعتداءات على الأقصى ما بين 2022/8/1 و 2023/8/1.

الفصل الثاني: المشاريع التهويديّة في المسجد الأقصى ومحيطه

كشفت مادة الرصد لتقرير هذا العام عن استهداف إسرائيلي مكثف للمسجد الأقصى من جهاته الأربع، إضافة إلى باطنه وفضائه. ويبدو أنَّ الاحتلال يسير وفق منهجية توزيع مشاريع التهويد على ثلاث دوائر:

  • الدائرة الأولى الصغرى: هي المسجد الأقصى بكل مكوناته وملحقاته.
  • الدائرة الثانية: هي محيط المسجد الأقصى المحاذي له، والبلدة القديمة التي يقع فيها المسجد.
  • الدائرة الثالثة: هي حزام الأحياء المقدسية المحيطة بالمسجد الأقصى والبلدة القديمة من الجهات المختلفة.

وفي كل دائرة من هذه الدوائر انطلقت ماكينة التهويد على مدار العام المنصرم، على صورة حفريات، وأنفاق، ومبانٍ، وجسورٍ، ومصادراتٍ، وتزويرٍ، وتجريف، وقطارات. وكانت هذه الماكينة مدفوعة بحماسة اليمين الصهيوني الديني الذي استولى على مفاصل أساسية في حكومة نتنياهو، وزاد غلته في الكنيست. لقد سعى الاحتلال بكل قوته إلى إثبات سيادته على القدس والمسجد الأقصى في مدة التقرير، ومع كل مشروع تهويدي تعالت تصريحات رموز اليمين المتطرف بأنه من أجل تأكيد سيادة الاحتلال على المدينة ومسجدها. وفي هذا السياق جاء اجتماع حكومة نتنياهو في أنفاق الجهة الغربية، وإقرار ميزانيات ضخمة لتهويد القدس.

  1. جسر معلَّق في وادي الربابة

في تشرين الثاني/نوفمبر 2022 شرعت بلدية الاحتلال في القدس بالعمل فعليًّا على بناء جسر معلَّق للربط بين الجهة الجنوبية لوادي الربابة، والجهة الشمالية لجبل صهيون جنوب غرب سور القدس، وتبلغ تكلفة الجسر 20 مليون شيكل (نحو 5.6 مليون دولار أمريكي)، وتشرف على بنائه مؤسسات وجهات إسرائيلية عديدة. ويبلغ طول الجسر الهوائي 200 متر، بارتفاع 35 مترًا عن سطح الأرض، وعرض 4.5 أمتار. وفي أواخر تموز/يوليو 2023 أعلنت سلطات الاحتلال افتتاح الجسر رسميًّا، ليشكل أطول جسر معلق في القدس.

سيُمكِّن الجسرُ المُشاةَ من المرور فوق الأحياء المقدسية المختلفة، ويُشكل مرفأً سياحيًّا، لتسهيل وصول المستوطنين إلى المسجد الأقصى والبلدة القديمة وحائط البراق، فضلًا عن تسهيل وصول المستوطنين للحدائق التوراتية، وللمناطق التي تضم قبورًا وهمية في سلوان.

ويعوِّل الاحتلال على هذا الجسر وأمثاله من المشاريع التهويدية لتوظيفه في إطار غسل أدمغة الزوار والسياح، وتجاوز الحضور العربي والإسلامي في القدس، وتشويه الفضاء العمراني للقدس، وإغراق المدينة ومحيط المسجد الأقصى بأعداد كبيرة من المستوطنين والسياح، وتحويل أهالي الأحياء المستهدفة بالمشاريع التهويدية إلى أقلية محاصرة بلا أواصر تواصل جغرافي، ومستهدفة بالتضييق، والإزعاج، والتفتيش وغير ذلك من إجراءات تهدف إلى دفعهم إلى الهروب من هذا الواقع وترك بيوتهم وأراضيهم للمستوطنين والمنظمات الاستيطانية.

  1. الاحتلال يستولي على “أرض الحمراء” في سلوان جنوب الأقصى

في 27/12/2022 استولى مستوطنو الاحتلال على “أرض الحمراء” وشرعوا في تسييجها، وهي قطعة أرض تعود ملكيتها لكنيسة الروم الأرثوذكس، وتعد من أهم أراضي سلوان، وتبعد عن سور القدس الغربي نحو 300 متر، وهي ملاصقة لمسجد سلوان وعين سلوان. وبمجرد الاستيلاء عليها، بدأت فرق الاحتلال الحفريات فيها، معلنة أنها ستفتتح ما تسميه “بركة شيلوخ” الأثرية أمام حركة الزوار لتكون جزءًا من مسار ينتهي عند سفح السور الغربي للمسجد الأقصى.

