-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

جرائم تفجير المساجِد على السّاجِد

جرائم تفجير المساجِد على السّاجِد

نبرؤ إليك –اللّهم- مما يأتيه، بعض المسلمين، في ديار الإسلام، من تجويعٍ للجميع، وتفجيرٍ وتكفيرٍ، فبعد محاصرةٍ وتجويع، وترويع زغبِ الحواصل، والأمّهات الحوامل، وما تبعَ ذلك من مهازِل، ها هي الطائفية العمياء، والعصبية الرّعناء، تنزعُ القداسة عن المعابدِ، فتفجّرُ المسجِد على العابد، وتحكمُ بتكفير السّاجد والشّاهد.

  فأيّة عقيدة هذه، التي تبيحُ التجويع والتّرويع، وتُفتي بالتكفيرِ والتفجير؟ وأيّة مذهبية –أيًّا كان دينها- تُقدِم على اغتيال البراءة، بهذا الأسلوب من الدّناءة، فتشوّه وجه الإسلام، وتدوسُ على إنسانية الأنام، باسم الإسلامِ المظلوم، والحقّ الإنساني المهضوم.

كنّا نعيبُ على المتعصّبين الغربيين، والنازيين الصهيونيين، مما يفعلونه بالمسلمين، والفلسطينيين، فنُسلِي النّفسَ بأنّ هؤلاءِ كفرة، لا يحكمهم دين، ولا تزجرُهم قوانين. لكن ما الحيلة إذا كان هذا الذي يُصيب المسلمين في ديار الإسلام من بني جلدتهم يقولون بألسنتهم: لا إله إلا الله، ويشهدون “بأنّ عليًا وليُّ الله”.

فهل يرضى الإسلام، تحت أيِّ عنوان مذهبي كان الإعدام الجماعي الذي يتّمُ باسم الحصار السياسي، الطائفي، المفروض على بعض مناطق سوريا كمضايا، وإدلب، وغيرها؟ ألا تصفر وجوه القائمين على هذا الحصار وهم يرون المناظر المخجِلة، لبقايا الإنسان من الأطفال، والنّساء والشيوخ، وهم يُحتضرُون جوعًا، ويرفعون أكّف الدّعاء إلى الله، بأن ينتقم لهم، من الذين فرضوا عليهم الجوع وسط خصوبة وغنى الرّبوع، فحرموهم الماء بعد تجفيف الجداول، ومنعوهم الدواء، والهواء، بعد تسميم وتلويث المصحّات والمعالم؟.

ألاَ تبًّا لزمرةٍ تهُون عليها القيم الإنسانية وتستخّف بالمعتقدات الإسلامية، بل وتتعرّى من أدنى المبادئ السياسية في تنظيم علاقة الرّاعي بالرّعية.

ولا تزال دموعنا منهمرة من هول هذا المشهد العدواني، على العقيدة الإسلامية والحقوق الإنسانية في سوريا الشهيدة، حتى روّعتنا العراق بتصاعد جزرها الطائفي، وعنفها الأعمى بالقتل على الهويّة، روّعتنا أكثر بالإقدام على جريمة التفجير المذهبي المقِيت لمساجد السنّة، بيوت الله، التي تهدِم منابرها، وتحرقُ مصاحفها، ويُقتل ساجِدُها، وعابدُها، ولا من “ذنبٍ” لها إلاّ “سنيّتها”… فيا للرزيّة، مما تفعله الفتنّة الطائفية! {وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَن يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ، الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ، إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ}[البروج:8/10].

يحدث كلّ هذا في زمن الدعوة إلى حوار الأديان، ومؤتمر التقريب بين المذاهب. فإذا كان علماء الشّام والعراق من السنة يعلَمون هذا ويصمُتون، فإنّ السّاكت على الحقّ شيطانٌ أخرص.

وإذا كان علماء المذهب الشيعي يعلمُون هذا ويُباركونه بالقولِ أو بالصمت تقيّةً، فكيف يكون جوابهم أمام الله يوم يقوم النّاس لربِّ العالمين؟ وإلا فما هو المبرّر لكلّ هذا التجويع، والتّرويع، والتفجير، والتكفير، دينيًا أو سياسيًا، أو أخلاقيًا أو إنسانيًا؟.

تالله إنّنا لفي حرجٍ كمسلمين من هذا الذي تقدّمه لنا شاشات التلفزيون العالمية من مآسي إنسانية، تحدث في سوريا والعراق، واليمن، وغيرها.

