الشروق العربي
من الواقع

حب إنجاب الطفل الذكر.. هاجس الرجال وصداع النساء!

الشروق أونلاين
  • 13522
  • 11

تسود المجتمع في الآونة الأخيرة ظاهرة تفضيل إنجاب الذكر على الأنثى، ظاهرة قد تعود بنا إلى عصر الجاهلية، حيث كانت توأد الأنثى، وإذا ما تلقى أب خبر مولودة أنثى اسود وجهه كالغراب فورا، وهو ما يدخل في خانة الجهل والتخلف، خاصة بعد ما تعدى الأمر مسألة الاختيار إلى تبعات أخرى ومشاكل تتجرع مرارتها المرأة غالبا، وتدفع ثمنها في الأخير بطلاق أو تشرد في الشوارع.

هاجس لدى الرجال

تحول إنجاب الذكر من مُنى وشغف عند البعض إلى هاجس عند البعض الآخر وأصبح ذلك عاملا مشتركا بين الأزواج، إن لم نقل قناعة راسخة لديهم حتى أضحى ضرورة قصوى يتوجب توفرها، وفي هذا يقول أمين 32 سنة والذي التقيناه في حسين داي أن إنجاب “الولد” أصبح كل ما يريده في هذه الحياة، لذا تزوج للمرة الثانية والحمد لله أصبح له ولدان، كما وهبه الله ابنا من الزوجة الأولى بعد إنجابها لأربع بنات، ويضيف “أنا مسرور جدا لهذا، فأمنية أي رجل أن يكون له أولاد يكونون بمثابة السند له في حياته”. في حين يقول كريم 25 سنة أنه بالرغم من أن الابن والبنت لهما نفس المكانة بالنسبة له لأنهما من عند الله، إلا أنه بعد دخوله القفص الذهبي يتمنى من الله أن يرزقه بذكر لأن هذا الأخير سيحمل اسمه.

أمّا محند من تيزي وزو، فيقول إن الله رزقه بثلاث بنات، لكن أمه لم يرق لها ذلك وأرادت له الزواج بامرأة أخرى، لكنه رفض ذلك جملة وتفصيلا، ويضيف قائلا “اقترحت على زوجتي الذهاب إلى أحد المراكز الطبية، لمساعدتنا وتزويدنا ببعض النصائح لنتبعها، والحمد لله أنعم الله علينا بالابن المرغوب”.

جهل وتخلّف عند البعض

ورغم تطوّر مستوى الوعي لدى الجزائريين، وتأكيد الإسلام أنها عادة جاهلية يجب الابتعاد عنها، إلا أنه مازال الكثير منهم يرون في الابن الذكر رمزا من رموز التفاخر والاعتزاز ويفضّلون إنجابه على الأنثى، وتتحكم في ذلك عادات بالية أكل عليها الدهر وشرب، وفي هذا يقول عمي حسين 50 سنة وهو أب لست بنات والذي التقيناه ونحن في طريقنا إلى رويسو، أن الأبناء نعمة من الله سبحانه وتعالى، ويرى أنّ بعض أفكار التخلف تجعل من إنجاب الذكر مقدسا، فمن العيب أن نفضل أحد الجنسين على الآخر، فلسنا نحن من يختار ذلك، والله سبحانه هو الذي أمر بذلك سواءً كان ذكرا أو أنثى.

أمّا عمي عثمان والذي التقيناه أمام محطة الترامواي برويسو فيقول “لست أدري لماذا لا يحبون البنات وينظرون إلي نظرة الشفقة، كوني ليس لدي ابن، حتى أني سمعت أبي يعايرني بأبي البنات وكأن ذلك جرم.. أحب بناتي لدرجة لا تتصور، وأفعل أي شيء من أجلهن إن مسهن أحد بسوء، فكل بنت لها معزة كبيرة في قلبي”. 

مشاكل كبيرة بسبب الأنثى

 فإنجاب الذكور لا يزال هدفا مطلوبا وحلما يراود الجميع خاصة لدى الأزواج الجدد، وعادة ما يسبب العجز عن تحقيق هذا الحلم الذعر والخوف لدى الزوجات، فيتحول الزوج إلى وحش بشري، يتخلى عن إنسانيته عبر التهديد والوعيد وبالتالي الدخول في مشاكل كثيرة، وعن هذا تقول السيدة سميرة 32 سنة والتي التقيناها أمام المكتبة الوطنية بالحامة أنه رغم حبها له ووقوفها إلى جانبه دائما وفي أحلك الظروف، إلا أن ذلك لم يمنع زوجها من التخلي عنها دون وضع أي اعتبار لها أو العشرة التي قضياها معا، لا لشيء إلا لأنها رزقت بطفلة ثانية، في حين أنه كان يريد صبيا يحمل اسم عائلته بعد مفارقته الحياة. 

وتقول سيدة في العقد الرابع من عمرها التقيناها ونحن في طريق عودتنا إلى حسين داي أن زوجها لم يقم حتى بزيارتها في المستشفى بعد وضعها ابنة، أمّا أهله فلم يكلفوا أنفسهم حتى رفع سماعة الهاتف للسؤال عن الطفلة المولودة، بل أكثر من ذلك أن طريقة تعاملهم معها تزداد سوءا في كل مرة يزدان فراشها ببنت، وهو ما دفعها إلى إعادة الكرة في كل مرة لعل وعسى ترزق بطفل وتنتهي من هذه المشاكل التي أصبحت تؤرقها يوميا. 

في حين تقول مريم 36 سنة وهي أم لثلاث بنات، أنها تعيش حالة من الأرق كلما كانت تنتظر مولودا، خوفا من ورقة الطلاق، خاصة مع تهديدات زوجها المتواصلة، وما يزيد الأمر سوءا نظرة أهل زوجها الذين يستقبلون الأنثى بحزن كبير، وكأن الأمر يتعلق بجنازة لا بفرح ازدياد طفلة رزقهم بها الله.

مقالات ذات صلة