  1. الاحتلال يضع بوابات إلكترونية على مدخل عين سلوان

في 22/1/2023 اقتحم مستوطنون من جمعية “العاد” الاستيطانية بلدة سلوان جنوب المسجد الأقصى برفقة ما تسمى “سلطة الطبيعة”، ووضع المستوطنون بوابتين إلكترونيتين لاستخدامهما ممرًا للسياح والمستوطنين من عين سلوان إلى الأنفاق، بدل الأعمدة الحديدية التي كانت موجودة. ومنعت قوات الاحتلال المواطنين ووفدًا من الأوقاف الإسلامية من الوصول إلى المنطقة للاطلاع على أعمال التهويد فيها. وبهذا الفعل يكون المستوطنون وجمعياتهم الاستيطانية قد سيطروا بالكامل على عين سلوان التي يدعون أنها مقدسة بالنسبة إليهم.

  1. “مزرعة في الوادي”..مشروع تهويدي في سلوان لجذب آلاف المستوطنين للقدس

“أطلقت جمعية “إلعاد” الاستيطانية مشروع “مزرعة في الوادي” بغية جذب آلاف المستوطنين في فلسطين المحتلة، واليهود من العالم إلى مدينة القدس، ضمن المشاركة في فعاليات ما يسمى “الحديقة الوطنية” التي أقيمت على أرض فلسطينية في بلدة سلوان. وذكرت صحيفة “هآرتس” العبرية أن معلمًا سياحيًا جديدًا للاستيطان ظهر لأول مرة في مدينة القدس في صيف 2023 تحت مسمى “مزرعة في الوادي”، إذ تعهدت جمعية “إلعاد” على موقعها الإلكتروني بتقديم “تجربة زراعية خاصة، تشبه تجارب المزارعين القدامى، تمامًا كما في العصور القديمة”. وأوضحت أن الأنشطة في المزرعة ليست سوى جزء صغير من الجهد العام الذي بذلته الجمعية الاستيطانية مع توسيع نطاق وصولها في بلدة سلوان جنوب المسجد الأقصى، إلى وادي “هنوم” جنوب غربي القدس. وأضافت أن “الأنشطة في المزرعة وصلت إلى ذروتها، وتضمنت جولات للمستوطنين وجنود الاحتلال وطلاب المدارس الدينية اليهودية، وورش عمل حول عصر العنب وجني الزيتون ونقش الحجارة”.

  1. استمرار التجريف في المقبرة اليوسفية

جددت سلطات الاحتلال الإسرائيلي في 1/9/2022 أعمال الحفر والتجريف في المقبرة اليوسفية بجانب باب الأسباط شمال مقبرة باب الرحمة، وبمحاذاة سور القدس الشرقي، وذلك بحماية مشددة من شرطة الاحتلال. وتستهدف سلطات الاحتلال المقبرة بمشاريع تهويدية عديدة منها إقامة حديقة على جزء من أراضيها لمنع استحداث قبور جديدة فيها للمسلمين. وتتعرض المقبرة منذ سنوات إلى هجمة من قبل سلطات الاحتلال عبر حفريات وصلت إلى مداميك أثرية قريبة من عتبة باب الأسباط.

  1. الاحتلال ماضٍ في مخطط القطار الهوائي ويستعد لإصدار مناقصات بنائه

أصدرت منظمة “عيمق شفيه” اليسارية الإسرائيلية تقريرًا في أيار/مايو 2023 ذكرت فيه أن الحكومة الإسرائيلية تمضي قدمًا في مخطط القطار (الهوائي التلفريك) الذي يربط الشطر الغربي من القدس بالشطر الشرقي من المدينة، وذلك تحقيقًا لمصالح المستوطنين. وأشارت إلى أنه “خلال الأشهر العديدة الماضية، صادقت لجنة تخطيط على عدة عقود تشير إلى أن اللجنة تتجه نحو إصدار العطاء لبناء مشروع التلفريك في القدس الشرقية في أقرب وقت ممكن”.

وأضافت إنه في حين يجري تسويق خطة التلفريك من خلال التركيز على دورها المزعوم في المساعدة على تنمية صناعة السياحة في القدس أو في تلبية احتياجات النقل الحيوية المفترضة، فإن الغرض من المشروع في الواقع هو تعزيز سيطرة المستوطنين في سلوان، ونهب الوجود الفلسطيني ومحوه من القدس”. وتابعت: “أُجبرت دولة إسرائيل على الاعتراف علنًا بأن تنفيذ مشروع التلفريك سيتطلب مصادرة الأراضي الفلسطينية المملوكة بملكية خاصة في حي سلوان في القدس الشرقية”.

ولفتت إلى أن خط التلفريك من المقرر أن ينتهي في مجمع “كيدم” الذي يديره المستوطنون من جمعية “العاد”، وهو قيد الإنشاء حاليًا عند مدخل حي سلوان، ويسير الخط بموازاة أسوار المدينة القديمة والمسجد الأقصى”. وقالت: “حصل مشروع التلفريك على الموافقة النهائية في أيار/مايو 2022 لكن لم تصدر مناقصة البناء بعد”، وتوقعت إصدار المناقصات لبناء التلفريك قريبًا.