لقد سبق وأن أعلنَّا، بأنّ إعدامَ عالمٍ أو زعيمٍ سياسي، في أيّة بقعة من العالم، منذ إعدام “سيِد قطب” إلى الشيخ “النمر” هو خطأ أيًّا كانت الجرائم المنسوبة إلى هذا العالِم… فالإعدام يجعل من المعدوم شهيدًا زعيمًا يتبرّك النّاس بقبره، ويترحمّون على موته، ويتقرّبون إلى الله بسبّ معدِميه.

لئن كان هذا هو موقفنا من إعدامِ عالِم، أيّ عالِم، فماذا يكون موقف كلّ العقلاءِ من إعدامِ الصّبية، الرّضع بالتجويعِ والقضاءِ على السّجد الرّكع بالتكفير والتبديع؟.

جزى الله الفاعلين المقدِمين على هذه الجرائم بما يستحقّون. فقد فتحوا على أمّتنا جرحًا غائرًا لا يندمِل، وشتاتًا طائفيًا مذهبيًا لا يكتمِل. فما هو المخرجُ –إذن- من هذه الفتنّة العمياء، التي يبوءُ بإثمها دعاةُ الطائفية العمياء، الذين يغتالون النّاس على الهويّة، ويهدِمون الصوامعَ والمنابر على أساس المذهبية؟ {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا}[البقرة: 114].

لقد بلغ السّيلُ الزُّبَى، واشتدّت عتمة الليل المظلِم، في سماءِ أمّتنا، ولم يعُد مقبولاً سكوت العلماء، والأمراء، والحكماء، والعقلاء، أمام الدّموع التي تسيلُ أنهارًا، والدّماءُ التي تُسكَبُ جهارًا، والأعراضُ التي تُنتَهكُ نهارًا.

آنَ الأوانُ، لأنْ يضطلع كلّ واحدٍ بمسؤوليته، لوضعِ حدٍ لهذه المآسي السياسية، والدينية، والأخلاقية.

فإنْ لم يطفِئها عقلاءُ قوم، فإنّنا نُوشِكُ –في القريبِ العاجلِ- أن نبحثَ ذات يوم عن أمّتنا فلن نجدَها، ويومها نندم ولاة حين مناص، نحن –يشهدُ الله- قد بلّغنا، فاللّهم فاشهدْ!.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
  • ابرهيم

    و الله العظيم انتم و امثالكم العلماء افسدتم الاسلام باكاذيبكم على الله و الرسول ص انتم فتحتم الطريق للفساد و خراب الامة ماذا تنتظرون من عامة الناس و انتم ضمنتم لهم الجنة عندما تقولون الموحد لا يخلذ في النار مهما كان او يكون عمله بدون توبة اي ذنب اكثر و الله سبحانه عندما حذرنا من الاكذوبة اليهود في كتابه حتى لا نكون مثلهم و لكن غرتكم الدنيا و اصبحتم اكثر منهم أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ ووصفكم الله في كتابه بالْكَافِرُونَ حَقًّا لانكم تكتمون الحق و انتم تعلمون

  • عصام

    "فإن مع العسر يسرا , إن مع العسر يسرا" 5-6 الشرح

  • علي

    إيران (وادواتها) بمشروعها التوسعي تعيث فساداً في طول العالم الاسلامي و عرضه ، ا ناشرة الطائفية الانقسام والكراهية والحروب الأهلية والخراب، ولن يعود الاستقرار بدون الاستقرار في المشرقبدون إيقاع هزيمة لا تحتمل الشك بهدا المشروع....... أي حل آخر ليس سوى وهم.

  • amine

    يحرقون ويهدمون المساجد في المقدادية، ويقتلون المدنيين، ثم لا أحد يصفهم بالإرهاب أو يستنكر، بل ويتهمون السنة ما رأينا أخبث من هؤلاء حسبنا الله ونعم الوكيل

  • رضا

    Apropos de « Francisco, Cardinal Jiménez de Cisneros », sur l'Encyclopædia Britannica.: Avant que ces réformes fussent véritablement appliquées et acceptées, du moins dans le clergé régulier, elles entraînèrent les protestations de certains ecclésiastiques auprès du Saint Siège ou de la reine Isabelle et même l'exil de plusieurs centaines d'entre eux en Afrique du Nord, où ils se convertirent à l'Islam كيف لرجال دين مسيحيين يفرون من سيسنروس و يعتنقون الاسلام إذا لم تكن سماحة للقائمين عليه

