جدتي أتعبتنا.. لماذا لا ترعاها عمتي؟!
سيدتي الفاضلة، أنا فتاة من الجزائر، أعيش مع أبي وأمي وجدتي ولي 9 من الإخوة والأخوات، وأنا أكبرهم ، جدتي معوقة لا تتحرك من فراشها منذ 3 سنوات، وليس لها من الأبناء إلا أبي وعمتي التي توفي زوجها.
المشكلة إننا نعاني جداً في رعاية جدتي، ورغم ذلك لا ترحمنا وخاصة أمي من مرارة لسانها والدعاء علينا، وللأسف أبي لا يقدر ذلك نهائياً، ويقول لأمي أن جدتي سوف تمكث عندنا، وعندما طلبت أمي من عمتي أن ترعى والدتها خاصة وأن عمتي بصحة جيدة، ولديها فتاتين فقط في الثانوية، غضب أبي وقال لها إن لم نرعى جدتي فلتذهب أمي من البيت دون رجعة!
نحن – الأحفاد – ننام مع جدتي رغم الروائح الكريهة وسبها ولعنها لنا طوال اليوم، ونغير لها ثيابها ثلاث مرات يومياً، فهل يجوز لعمتي ترك والدتها بهذا الشكل، فهي تخرج للتنزه مع بناتها، وتعيش كل فتاة في غرفة خاصة بها، ونحن لا نستطيع الخروج بسبب جدتي، ولا أستطيع أن استقبل صديقاتي بسببها، ولا أعيش مثل باقي البنات في عمري، فقد كتب علي أنا وأخوتي خدمة جدتي ونعاني من التعب والشقاء، كما إنني أرعى أخوتي الصغار بسبب تعب أمي. أليس هذا ظلماً؟؟
عائشة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الرد:
أهلاً بك يا صغيرتي على صفحات جواهر الشروق، والله أسأل أن يجعل تعبك هذا، وتعب أخوتك ووالدتك في ميزان حسناتكم.
وصف الله تعالى مرحلة الشيخوخة في القرآن بأنها مرحلة ” أرذل العمر” لأنها فترة معاناة من كثرة المرض وضعف الجسد وقلة الحيلة، وهو ما يؤدي إلى المتاعب.
وقد وصف رسولنا الكريم هذه المرحلة عندما قالت الأعراب: يا رسول الله! أنتداوى؟ قال: نعم عباد الله تداووا فإن الله عز وجل لم يضع داء إلا وضع له دواء إلا داءً واحداً قالوا: وما هو قال: الهرم. ( أي: الشيخوخة لا دواء لها ).
وفي مرحلة الشيخوخة يا عائشة يصبح العجوز كالطفل، يثور لأتفه الأسباب، قد يرفض الطعام، ويبلل فراشه، وغيرها من المظاهر التي لا يتقبلها الكبار، لكنها سمات هذه المرحلة، ولذلك وصانا عز وجل بالآباء والأمهات وبرهم في هذه الفترة.
جددي نواياكِ في رعايتك لجدتك، وبركِ لوالدكِ، وليكن هدفك هو طاعة الله عز وجل، والأخذ بيد والدكِ وكونك عوناً له لبر أمه، حتى لو كان لسانها سليطاً، ودعاؤها مريراً، وليكن رجاؤك أن يكتب الله لك السعادة والتوفيق بهذا الجهد الكبير.
شرعاً يا عائشة الابن هو المطالب برعاية والدته، بحيث ينفق عليها ويخدمها، وهنا أٌقول لك الابن هو المسئول وليست زوجة الابن، إن زوجته عاونته فجزاها الله خيراً، فهي قد تعاونه عن طيب خاطر وليس فرضاً عليها، لذلك لا يجب على والدك أن يقول لها أن تترك البيت!
عمتك سوف تحاسب بالتأكيد على تركها لوالدتها، لكن لا تلقي لها أنتي بالاً، فجزاء عدم البر شديد، ويكون في الدنيا قبل الآخرة.
لا تحزني يا عائشة وانظري للجاني المملوء من الكوب، فقد تكوني في ابتلاء بسبب جدتكِ، وبسبب ضيق الحالة المادية، لكنك بالتأكيد فتاة جميلة، متعكِ الله تعالى بالصحة والعافية والستر، لديك أب وأم تنامين بينهم كل يوم، هناك من في مثل عمرك يا حبيبتي من فقدت والديها، أو تنام في المخيمات اللاجئين، أو من تشوهت في الحرب، أو من ابتلاها الله بمرض لا تنام من ألمه، فاحمدي الله عز وجل واصبري وجددي نواياكِ.
وفي المقابل أيضاً لا مانع أن تسعدي نفسكِ بما هو متاح، لا مانع أن تخرجي مع صديقاتكِ بالنهار مرة بالأسبوع، وخلال هذا الوقت تتولى والدتك شئون جدتكِ، على أن تنجزي كل مهامك طوال أيام الأسبوع، وأن تتركي والدتك تستريح.
كذلك مارسي بعض الهوايات المفيدة خلال وقت الفراغ، كالتطريز، والقراءة، أو حتى المشي نصف ساعة يومياً في مكان مفتوح في الهواء الطلق مع تلاوة الأذكار.
لا مانع أن تتعبي يا عائشة مع والدتكِ وجدتكِ وأنتي بصحتكِ، ووالله سوف يكافئكِ الله تعالى بهذا.
تمنياتي لك بالسعادة والتوفيق
للتواصل معنا:
fadhfadhajawahir@gmail.com