الرأي

جوّع “شعبك” يتبعك!

قادة بن عمار
  • 6660
  • 16

أمسك الشيخ الستيني بحبة البطاطا التي جاوز ثمنها الـ120 دج للكلغ الواحد في أحد أسواق وهران الشعبية، وسأل بائعا شابا: “شحال التفاح؟” وهنا فهم البائع تلميح وغمز ولمز الشيخ فرد:” هذا كيوي ماشي تفاح يا الحاج!!”

القصة ليست نكتة ولا هي جزءا من رواية خيالية، أو حتى مشهدا من فيلم سينمائي أو مسلسلا سيعرض في رمضان المقبل، ولكنها جزء من الواقع الذي وصل إليه الجزائريون في 2012، واقع جعل السلطة تتخذ من شعار “الجزائر ربيعنا” ليكون عنوانا رئيسا لحملتها الداعية للانتخابات يوم العاشر ماي المقبل، في الوقت الذي اختار فيه شباب الفايسبوك أن يكون الشعار بلا منازع..“البطاطا ربيعنا الدائم!

الغريب أن جميع رؤساء وممثلي الأحزاب الذين يخرجون علينا دون استئذان عبر الشاشة، أو يظهرون هذه الأيام في المقاهي والمداشر والبلديات والقرى، باتوا يستعملون الصفة الغالبة في الجزائريين للحديث عنهم، فيسمونهم الزوالية والمساكين، ويعترفون بأن لا حول لهم ولا قوة، واعدين إياهم بحلول سحرية تُخرجهم من المحنة والفقر وحياة المذلة، رغم أننا لم نسمع أحدا من هؤلاء يطرح علينا حلا عاجلا لمشكلة واحدة، هي سعر البطاطا أو السردين مثلا!، الشباب في بعض البلديات الفقيرة يتهافتون هذه الأيام على المقاهي بحثا عن نواب المستقبل، فقد يصادف وجودهم دخول أحد هؤلاء الشباب لمقهى، فيضمنون على الأقل بأن القهوة خالصة من عند سي النايب!، حتى أن وزيرا من المرجح أن يكون رئيسا للبرلمان قال لبعض الشباب في مقهى شعبي بأنه سيجد حلا لمشكلة السوق الفوضوية وغياب طاولات للبيع أو مساحة كافية لكل التجار الشباب، مضيفا في مشهد نقلته الكاميرا: “هاذي ساهلة وحلها عندي بعد الانتخابات ودخول البرلمان”، رغم أن الأمر بسيط جدا بل وتافه، ولا يحتاج منه للفوز بالأغلبية أو الحصول على مقعد في الغرفة السفلى حيث يكفي اتصال تلفوني منه لصديقه الوزير من الحزب الذي ينتمي إليه الإثنان لحل المشكلة في بضع ساعات!، الأمين العام للمركزية النقابية المقرب من السلطة (بل هو أحد روافدها) عبد المجيد سيدي السعيد، قال أن أزمة البطاطا مفتعلة بمناسبة الحملة الانتخابية للتشريعيات المقبلة، وكلامه قد يكون صحيحا لأننا بدأنا نشهد انخفاضا محسوسا مع توالي أيام الحملة وقرب انتهائها، وربما سيفاجأ المواطنون بسعر قياسي ومتدّني جدا عشية الانتخابات المقبلة!، إلى متى ستظل السلطة تتعامل معنا وفقا لمبدأ “جوّع شعبك يتبعك” رغم أن هذا الشعب يستحق الأفضل مثلما يقول التاريخ، وتتحدث عنه المقدّرات الطبيعية والبشرية، وتشير إليه مختلف التقارير الرسمية وغير الرسمية، لكن ألا يقال أيضا..”كما تكونوا يولّى عليكم؟!

مقالات ذات صلة