-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

جيوشٌ عربية لمحاربة المقاومة!

حسين لقرع
  • 1048
  • 0
جيوشٌ عربية لمحاربة المقاومة!

بينما كانت الشعوبُ العربية والإسلامية، ومعها أحرار العالم، تنتظر بداية استفاقة ضمائر الحكّام المطبّعين، والمبادرة إلى إنهاء العلاقات مع الاحتلال الصهيوني، وكذا قطع الخط البرّي دُبي- حيفا الذي يزوّده بما لذّ وطاب من أغذية ومؤن، كشف الموقعُ البريطاني “ميدل إيست مونيتور” أنّ أربع دول عربية متورِّطةٌ في تزويد الاحتلال الصهيوني بالوقود برغم كلّ ما ارتكبه في غزّة من دمار ومذابح وأعمال إبادة وتطهير عرقي وتجويع ممنهج للفلسطينيين!

من جهتها، سارعت الولاياتُ المتحدة إلى إرسال 25 طائرة حربية من نوع “أف 35 آ” المتطوِّرة إلى الاحتلال ومعها نحو 1800 قنبلة عملاقة يزن بعضُها ألف كيلوغرام، وهذا استعدادًا لاجتياح رفح على ما يبدو، وبذلك تكتمل أركانُ الجريمة: الولايات المتحدة توفّر المزيد من الطائرات المُقنبِلة لقتل المزيد من الفلسطينيين وتدمير ما بقي من بناياتٍ سليمة في القطاع، والدولُ العربية الأربع توفّر الوقود لهذه الطائرات وغيرها لتؤدّي هذه “المَهمّة” بـ”نجاح”، فهل هناك فرقٌ جوهري بين الطرفين؟!

الولاياتُ المتحدة الأمريكية لم تُخفِ يوما أنها بلدٌ قد تصهْيَن حتى النخاع، ومنذ الأيام الأولى لحرب غزة تكفّلت بتزويد الاحتلال بكلّ ما يحتاجه من أسلحة وذخائر لتدمير القطاع وتهجير أهله تحت غطاء “القضاء على المقاومة”، وإلى حدّ الساعة قدّمت أمريكا للاحتلال نحو 300 طائرة و50 سفينة محمّلة بنحو 35 ألف طنٍّ من الأسلحة والذخائر ليُلقيها على رؤوس الأطفال والنساء بغزة، وهي تزوِّده بالمزيد برغم كلّ ما يُروَّج له من “خلافات” مزعومة بين بايدن ونتنياهو موجّهةٍ للاستهلاك، لذلك لا لوم على الولايات المتحدة المتصهينة، فموقفها العدائي للفلسطينيين واضحٌ منذ 75 سنة كاملة، إنّما اللومُ كلّه على هؤلاء العرب الذين لا يزالون يصرّون على التمسّك بعلاقاتهم مع الاحتلال برغم كلّ ما يرتكبه من مذابح يومية وحشية بحقّ الفلسطينيين، ومن دمار مهول يكاد يحوِّل غزة إلى منطقةٍ غير قابلة للحياة.. كيف يمكن أن يتابع هؤلاء الحكّامُ ما يرتكبه الاحتلال من جرائم موثَّقة بالصوت والصورة ولا تتحرّك ضمائرُهم ولا يبادروا إلى قطع العلاقات فورا بهذا الكيان الإجرامي الفاشي العنصري الذي امتلأت قلوبُ قادته وشعبه وجنوده المجرمين حقدا وكراهية للفلسطينيين؟! وإذا لم يقطعوا العلاقات لحساباتٍ سياسية ساقطة، كيف يقبلون بتزويد طائرات الاحتلال بالوقود ليواصل قتل “أشقائهم” بغزة؟! أليسوا بذلك شركاء في الجريمة؟ !هل يُعقل أن يكون حكامُ بوليفيا وكولومبيا والشيلي وفنزويلا وجنوب إفريقيا أكثر عروبةً ونخوة وشهامة وإنسانية منهم؟!

حتى اليهود أنفسهم بدأوا يتأثَّرون بما يجري في غزة من مناكر، فكم من مظاهرةٍ خرجت في الولايات المتحدة وغيرها تندّد بهذه الجرائم الهمجية التي تحدث باسمهم، وحتى الذين كانوا يؤيّدون الاحتلال عقب هجوم 7 أكتوبر عادوا وراجعوا مواقفهم، إذ قال المخرج اليهودي ستيفن سبيلرغ، وهو أحد أبرز المخرجين في هوليوود: “يمكننا أن نُعرب عن غضبنا من هجوم 7 أكتوبر، لكنّنا ندين أيضا قتل النساء والأطفال الأبرياء في غزة”. أليس موقفُ هذا المخرج اليهوديّ أكثر موضوعيةً وجرأة من مواقف الحكّام الخونة الذين يدعمون الاحتلال ضدّ المقاومة بكلّ الأشكال، برغم أنها تحوّلت إلى حرب إبادة ضدّ الفلسطينيين وليس ضدّ المقاومة؟!

بعد كلّ هذه المذابح والجرائم النازية أيضا، كشفت وسائل إعلام أمريكية وصهيونية عديدة عن استعداد ثلاث دول عربية لإرسال جنودها إلى القطاع ليكونوا جزءا من “قوة سلام متعدّدة الجنسيات” تتكفّل بـ”منع حماس من إعادة السيطرة على غزة بعد نهاية الحرب” في إطار خطّة تحدَّث عنها وزير الدفاع الصهيوني يوآف غالانت مع الإدارة الأمريكية منذ أيام؛ أي أنّ دورَ هذه القوات، التي ستتكفّل الولاياتُ المتحدة بتسليحها وتمويلها، هو مواصلة محاربة حماس نيابةً عن جيش الاحتلال المنهَك المهزوم الذي قد يغادر القطاع في أيّ لحظة ضمن اتفاقٍ على صفقةٍ لتبادل الأسرى!

عندما كان العربُ عربًا فعلا كانوا يقطعون النفط عن العالم خلال حروبهم مع الاحتلال، والآن هانوا وذلّوا وأصبحوا يزوّدون طيران الاحتلال بالوقود لقصف إخوانهم في غزة من دون أن يشعروا بأيِّ تأنيبٍ للضمير. وحينما كان العربُ عربا، كانوا يخوضون حروبا ضارية مع الاحتلال ويدفعون تضحيات جسيمة لتحرير فلسطين، والآن يستجيبون لطلب أمريكا والاحتلال إرسالَ جيوشهم إلى غزة لمحاربة المقاومة نيابةً عن جيش العدوّ برغم ما في ذلك من خطر على حياة جنودهم! أيّ زمنٍ عجيبٍ غريب هذا الذي انقلبت فيه المعاييرُ والقيم رأسًا على عقب!

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!