الرأي

جزائريون يموتون جوعا!

قادة بن عمار
  • 2238
  • 9
ح.م

من كان يتصوّر أننا في 2018 وبعد 56 سنة عن الاستقلال، سنطالع في الصحافة خبرا عن دخول امرأة وأولادها الثلاثة مستشفى بسبب الجوع؟!

الخبر نشرته “الشروق اليومي” الاثنين الماضي ويقول إن مصالح الحماية المدنية ببابار في ولاية خنشلة، نقلت عائلة من أربعة أفراد (أمّ وثلاثة أطفال) إلى مصلحة الاستعجالات وفي حالة مزرية جدا.

الجزء المفجع من الخبر ليس هنا، بل يتعلق بما كشفه الطاقم الطبي المناوب، إذ أكد أن أسباب تدهور الوضع الصحي لهذه العائلة يعود إلى الجوع وسوء التغذية، إذ لم يتذوقوا الطعام منذ ثلاثة أسابيع كاملة!

من كان يتصوّر يوما أننا سنصل إلى هذا المستوى المتدهور من الإنسانية الرخيصة وغياب الضمير وفقدان الأخلاق؟ فخلال كل صراعاتنا السياسية والحزبية وطيلة سنوات وعقود، حاربنا فيها الجميع لإبقاء هذا الوطن موحّدا ومستقرا، لم نتوقع يوما أننا سنجد في الجزائر شخصا يموت من الجوع، فهل تجاوزنا الخط الأحمر وبات الأمر ممكنا بل وعاديا جدا، لا يثير نشرُه وتناقله أيّ إحساس بالغضب أو بالوجع أو حتى بالمسؤولية!

أين هي الملايير المخصّصة للتحويلات الاجتماعية في كل قوانين المالية وافتخار السلطة بعدم رفع الدعم عن الفقراء والمحتاجين؟ أين هي الـ700 مليار سنتيم الإضافية التي ستحققها الحكومة هذه السنة فقط من وراء الحفاظ على سعر النفط في حدود الـ80 دولاراً؟ أين هم نواب البرلمان المنشغلون تارة بالدفاع عن زميلهم المتهم بالرشوة، وتارة أخرى بتدبير انقلاب على رئيسهم السعيد بوحجة؟!

أين هم رجال الأعمال الذين قامت السلطة بالعفو عنهم ضريبيا وتساهلت معهم في الكثير من المشاريع والصفقات والاستثمارات في سبيل فتح مناصب عمل وإعالة أسر على صعوبة الحياة؟ أين هي مصالح الضرائب وصندوق الزكاة ووزارة التضامن ومديريات النشاط الاجتماعي؟ أين هي عشرات الآلاف من الجمعيات الخيرية وتلك النوادي المنتشرة عبر الفايسبوك ومختلف مواقع التواصل الاجتماعي؟ أين هم شيوخ الدين ونجوم الرياضة ورواد الفكر والثقافة وخبراء الإعلام والسياسة، والشخصيات الوطنية والتاريخية والثورية؟!

أين هؤلاء جميعا؟ كلهم لن يساوي شيئا أمام امرأة تموت جوعا رفقة أطفالها ولا أحد سمع بهم، علما أن هذه الحالة وصلت إلى الإعلام ومع ذلك لم تحقق أيَّ أثر أو صدى، فما بالكم بعشرات بل مئات أو آلاف الحالات ربما، ممن قد لا يصل الإعلام إليهم؛ حالات بائسة يائسة قد يموت أصحابُها حقا ثم يصنَّفون ضمن وفيات القضاء والقدر وهم الذين ماتوا غدرا وتهميشا، والأهم من هذا وذاك، ماتوا تعففا من مدّ أيديهم للتسول أو ملوا انتظار المساعدة من الدولة فلم تأت، ومن رجال أعمال فلم يدق أحدٌ بابهم.. ولا حول ولا قوة إلا بالله!

مقالات ذات صلة