الرأي

تلاميذ الأنابيب

عمار يزلي
  • 3105
  • 5

ونحن ننهي مبكرا امتحانات نهاية السنة، التي هي نهاية عهد بابا أحمد ونهاية العهدة الثالثة، والتي هي في نفس الوقت بداية للعهدة الرابعة والعهدة الأولى للوزيرة الجديدة، نتساءل عن حجم ثقل مسؤولية السيدة نورية، التي ورثت هذه القنبلة الموقوتة! مهمة لن تكون امتحان نهاية سنة، إنها امتحان استمرار تحد لإصلاحات قد لا تصلح البتة! فالمسألة هي مسألة خيارات وقناعات إيديولوجية سياسية، تمخضت عن تحول في مسار إسقاط المنظومة التربوية ذات التوجه العربي الإسلامي الوطني في عهد “على بن محمد”، نحو مسار مستغرب، يقال عنه “منفتح”، حتى لا يقال عنه “منفضح” أو “منسلخ”، بدأ منذ عهد لجنة بن زاغو، ولايزال إلى اليوم هذا الزيغ سائرا رغم الانتكاسات غير المسبوقة الزيغ.

وجدت نفسي اسمي “أبو جهل” ـ لا حول ولا قوة إلا بالله ـ وزيرا للمظلومة “التغبوية”، وكان علي أن “أسلح” (على) ما لم يصلح إصلاحه. قلت لهم في مجلس الحكومة (الرئيس لم يحضر، لأن الكرسي كان عند الميكانيسيان!): “التعليم راه ديرانجما”، يخصنا مختصين في القزدير والنحاس و”الشاليمو ولاسودير”، ويخصنا نعين “بني أمية” في كل المناصب الحساسة، ويخصنا نبدلوا المعلمين القدماء بالجدد. التلاميذ ماراهمش كيما بكري، يخصنا “نرقعوا المستوى” و”نسوديوا” العقول و”نبلامبيو” الأمخاخ ونحشو الأدمغة نتاعهم بالشيفون. بعدها، أخرجت لهم مجسما معدنيا يشبه أنبوب الصرف “غير الصحي”، هو عبارة عن سلسلة أنابيب متصلة مع بعضها بوصل غير قابل للفصل، تبدو كفقرات أفعى “الأناكوندا”! قلت لهم: من هنا يدخل الصبي للحضانة، ثم من هنا “يفوت” للابتدائي، ثم “يتسرب” للأنبوب المتوسط، ثم “يباصي” لليسي، ثم “يباكلي” ويدخل للجامعة! هكذا، يخرج التلميذ، محشوا الدماغ بأي شيء، لا يعرف شيئا، حتى يؤمن بأي شيء يقال له عن أي شيء! المهم عندنا أن لا يخرج أي تلميذ من “الأنبوب” فاهما، قبل سن “البغول”. عندئذ، من يخطئ، يدفع الثمن. قبل ذلك، لابد من حراسته واعتباره في حالة حضانة وفي وضعية “أطفال أنابيب” طويلة الأمد. نحن لا يهمنا أن يتعلم، لأننا لسنا بحاجة “للمثقف” بقدر ما نحتاج لبعض المتعلمين، لكتابة التقارير والسكرتاريا وتدبيج الخطب والنصوص التنظيمية، وما تبقى، نستوردهم بالمال، والمال “متفور”، ولله الحمد، والعلم متوفر.. والعلم لله!

نحن بحاجة “لأشعب” هادئ، مقولب، معلب، معد للتصدير ومهيأ ليصبح وفقط حيوانا استهلاكيا.

وأفيق وابنتي الجامعية الأديبة تسألني: الأسنان، تكتب بالسين وإلا بالصاد؟

مقالات ذات صلة