الرأي

تقشّفوا أنتم أولا!

رشيد ولد بوسيافة
  • 4729
  • 13

إجراءات التقشف التي تفكر فيها الحكومة، والتي أعلن عنها وزير المالية كريم جودي، تجعلنا نتساءل عن مدى فهم الحكومة لواقع المواطن الذي يغرق يوميا في مشاكل المعيشة بسبب ارتفاع معدلات التضخم التي حوّلت الزيادات “المعتبرة” في الأجور إلى لا شيئ.

في البلدان التي تحترم نفسها تكون أول فئة تطبّق عليها إجراءات التقشف هي الفئات الميسورة والإطارات والمسؤولين في الدوائر الحكومية، أما عندنا فإن أول فئة فكرت فيها الحكومة هي فئة المسحوقين في الوظيف العمومي، الذين ينتظرون بفارغ الصبر صب المخلفات المالية قبيل رمضان ليتمكنوا من مواجهة جشع التجار والسماسرة.

عوض أن تتجه الحكومة – التي تركت كالمعلقة – إلى اعتماد سياسة رشيدة في إدارة المال العام، ووضع حد للفساد المستشري في كل الإدارات، والتصدي لأولئك الذين يبذرون أموال الشعب في أنشطة لا طائل منها بشهادة عضو من هذه الحكومة، عوضا عن كل ذلك تفكر الحكومة في التضييق على المواطن وإغراقه في مزيد من الأزمات.

متى نسمع عن تخفيض رواتب الوزراء إلى النصف، ومتى نسمع عن إلغاء رواتب النواب في المجلس الشعبي الوطني وفي مجلس الأمة، على أساس أنهم ممثلون للشعب وليسوا موظفين في الدولة؟، ومتى نسمع عن إلغاء حفلات ومآدب البذخ في كل مناسبة لأنها تكلف الملايير من أموال الشعب.

لا يمكن أن تدفع الطبقات المسحوقة ثمن إخفاق سياسات وبرامج غير مدروسة جيدا، ولم تأخذ التقلبات والأزمات العالمية بعين الاعتبار، ولا يمكن تغطية هذا الإخفاق بتراجع أسعار البترول في الأسواق العالمية، ذلك أن أسعار البترول التي بلغت مستويات قياسية هي التي غطّت على كل السياسات الخرقاء التي اعتمدتها الجزائر، بما فيها تلك التي استهدفت شراء السلم الاجتماعي ببرامج استعراضية لصالح الشباب.

ابدؤوا بأنفسكم أولا، في أية سياسة جديدة للتقشف، وساعدوا هذا الشعب المسكين بالتخفيف من نفقاتكم الخيالية، وحافظوا على أموال الشعب التي هي بين أيديكم، حينها يمكن أن نعطيكم الحق في أن تتجهوا للمواطن وتقنعوه بأن يقبل بسياسة للتقشف أو الإنفاق الحذر أو أية تسمية ترونها مناسبة.

مقالات ذات صلة