-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
عودة إلى التظاهرات الثقافية وانتظار للجزائريين

تونس ترمم قطاع السياحة من جائحة كورونا

تونس ترمم قطاع السياحة من جائحة كورونا

تونس كغيرها من دول العالم، تأثرت بشكل أو بآخر بتداعيات جائحة كورونا، وكان القطاع السياحي في البلاد من أكثر القطاعات تضررا جراء الجائحة، علما أنه كان يساهم بـ14 في المئة من إجمالي الناتج الداخلي للاقتصاد، التي أصابته بشلل وتراجع عدد الوافدين بنسبة 80 في المئة والعائدات السياحية بـ64 في المئة.

السفر في زمن كورونا
غيرت كورونا نمط السفر الاعتيادي بعدما كان مقتصر على تذكرة السفر فقط، لكن مع الجائحة يتطلب التوجه لـ”الشقيقة الصغرى” الحصول على التلقيح ضد فيروس كورونا، ورخصت السلطات الصحية هنالك بدخول الملقحين بسينوفاك – كورونافاك وفايزر ومودرنا وجونسون آند جونسون وسبوتنيك وأسترازينيكا، زياد على اشتهار تحليل PCR سلبي.
وقبيل الصعود الطائرة المتوجهة لتونس، يراقب العون المكلف بالتسجيل الوثائق ومن ذلك التحليل وشهادة التلقيح ولا يسمح لأي كان بالتسجيل ما لم يستظهر الوثيقتين، خاصة وأن عقوبة مالية قدرها 7500 أورو ستدفعها الخطوة التونسية (الرحلة كانت على متنها) في حالة ثبوت مغادرة مسافر دون تلقيح.
وبعد مضي ساعة من السفر، ستجد نفسك مرة أخرى في نفس الأجواء، لا مغادرة لمطار تونس قرطاج الدولي، دون المرور على المراقبة الصحية والتي تشترط إظهار شهادة التلقيح.
معضلة السفر في زمن كورونا لا تقتصر على التراخيص الصحية، بل الحصول على تذكرة أصلا، خاصة بعد تقليص الرحلات بين البلدين إلى 6 رحلات أسبوعية (3 للجوية الجزائرية و3 للجوية التونسية)، هذا وأعلنت وزارة النقل رفع عدد الرحلات من 6 إلى 12 رحلة أسبوعيا، ومن شأن هذا الاجراء التخفيف نوعا ما من الضغط الذي تسجله الشركتين لضمان الطلبات الكبيرة للمسافرين.

“البروتوكول الصحي” صرامة في التطبيق.. وعلى الجميع الالتزام به
مع إعلان الحكومة التونسية فتح حدودها أمام السياح الأجانب وكذلك المواطنين الراغبين في زيارة بلادهم، في الـ27 جوان 2020، اشترطت الحكومة على جميع الوافدين سواء كانوا من المواطنين أو السياح إبراز شهادة مخبرية تثبت التحليل السلبي (PCR) لكوفيد-19، والتلقيح، وزيادة على ذلك الالتزام بالبروتوكول الصحي.
يأتي البروتوكول الصحي في الفنادق والمطاعم، في 24 صفحة كاملة، وتؤكد السلطات أن الالتزام الحرفي به مسألة لا جدال فيها، هذا الوجوب والالتزام وقفت عليه “الشروق” في الفنادق التي زارتها بالعاصمة تونس وجربة جنوب البلاد وفي مدينتي تورز ودوز على الحدود التونسية، رغم اختلاف تصنيف الفنادق بين 4 و5 نجوم، لكن الأمر الوحيد أن لا تلاعب بالبرتوكول الصحي.
من شأن البروتوكول الصحي الذي يبدأ من بوابة الفندق باستظهار شهادة التلقيح، ثم قياس درجة الحرارة واستعمال المعقم قبل الدخول لردهة الفندق، زيادة على ارتداء الكمامة الطبية، سبيلا ناجعا لتجاوز انتقال العدوى بين الزبائن وموظفي المؤسسات الفندقية.
ويستمر العمل في جميع أجنحة الفندق ومرافقه بالبروتوكول الصحي، حيث تم تقييد عملية تقديم الطعام بما في ذلك في مطاعم الخدمة الذاتية، حيث يتولى عمال الفندق تقديم الطعام بدل من الزبون نفسه.
تطبيق البروتوكول في تونس، وخاصة شهادة التلقيح مسالة جد حيوية، ويتم اظهارها وفق الشروط التي وضعتها السلطات العمومية على جميع المحلات والأروقة الكبرى، وهو ما عاينته “الشروق” في العاصمة تونس على سبيل المثال، حيث يتولى موظف استقبال مراقبة شهادات التلقيح لمن يرغب في دخول المحل.