  1. الاحتلال يعتزم إقامة مترو أنفاق القدس وتطوير القطار الخفيف

في كانون الثاني/يناير 2023 أعلنت مديرية التخطيط والبناء في القدس أنها بدأت التخطيط لإقامة مترو أنفاق في المدينة المحتلة بهدف ربطها بمدن وبلدات إسرائيلية عدة. وقد حظي المشروع بمباركة وزيرة المواصلات ووزير المالية، ويأتي ضمن رؤية إسرائيلية لسلخ القدس عن محيطها الفلسطيني تمامًا، وربطها بمستوطنات الطوق من حولها، وبالمدن الكبرى ولا سيما “تل أبيب”، ومنطقة “غوش دان”، ونقل أكبر عدد من المستوطنين اليهود من الشطر الغربي من القدس إلى محيط المسجد الأقصى. وخصصت بلدية الاحتلال في القدس ما يقرب من 29.1 مليون دولار لتطوير القطار الخفيف داخل المناطق الحضرية في القدس، وستقوم سلطات الاحتلال بمد خط سكك الحديد لربط مساكن الجامعة العبرية والمباني القريبة من قرية العيسوية الفلسطينية بمنطقة “جفعات رام” في الشطر الغربي من القدس.

  1. مخطط تهويدي جديد لإقامة “مقهى ومطلة” فوق حائط البراق

تخطط بلدية الاحتلال في القدس و”صندوق إرث المبكى” لإقامة “مطلة ومقهى” تهويدي فوق المدرسة التنكزية وحائط البراق، والأبنية المطلة على المسجد الأقصى المبارك. وذكر الباحث المقدسي فخري أبو دياب أن الاحتلال بدأ العمل على إقامة “المقهى والمطلة”، بعد أن وضع كل الترتيبات والإجراءات اللوجستية والفنية اللازمة لذلك، من كاميرات مراقبة، وإضاءة، وسلالم حديدية، وغيرها من التجهيزات. وأشار إلى أن المخطط سيُقام على مساحة 300 متر مربع فوق المنطقة المذكور، وأنه سيكون مفتوحًا على مدار الساعة للمستوطنين واليهود الذين لا يقتحمون المسجد الأقصى، لأسباب أيديولوجية ودينية.

  1. الاحتلال يواصل تهويد ساحة البراق وبناء منصة لصلاة اليهود “الإصلاحيين”

واصل الاحتلال استهداف ساحة البراق والسور الغربي من المسجد الأقصى؛ فقد استمرَّ في الحفريات جنوب جسر باب المغاربة بهدف إقامة مكان لأداء النساء اليهوديات واليهود “الإصلاحيين” صلواتهم وطقوسهم. وفي الناحية الغربية من ساحة البراق شرع الاحتلال في تنفيذ حفريات عميقة وجديدة ضمن مشروع “بيت هليبا” الذي سيتكون من ثلاث طبقات على الأقل، ومن المتوقع أن يربط الاحتلال بيت مشروع “بيت هليبا” ومشروع “بيت شتراوس” الواقع على بعد أمتار قليلة من حائط البراق، والذي افتتحه الاحتلال في السنوات القليلة الماضية.

  1. الحفريات أسفل الأقصى وفي محيطه

لم تتوقف معاول الاحتلال عن الحفر أسفل المسجد الأقصى وفي محيطه طوال مدة التقرير الذي أظهر أنَّ الاحتلال واصل الحفر في نفق يمتد من سلوان جنوب الأقصى ويخترق سور البلدة القديمة الجنوبي، ويتجه إلى منطقة ساحة البراق. ومن أبرز مخططات الاحتلال، حفر نفقين في عام 2023 أحدهما يمتد من منطقة مجمع عين سلوان التاريخي جنوب الأقصى باتجاه باب المغاربة وساحة البراق، والآخر ما زال العمل به مستمرًا يبدأ من منطقة عين العذراء جنوب شرق المسجد باتجاه القصور الأموية الملاصقة للسور الجنوبي للمسجد. ورصد التقرير كذلك استمرار الحفريات في ما يسمى “مدينة داود” و”تلة أوفل” جنوب الأقصى.

أما في الجهة الغربية من الأقصى، فقد أفاد باحثون مقدسيون إلى تسارع أعمال الحفر في شبكة أنفاق الجهة الغربية، وفي شهر شباط/فبراير 2023 كُشف النقاب عن نفق جديد تحت السور الغربي للأقصى. وذكرت تقارير أجنبية وعربية أن الاحتلال ماضٍ في تنفيذ حفريات تهدد بضياع آخر الآثار المادية لحي المغاربة غرب الأقصى. وأظهرت صور حديثة أساسات المسجد الأقصى الغربية وقد عرَّتها أعمال الحفر.

وفي الجهة الشمالية وسع الاحتلال رقعة الحفريات بين بابي العمود والساهرة، واستمر في تغيير معالم منطقة باب العمود، المدخل الرئيس إلى الأقصى من الجهة الشمالية للبلدة القديمة.

وتحدث باحثون فلسطينيون عن وجود خطر حقيقي على مصلى باب الرحمة بسبب الحفريات الإسرائيلية المتواصلة في الجهة الشرقية من المسجد الأقصى.

يتبع..

الفصل الأول: تطوّر فكرة الوجود اليهودي في المسجد الأقصى (رابط)

تصدره مؤسسة القدس الدولية في الذكرى السنوية لإحراق المسجد الأقصى

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!