الرأي

جمهورية خارج الزمن‮!‬

رشيد ولد بوسيافة
  • 2375
  • 4

تتكرّر مع كل عيد ظاهرة الغياب الكلّي‮ ‬لكل مرافق الحياة من محلات وأسواق ومؤسسات استشفائية،‮ ‬رغم التهديد والوعيد من قبل السلطات المعنية بالشّكل الذي‮ ‬جعل كل تلك الضّجة التي‮ ‬يحدثها بعض المسؤولين قبل الأعياد مجرّد صياح ديكة‮ ‬ينتهي‮ ‬مفعوله في‮ ‬اللحظة ذاتها‮.‬

أين المحلات التي‮ ‬قيل إنها ستكون في‮ ‬خدمة المواطن‮ ‬يومي‮ ‬العيد؟ وأين تلك الوعود التي‮ ‬أطلقت بشأن توفير الحد الأدنى من متطلبات الحياة؟ وماذا عن العقوبات التي‮ ‬قيل إنها ستُطبق على المخالفين للتعليمات؟

وليت الأمر توقف على‮ ‬يومي‮ ‬العيد،‮ ‬بل إن الظاهرة توسّعت لقرابة أسبوع كامل قبل العيد وستستمر لأسبوع آخر لما بعد العيد،‮ ‬حيث تتضاءل الخدمات وترتفع الأسعار ويصبح حصول المواطن على ضروريات الحياة من خبز وحليب وخضر وخدمات الوقود إلى ما‮ ‬يشبه مهمة مستحيلة تستدعي‮ ‬التفرغ‮ ‬الكلي‮ ‬لها‮.‬

وبدل أن تبادر وزارة التجارة وباقي‮ ‬السلطات المعنية إلى التصدي‮ ‬لهذه الظاهرة السلبية التي‮ ‬جعلت المواطن‮ ‬يعيش في‮ ‬جمهورية خارج الزمن،‮ ‬حاولت هذه السلطات التّغطية عليها بالادّعاء أنّ‮ ‬نسبة المداومة‮ ‬يومي‮ ‬العيد بلغت‮ ‬95‮ ‬بالمائة‮.‬

وهذه النّسبة تعفيها من أي‮ ‬مسؤولية في‮ ‬متابعة المقصّرين والرّافضين لتطبيق التّعليمات،‮ ‬وبالتالي‮ ‬الرضا بالواقع الذي‮ ‬يفرضه التّجار في‮ ‬كل عيد بالشكل الذي‮ ‬حول هذه المناسبات السّعيدة إلى معاناة وحرمان من أبسط حقوق المواطنة وهي‮ ‬الحصول على ضرورات البقاء على قيد الحياة‮.‬

لقد‮ ‬غابت تماما هيبة الدولة،‮ ‬وتبدّد رادع القانون،‮ ‬وأصبح الجميع‮ ‬يتصرّف وفق هواه،‮ ‬ولا‮ ‬يقيم أدنى اعتبار لحقوق النّاس،‮ ‬والنّتيجة ما نراه من تسيّب وفوضى‮ ‬يدفع ثمنهما المواطن الذي‮ ‬يسدّد كذلك فاتورة لامبالاته واستقالته من مهمة القيام بأيّ‮ ‬دور رقابي‮.‬

ما‮ ‬يحدث في‮ ‬الجزائر لا‮ ‬يحدث في‮ ‬دول الجوار،‮ ‬حيث لا تزال الدّولة حاضرة وتدير شؤون النّاس،‮ ‬ولا تزال المؤسّسات تقوم بواجبها في‮ ‬رعاية مصالح النّاس،‮ ‬وحتى الأسعار حافظت على مستوياتها ولم تقفز بالشّكل الذي‮ ‬جعل سعر البطاطا مثلا‮ ‬يفوق سعر الدّواء‮!!‬

وتكفي‮ ‬الإشارة إلى سعر تذكرة الطّائرة من باريس إلى الجزائر الذي‮ ‬يصل إلى‮ ‬500‮ ‬يورو،‮ ‬فيما لا‮ ‬يتجاوز‮ ‬60‮ ‬يورو باتّجاه مطارات المغرب،‮ ‬وهذا مثال فقط على الحالة التي‮ ‬وصلنا إليها بسبب اعتماد السّلطات سياسة النّعامة في‮ ‬مواجهة المقصرين في‮ ‬واجباتهم نحو المواطن‮.‬

مقالات ذات صلة