وللأمن نصيب وافر من الحضور
إيلاء الاهتمام بالجانب الصحي، لا يعني التفريط في الجانب الأمني، خاص وأن عمليات إرهابية شهدتها البلاد سابقا أثرت بشكل كبير على القطاع السياحي، وعلى هذا الأساس كان لزاما سد جميع المنافذ أمام أية عملية إرهابية خاصة في ذروة الموسم السياحي بالجنوب التونسي، الذي شهد توافدا كبيرا للغاية بجربة، وبمدينتي دوز التي احتضنت المهرجان الدولي الصحراء، وتوزر التي شهدت مهرجان الواحات.
تظاهرات بذلك الحجم، استوجب من السلطات المعنية تجنيد أكبر عدد من مصالح الأمن، بما في ذلك الوحدات المتخصصة، ومن ذلك فوج الطلائع للحرس الوطني (جهاز امني شبيه بالدرك لكنه يتبع وزارة الداخلية) والفوج الوطني لمواجهة الإرهاب BAT.
كما تم تعزيز نقاط التفتيش الثابتة والمتحركة، لا سيما في الطريق بين توزر والشبيكة على الحدود الجزائرية، حيث يمكن مشاهدة نقاط المراقبة للحرس الوطني ودوريات الحرس الديواني (الجمارك التونسية).

حجوزات 100 بالمئة في الجنوب التونسي
نتيجة للتأثيرات التي أحدثتها جائحة كورونا على توافد السياح الأجانب على تونس، كان لزاما على السلطات التوجه للسياحة الداخلية، حيث كسبت الرهان في هذا الجانب، وبلغة الأرقام أكد والي توزر محمد أيمن البجاوي أن الولاية سجلت انتعاشة سياحية تزامنا مع عطلة الشتاء والمهرجانات واحتفالات آخر السنة.
ولفت إلى أن نسبة امتلاء الوحدات السياحية بلغت 100 بالمائة، مشيرا إلى أن عددا من زائري الولاية الذين لم يقوموا بالحجز بصفة مبكرة أصبحوا مجبرين على قضاء ليلتهم في ولايات مجاورة.
وفي فندق “صحراء دوز” و”المرادي توزر” وتزامنا مع مهرجاني الصحراء والواحات، والعطلة الشتوية، كان التوافد على الفندقين وغيرهما من المؤسسات الفندقية كبيرا للغاية، ووجد الكثير من الزوار صعوبة لإيجاد غرف للمبيت.
وعن التظاهرة الثقافية، قال وزير السياحة التونسي، محمد المعز بلحسين، إن المهرجان الدولي للصحراء بدوز يعتبر موعدا وطنيا هاما ذو أبعاد دولية، ويكتسي أهمية كبرى من حيث التاريخ والإشعاع له قدرة كبيرة على استقطاب الزوار من داخل تونس وخارجها وهو ما يساهم في تطوير الحركة السياحية والاقتصاديّة بالجهة، وأشار إلى أن كافة المؤسسات السياحية بالجهة من نزل ومخيمات ومحطات تنشيط تشهد انتعاشة هامة خلال هذه الفترة التي تتزامن مع العطلة المدرسية، وأضاف أن دعم وزارة السياحة لمثل هذه المهرجانات يهدف إلى مزيد الارتقاء بهذه التظاهرات السياحية والثقافية.

