حتى تكتمل الثورة!
-
-
4654
-
4
أجمل ما في الرئاسيات المصرية التي ستبدأ اليوم، أنه ليس هنالك شخص مرشح للفوز بها سلفا، أو قبل التوجه للصناديق وإجراء عمليات الفرز، بمعنى آخر، أن عنصر المفاجأة سيظل موجودا حتى اللحظة الأخيرة، ويعدّ ذلك في حدّ ذاته، نجاحا كبيرا للربيع العربي وللثورات التي أسقطت الطغاة الذين تعاملوا مع شعوبهم كالنعاج، وأجروا انتخابات شكلية، وغبية، طبّل لها الإعلام الانتهازي كثيرا وصنع من المؤيدين لها رموزا للوطنية، كما خوّن البقية وجعل منهم مندسين على البلاد والعباد، على طريقة المجرم بوش: من ليس معنا فهو ضدنا، أو على طريقة وزيرنا للشؤون الدينية: من ينتخب يحب الوطن، ومن يقاطع معدود مع المنافقين!
انتهى زمن الرئيس المرشح الأبدي، القائد المغوار، بطل الحرب والسلام، ومهندس النجاح الأزلي، وحبيب الشعب الأول، والأخير… وبدأ مع الثورات العربية عصر المرشحين متساويي الحقوق، والذين ينطلقون من مسافة واحدة، لا فضل لأحد على آخر إلا بما جناه من تأييد شعبي وحصل من خلاله على مساندة، وهنا يحق للمصريين أن يضعوا “حذاء” في فم كل من شكك في ثورتهم بالداخل والخارج، ومن حنّ لزمن مبارك الفاسد، رغم الاعتراف بارتكاب أخطاء أجهدت الثورة لكنها لم تجهضها..
انتهى زمن الرئيس المرشح، ولا يجب أن يسمح المصريون بانتصار فلسفة المرشح الرباني، والمدعوم بفتاوى غريبة وعجيبة، تقول بأن اختيار مرشح غير ذلك الذي زكته جماعة الإخوان أو السلفية، يعدّ إثما عظيما، سيحشر الله مقترفه في جهنم خالدا، أو كما أفتى الشيخ يوسف القرضاوي بأن معارضي الإخوان شبيهون بقوم لوط الذين دعاهم ربهم إلى الإيمان والطهارة من القذارة، فقالوا: “أخرجوا آل لوط، إنهم أناس يتطهرون”، لكن في الوقت ذاته، لا بد على من يطلقون على أنفسهم وصف الليبراليين أن يحترموا الصندوق مهما كانت نتيجته، حتى لو أخرجت لنا شيخا ملتحيا اسمه حازم صلاح أبو إسماعيل، رغم رفض ترشح هذا الأخير أصلا!
انتصار المصريين هو انتصار للتغيير في العالم العربي، فمثلما فرح الجميع من المحيط للخليج بسقوط الفرعون مبارك الذي فتح أحضانه للأعداء من بني صهيون، ووصلت به الجرأة للاحتفال مع قياداتهم حتى بأعياد الميلاد الشخصية، كما حاصر الفلسطينيين في غزة، وقطع عنهم الماء والدواء والغذاء، في الوقت الذي كان فيه الإسرائيليون يتدفئون بالغاز المصري، ولا يجده حتى المواطن المصري الغلبان، سيفرحون أيضا حين يرون المرشحين المنهزمين يهنئون الرئيس الجديد، الفائز بمنتهى الشفافية، والخارج من رحم الشعب المصري وليس من رحم المخابرات الأمريكية والموساد وجهاز أمن الدولة!
مطلوب من المصريين “إتمام الانتصار”، ووأد رموز النظام السابق وأعوانه، تكملة الثورة التي بدأت بانسحاب مبارك من السلطة، وتنظيف هذه الأخيرة من أعوانه في المجلس العسكري الذي يحاول الضحك على المصريين بالقول إنه يعينهم على التغيير، وفي حقيقة الأمر أنه يحاول نسف أي محاولة جدّية للتغيير.