  • رضا

    Le massacre de Cholula est une attaque réalisée par les forces militaires du conquistador espagnol Hernán Cortés lors de sa marche vers la ville de Mexico-Tenochtitlan en 1519.
    Selon les chroniqueurs et Hernán Cortés lui-même, il s'agit d'une action préventive en vue d'une possible embuscade à l'intérieur de la ville de Cholula où ils avaient été accueillis.
    Il en résulta la mort de 5 000 à 6 000 Cholultèques, des civils désarmés pour la plupart, en moins de six heures

  • رضا

    عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب ، ورجل قال إلى إمام جائر فأمره ونهاه فقتله " " قال الحاكم :صحيح الإسناد وكذاصححه السيوطي والالباني ....و سكوت العلماء بل و تأِييدهم للاسد و غيره من الطواغيت هو الذي أوصلنا الى ما نحن عليه من ذل و هوان....

  • رضا

    (والله وحده يعلم مافعلتموه في اسبانيا وشمال افريقيا ووو) كلام الحمقى يريدون الصاقه بالمسلمين كرها في العرب ..... إقرأ ماذا فعل الاسبان على يد الكاردينال دو سيسنيروس بالمسلمين و اليهود بعد سقوط الاندلس و كيف هرب اليهود الى بلاد المغرب ....و ماذا فعل الصليبيون في القدس على يد رونو دو شاتيليون و غيره...و ماذا فعل الاسبان بالهنود عند اكتشاف امريكا الجنوبية علي يد كورتيز ( HERNAN CORTES)... هذه الجرائم من فعل العرب؟ عنصرية نتنة تخرج من ناس محسوبين علينا....

  • بدون اسم

    السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته،
    تحية تقدير واحترام لشيخنا الفاضل
    من هذا المنبر أوجه ندائي لعلي أجد آذانا صاغية،
    ولكم منا كل الشكر والتقدير والاحترام.
    حبذا لو تنظم ملتقيات وطنية، لما لا دولية تعرفنا بشيوخنا ومثقفينا وهم على قيد الحياة،
    - ربي أيطول في عمرهم- ولنكن جميعا في الصورة.
    نحن نعرف جيدا مكانة ومنزلة أستاذنا الكريم قسوم
    والسلام عليكم

  • الياس

    شكرا دكتور على هذا التنبيه القيم و التحذير من الفتن و تذكير الامة بالتزام بالوحدة ، لانه يجب على الامة ان تعي المشاريع الشيطانية التي تخطط لها و للاسف هناك من الاعراب من يساعد على ذلك ، و كلنا يتذكر من افتى بقتل العالم البوطي رحمه الله و من ينفخ نار الفتن ليلا نهارا بتكفير طوائف و مذاهب اسلامية عريقة و حتى بلدان اسلامية باكملها خدمة لسياسات غربية ، نعم حان الوقت للعلماء و المثقفيين و السياسين الاحرار للوقف في وجه المخربيين و قول كلمة كفى

  • ترامب

    ولماذا كنتم تقولون لنا ان حروبكم *العرب* على الغير فتوحات
    وحروب الغير على الآخرين استعمارات
    مهما فعلت امريكا واسرائيل وانجلترا لا يساوي شيئ اما م ما فعله العرب
    في العشرية الحمراء ومافعله عرب الجزائر *الفيسيست* في الجزائر
    والان وما تفعلوه في اليمن وسوريا وو
    وما فعلتموه بليبيا و ....
    والله وحده يعلم مافعلتموه في اسبانيا وشمال افريقيا ووو
    والان اصبحت الامور مختلطة عليكم
    تلجأون للكفرة والعلمانيون والمثليين للصلح بينكم
    ولا تختبئوا بالمفرادات التالية= الفتنة وما شابه ذلك

  • جزائري فقط

    يقول صاحب المقال "..فإنّنا نُوشِكُ –في القريبِ العاجلِ- أن نبحثَ ذات يوم عن أمّتنا فلن نجدَها..."
    وأنا كمسلم غاضب أقول اللهم عجل بهذا ااموعد وعندها تتكل كل دولة على نفسها دون الشعارات التافهة من: الكلام على قومية عربية ، و التهديد ب 1.5 مليار مسلم الذين سينتهشون ويغزون العالم، و التباهي بكذبة خير أمة أخرجت للناس ، و الجزم بإن الدين عند الله الإسلام دون ان يتفقوا أي اسلام الخ.. من التفاهات وخطابات شيوخ الفتنة المقرفة.