الشروق العربي
"الشروق العربي" تدخل باب المغاربة بالقدس الشريف..

جزائريون شيدوا صرح المغاربة ببيت المقدس.. والآن تخلوا عنه

الشروق أونلاين
  • 27572
  • 13

حينما سئل “صلاح الدين الأيوبي” من قبل حاشيته عن سبب إسكان المغاربة عند السور الغربي للمسجد الأقصى “حارة المغاربة”، مع أنها منطقة سهلية يمكن أن يعود منها الصليبيون مجددًا، كون الجهات الثلاث الأخرى وعرة، أجاب بقوله: “أسكنت هناك من يثبتون في البر، ويبطشون في البحر، من أستأمنهم على هذا المسجد العظيم، وهذه المدينة”….ولأن قيمة المكان وأهميته تفرض تسليط الضوء على ما آل إليه في زمن العبث، ارتأت “قصة مكان” لهذا العدد أن تستقرئ واقع “باب المغاربة” اليوم.

باب المغاربة، هو أحد أبواب المسجد الأقصى المبارك العشرة، وسمي بذلك نسبة للمجاهدين المغاربة الذين قدموا من الجزائر وتونس والمغرب، وانضموا إلى جيوش الفاتح الإسلامي صلاح الدين الأيوبي أثناء جهاده لتحرير المسجد الأقصى.

ويعتبر رئيس قسم المخطوطات فيه الدكتور”ناجح بكيرات” باب المغاربة من أهم الأبواب المفتوحة التي تؤدي إلى المسجد الأقصى ويقع في الجهة الغربية الجنوبية منه، وكان يعرف بباب النبي (ص) أو البراق سابقا، وهو الباب الوحيد الذي أخذت سلطات الاحتلال الإسرائيلي مفاتيحه ولم تعدها للأوقاف الإسلامية في القدس حتى الآن، ويضيف الدكتور: “باب المغاربة يقع فوق مسجد البراق حاليا، ويعتبر أرض وقف إسلامي خاصة بالمغاربة، إكراما للمجاهدين المغاربة الذين رابطوا مع القائد صلاح الدين الأيوبي على الباب وعرفوا بجهادهم وعطائهم، وانشأوا حارة المغاربة أو حارة الشرف وزاوية أبي منصور الغوث هناك”.

وأضاف الدكتور بكيرات أن حارة المغاربة توسعت وتحولت إلى قرى كاملة مثل قرية عين كارم، وبقيت وصية على الحائط الغربي للمسجد الأقصى حتى جاء العدوان الإسرائيلي عام 1967م وهدم الحارة ونقل سكانها بعيدا عن الباب إلى مخيم شعفاط.

وتابع: “منذ ذلك الوقت بدأت السياسة الإسرائيلية بالحفريات والتهويد ومصادرة الأراضي، كما عمدت إسرائيل إلى إلغاء باب المغاربة وإزالة التلة تحته وإنشاء جسر حديدي، حيث تسعى مخططات الاحتلال إلى توسيع ساحة حائط البراق المجاور لباب المغاربة وبناء كنيس ومدارس ومبان دينية يهودية ومتاحف تتحدث عن الرواية اليهودية المزيفة ومركز شرطة وتوسيع حائط البراق والذي يطلق عليه الصهاينة حائط المبكى، وكل هذا قبل سنة 2020”.

ويرى بكيرات أن ما يحدث من جهة باب المغاربة يعني أننا أمام تغيير جيوسياسي هام في هذه المنطقة، وعملية تهويد كبيرة، تمهيدا لبناء الهيكل المزعوم فوق أنقاض المسجد الأقصى المبارك.

بدوره يقول الصحفي المقدسي راسم عبد الواحد: “إن الهدف من بناء الجسر الحديدي على باب المغاربة هو السماح لكميات كبيرة من الجنود الصهاينة وعرباتهم العسكرية والمستوطنين والسياح اليهود بدخول المسجد الأقصى والاعتداء على المصلين المسلمين، كما أن الاحتلال منع بعد انتفاضة الأقصى عام 2000م نحو 50 ألف مقدسي من حي سلوان من الدخول من باب المغاربة للصلاة في المسجد الأقصى رغم أن هذا الباب هو أقرب الأبواب إليهم، كما خصص الاحتلال الصهيوني باب المغاربة لجنوده وشرطته والمستوطنين اليهود والسياح فقط”.

وحذر عبد الواحد من أن باب المغاربة يقع فوق تلة يقوم الاحتلال اليوم بتجريفها مع  أنها تحتوي على كنوز وآثار إسلامية هامة، وذلك بهدف توسعة حائط البراق “المبكى” والسيطرة على أجزاء جديدة من المسجد الأقصى وتغيير معالم المنطقة بالكامل بعد إزالة حارة المغاربة أو حارة الشرف والتخلص من سكانها أحفاد المجاهدين المغاربة.

الجزائريون مازالوا هنا…

وكشف الدكتور “بكيرات” أن أحفاد المجاهدين الجزائريين مازالوا موجودين في مدينة القدس المحتلة وكذلك آثارهم التي تتمثل في زاوية “أبي مدين الغوث”، وهي الزاوية الوحيدة التي بقيت في المنطقة الغربية الشمالية في ساحة البراق على بعد 300 متر من حائط البراق، حيث تتواجد عشر عائلات جزائرية، ولكن هذه العائلات يضيق عليها الاحتلال باستمرار وهي محصورة في مبنى واحد فقط.

وقال بكيرات: “إن أحفاد الجزائريين ينتشرون في أحياء القدس ولهم أوقاف ودكاكين لازالت إلى اليوم”.

وأوضح رئيس قسم المخطوطات أن الأرشيف المقدسي يحتوي على خطابات واضحة من أحياء جزائرية تحتج على هدم حائط البراق، وتوضح كيف هب الشعب الجزائري في كل مدنه استنكارا لما جرى في باب المغاربة من تغيير وعدوان، وتؤكد أن أهل الجزائر لهم آثار واضحة في منطقة باب المغاربة.


ووجه بكيرات رسالة إلى الجزائريين جاء فيها: “كنتم دوما خدما وحراسا للمسجد الأقصى، فلا تتخلوا عن هذه المهمة في الوقت الذي تخلى فيه الناس عن المسجد الأقصى، وأجساد أجدادكم مازالت في منطقة باب الرحمة ومقبرة مأمن الله من العلماء والمجاهدين الجزائريين الذين استشهدوا عند أسوار مدينة القدس، ونأمل من حكومة الجزائر وشعبها أن يكون لهم حضور ومطالبة ليست كلامية وإنما حقوقية، ومحاكمة دولة الاحتلال على جرائمها في إرث آبائكم وأجدادكم، وأعتقد أن الجزائريين وهم شعب المليون ونصف مليون شهيد قادرون على نصرة القدس وأن يكون لهم الدور الريادي في تحرير القدس الشريف بإذن الله”.

مقالات ذات صلة