الفن في خدمة السياحة… “جربة هود” نموذجا
زيادة على الشهرة البالغة التي تحظى بها جزيرة جربة وأزقتها العتيقة، أحدثت تظاهرة “جربة هود” وهي تظاهرة في فن الشارع، قام خلالها 150 رسام من 30 دولة برسم 250 لوحة جدارية في مدينة الرياض بالجزيرة صدى عالمي.
وبعد النجاح الباهر الذي حققه مشروع “حربة هود1” عاد مرة أخرى صاحب الفكرة الفنان مهدي بن الشيخ للعمل ولكن بطريقة أخرى تضمن ديمومة التجربة، حيث تم منح الفنانين والرسامين العنان لخيالهم والسماح لهم برسم لوحاتهم على جدران المساكن قد أعطاها صورة مختلفة، حيث يستمتع الزوار بمشاهدة الرسوم في أزقتها ومساراتها الملتوية الغيرة لمحاولة الكشف عن الأعمال التي تم الكشف عنها هنالك.
وبهذا حققت تجربة “جربة هود” نجاحا باهرا فاق كل التوقعات، فإلى جانب عشاق الفن التشكيلي، حضرت الشخصيات من مختلف المشارب وجميع الجنسيات لمشاهدة الأعمال الجدارية، لدرجة أن حضور فعاليات تّجربة هود” أصبح أمرا ضروريا لأي زائر يصل الجزيرة.
كما كان لوسائل الإعلام الدولية الاهتمام البالغ بالتظاهرة حث تم نشر 2000 مقال وتقرير صحفي في شهر واحد بـ”نيويورك تايمز، الجاردجيان، لاروبوبليكا، بي بي سي نيوز، فرانس انتر”.
وأحدثت تظاهرة “جربة هود” تأثيرات اقتصادية ايجابية غير متوقعة، حيث ارتفع سعر العقارات في المنطقة إلى 1200 و1500 دينار تونسي /بين 7.2و 9 ملايين سنتيم جزائري/، للمتر المربع، وأصبحت الحارة الصغيرة المكان الرائج والمحبب للطبقة المترفة والفنانين والمشاهير لامتلاك منزل ثان.

14 ألف جزائري في جزيرة الأحلام و450 ألف على معبر حزوة وانتظار لعودتهم مجددا
للجنوب الغربي لتونس، علاقة وطيدة مع الجزائريين، ويُعد المعبر الحدودي الطالب العربي/ حزوة منفذا مفضلا لدخول آلاف الجزائريين سنويا إلى التراب ا التونسي، وفي هذا الخصوص يقول المندوب الجهوي للسياحة بقبلي محمد الصايم في تصريحات لـ”الشروق”: على هامش افتتاح المهرجان الدولي للصحراء بدوز”اليوم نحتفل بالدورة الـ53 للتظاهرة وهو شيخ المهرجانات من مواليد 1910 وكان اسمه عيد الجمل، والمهرجان اليوم له القدرة على جذب واستقطاب السياح من داخل وخارج الجمهورية، وله زخم ثقافي يجمع تاريخ الجهة من الجنوب التونسي ويحاول الحفاظ على خصوصية وعادات السكان، كما يساهم في الحركة الاقتصادية”.
ويتابع الصايم حديثه بالتعريج عن العلاقة مع الجزائر “لنا حدود وروابط مع الجزائر البلد الشقيق والعلاقات التي تربط البلدين أثرت عليها جائحة كورونا التي حالت دون وصول بعض للمشاركة في المهرجان، علما وأنه سنويا نسجل عبور ما لا يقل عن 450 ألف جزائري عبر بوابة حزوة…نعم العدد تقلص كثيرا مع الجائحة لكن الأمل أن تتحسن الأوضاع بسرعة ويعود لنا الأشقاء الجزائريون في اقرب فرصة”.
كما تعتبر جربة التي توصف بـ”جزيرة الأحلام”، جهة مفضلة للجزائريين، وفي هذا الخصوص يقول المندوب الجهوي للسياحة بجربة هشام المحواشي لـ”الشروق”: “جربة أكثر من 100 نزل و100 وكالة أسفار، الجزيرة وخلال النسق العادي في 2019 سجلنا حوالي 1.2 سائح و7 ملايين ليلة وهو تقريبا ربع النشاط السياحي في البلاد، كما أن للجزائريين نصيب من النشاط السياحي حيث زارها 14300 سنة 2019، علما وأن الطائرة هي الوسيلة الأفضل للوصول إلى الجزيرة، حيث كان هنالك 17 رحلة غير منتظمة خاصة من وهران، وبعد فتح الحدود نأمل في تحسن الأرقام”.
نستفسر المحواشي عن مميزات جربة التي تجعلها وجهة محببة للسائح الجزائري والغربي، فيقول ” الخصوصية في الجزيرة المناخ فهو ناعم صيفا وشتاء، إضافة إلى ثراء المناخ الثقافي فهي متحف في الهواء الطلق باعتبار كل التاريخ والموروث الثقافي موجود ويعاش يوما، واللباس التقليدي والأكلة التقليدية والهندسة المعمارية والمتجول يكتشف المعالم من خلال الرحلات السياحية”.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!