الشروق العربي
يعيشون تحت سقف واحد

جزائريون يفضلون (الكونكيبيناج) أو “المساكنة” على الزواج

الشروق أونلاين
  • 15207
  • 21

رغم أن ظاهرة المساكنة مرفوضة جملة وتفصيلا في المجتمع الجزائري المحافظ، إلا أنها موجودة وتفرض علينا علامات استفهام، كيف يمكن أن تكون ملامح هذه الحياة التي يعيشها شاب وفتاة تحت سقف واحد من دون أن يربط بينهما الزواج؟ هل يحقق هذا النوع من الارتباط متطلبات كل منهما؟ ما السبب الرئيس الذي يدفع الشبان والشابات إلى مثل هذا النوع من الارتباط؟ هل هو الجنس، أم الرغبة في كسر الموروث والثورة على الدين؟ وهل تنتهي المساكنة عندما يفقد الجنس بريقه ويبدأ كل منهما في البحث عن شريك جديد؟

حب على ضفاف الحرام

في أحد احياء العاصمة الراقية يعيش عادل 35 سنة مع صديقته الفرنسية “لوسيل دافان” في بيت واحد منذ 3 سنوات، حتى وإن كانا يقطنان في أكبر المدن الجزائرية إلا أن وضعيتهما صعبة حسب تصريحاتهما بسبب الجيران والمحيط، يقول عادل “لوسيل ترفض الزواج الآن وتقول أنها غير مستعدة له وأنا أنتظر الوقت المناسب لمفاتحة أهلي في الموضوع”، ويضيف “أهلي لا يعرفون أنني أسكن مع لوسيل”… بالنسبة لابنة مدينة تولون الفرنسية “فضلت العيش مع عادل، لأني مغرمة به وتركت كل شيء ورائي وتبعته”.

ويبدو أن هناك نوعا من التواطؤ من المجتمع فيما يخص الرجال الذين يساكنون أجنبيات مغرمات، فحكيم صحفي في جريدة  فرانكوفونية يقطن مع صديقته الانجليزية التي تكبره سنا بـ5 سنوات وتدعى ميرديث.. هذا الأخير أكد أنه لا يواجه أي مشكل مع عائلته التي يقول أنها متفتحة، غير أنه وجد مشكلة في ايجاد شقة للإيجار واضطر للبحث في الأحياء “الشيك”، أين ثمن الإيجار مرتفع ولا يطالب فيها بإثبات الزواج.

ليلة القبض على العاشقة

هناك  الكثير من  القصص تنتهي تفاصيلها في أروقة المحاكم، ففي مرات عدة يتم القبض على شباب مع صديقاتهم تحت سقف واحد دون عقد زواج شرعي أو حتى إداري، وتتم ملاحقتهم بتهمة الدعارة، إلا أن هذا الرادع القانوني لا يخيف البعض مثل لامية 25 سنة وحبيبها السابق رياض 33 سنة اللذان جربا العيش سويا في مدينة وهران، بعيدا طبعا عن أهلهما، فلامية أفهمت أمها الأرملة أنها تعيش مع زميلتها في العمل. تقول لامية: “لقد ندمت أشد الندم على تجربة الكونكيبناج، كنا نقطن في الطابق الأخير من عمارة في حي شعبي ولا يمض يوم إلا وتنعتني احدى الجارات بالعاهرة كلما التقتني…كنت أظن أن لا شيء  قد يحدث لي مادمت مع من أحب”، وينقطع نفسها كمن تغرق في دموعها “اكتشفت مع الوقت أن رياض يخونني مع أخرى لديها شقة، وعندما واجهته صرخ في وجهي “لست زوجتي…”، فقلت له: “أنت من يرفض الزواج”؟، فرد باستهزاء: “أنا عندما أتزوج اختار بنت فاميليا ماشي…”، لم ينه الجملة ولكن قصة الحب المزعومة انتهت بعودة لامية إلى بيت أمها تحمل كفن شرفها في يديها الملطختين.

الكونكوبينة… أو الزوجة الثانية

لا توجد إحصائيات ولا أرقام حول المساكنة، لكنها موجودة تحت تسميات أخرى، فهناك من الفتيات من يعشن في شقق يكتريها أثرياء متزوجون، يحسبون الشباب يعود يوما رغم كثرة المشيب، ورغم أنهم لا يقضون مع بعض سوى بعض الليالي، إلا أن هذه الحالة تعد كونكوبيناج مؤقت. هناك ايضا من المتزوجين من يرفض الزواج بثانية بسبب زوجته الأولى أو بسبب ما يترتب عن العرس من مصاريف كثيرة، لكنهم لا يتوانون في المعاشرة الحرام باكتراء شقق يزورنها كل سنة مرة.

بروباغندا الحلال

جل الذين سألناهم عن رأيهم حول المساكنة، عارضوا بشدة الفكرة، منطلقين من خلفية دينية وبروبغاندا ضد أي علاقة حرام… نفت إيمان 28 سنة أن تكون هذه الفكرة قد مرت في ذهنها ولو مرة “هذا مخالف للشرع والقانون وأي مستقبل وأي استقرار لبيت دون زواج”، أما نسيمة 32 سنة موظفة فتقول “الزواج أمان، فأي أمان سينعم به شخصان منبوذان من المجتمع، وهناك أيضا مشكل الإنجاب والنسب والمشكلات العائلية، خاصة من جانب المرأة” .

حمود، تقني سامي في الإعلام الآلي، يدق مسمارا في نعش المساكنة قائلا “الحب هو اكتشاف الآخر بحقيقته وتفاصيل حياته، وتعهد من الرجل للمرأة ان يحميها ويؤازرها وهذا ما يجلبه الزواج، ومن يقول ان الزواج نهاية اقول له بل هو بداية كل خير”.

مساكنة… أو تمرد

يؤكد اخصائي علم الاجتماع سيد علي سيلمي أنه من بين الأسباب التي تشجع على المساكنة التحرر المادي للمرأة، التي أصبحت تعتمد على نفسها ولا تحتاج لأهلها لتحقيق الذات، بالإضافة إلى انتشار الفلسفة الوجودية في مجتمعنا، إذ اصبح الفرد يعيش لنفسه، واختفى مفهوم التعايش والتضحية، وحل محله مفهوم البحث عن الملذات، وما يحدث في حدائقنا دليل على حجم الكبت الموجود داخل الشباب، زد على ذلك موجة تقليد الغرب في كل شيء.

مقالات ذات صلة