-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

ثقل التوازن الجزائري في علاج الأزمة الليبية

ثقل التوازن الجزائري في علاج الأزمة الليبية

لا شيء يمنع ليبيا من تجسيد توافق وطني، يعيد لها وحدتها من جديد، سوى الأطماع الإقليمية والدولية، الراغبة في توسيع دائرة نفوذها، وتغيير خارطة القواعد الاقتصادية في البحر الأبيض المتوسط.

التوافق الوطني أمر طبيعي حاصل في المجتمع الليبي، توافق اجتماعي “شعبي” لا يجزئ المجتمع الواحد بتنوع قبائله وأقاليمه، ما هو غائب التوافق السياسي للتيارات والفئات والفرق المؤدية دور الوكيل لحاضناتها الإقليمية والدولية، والمنفذ لخططها وسياساتها في تراب ليبيا المراد التحكم به وتقسيمه على مقاساتها.

واقع تدرك الجزائر حقيقة تفاصيله وهي ترعى اجتماع دول جوار ليبيا، وتضع جدول أعماله بدقة لا يهمل أصل الأزمة وفروعها، اتفق عليه المشاركون، واعتنوا في بحثه المعمق وصولا إلى موقف إقليمي موحد، يغلق أبواب التدخلات الخارجية المهددة لأمن شمال إفريقيا وحدوده الجنوبية.

الأمن القومي لدول الجوار، محور جوهري في اجتماع دول جوار ليبيا، ينطلق أصلا من وحدة الموقف الوطني الليبي، واستقراره الأمني بثوابت سياسية لا تخضع لتدخلات خارجية، يضع التفاصيل التنفيذية في مقدمة اهتمامات الدول المشاركة.

إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية في موعدها المعلن 24 ديسمبر المقبل، الاستحقاق الأول الذي ينتظر استقرار ليبيا، بنقلها إلى مرحلة جديدة تعيد فيه وحدتها واستقرارها.

هذا الاستحقاق الإنتخابي المتفق عليه وفق آليات المجتمع الدولي بالتنسيق مع الأطراف الليبية، مازالت تعترضه العراقيل والمطبات، التي تنذر بتعطيل تنفيذه في الموعد المحدد، أمام غياب الإطار القانوني لتنظيم الانتخاب لحد هذه اللحظة، في ظل تباطؤ البرلمان الليبي على وضع صيغه النهائية وتشريعه بغية اعتماده.

والإشكالية الانتخابية لا تقف عند هذا الحد، فهناك أطراف تحتضنها قوى إقليمية، ترى أن الانتخابات أمر سابق لأوانه، في إطار أولوية الاستحقاقات المبرمجة افتراضا، وتدعو إلى وضع اعتماد دستور أولوية لا تسبقها أي أولوية أخرى، ويبدو أن أحدا لم يأخذ بوجهة نظر هذه الأطراف الباحثة عن ضمان وجود لها في إطار دستوري مفقود حاليا، فالمجتمع الدولي ودول الجوار مصرة على إجراء الانتخابات في موعدها المعلن باعتبارها المخرج الرئيس من دائرة الأزمات.

ملفات عدة يضعها الراعي الجزائري لاجتماع دول الجوار الليبي، تلتقي في النهاية بقاسم مشترك، لا ينفصل أحدها عن الآخر، في إيجاد حلول شاملة لأزمة طوت عقدها الأول.

ملف على قدر عال من الأهمية، هو ملف توحيد المؤسسات المنفصلة بين الشرق والغرب، وأضحت عنوانا لبلد مجزأ، وعلى رأسها المؤسسة العسكرية بفروعها الأمنية.

هذا ما دعت إليه الجزائر، وتبنت العمل على تحقيقيه بدعم من المجتمع الدولي ودول الجوار المتأثر سلبا سياسيا واقتصاديا وأمنيا بالواقع الليبي المضطرب، وتجسد فيما قاله وزير الخارجية رمطان لعمامرة باعتباره أمرا لا بد من ضمانه في مسار المصالحة الوطنية: “يقتضي مواصلة الجهد لاستكمال توحيد مؤسسات الدولة الليبية وتحقيق المصالحة الوطنية” .

وذهب الموقف الجزائري إلى أبعد من ذلك، بالدعوة إلى إخراج وسحب جميع القوى الأجنبية والمرتزقة من كامل التراب الليبي، باعتباره قاعدة من قواعد الاستقرار في ليبيا ودول الجوار.

جدول اجتماع دول الجوار الليبي برعاية جزائرية وضع النقاط على الحروف، كما وضع جميع الأطراف في ميزان واحد، دولية وإقليمية ووطنية أمام مسؤوليتها في وضع حد للاضطراب الليبي، فالجزائر اعتمدت على إحياء القاسم المشترك بين تلك الأطراف، بحكم امتلاكها لمفاتيح التوازن بين القوى والحاضنات المتصارعة.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!