الرأي

حتى الزواج بالفاسيليتي!

جمال لعلامي
  • 1187
  • 12

صدق من قال إن “الحاجة أمّ الاختراع”، فبعض الأئمة يقترحون اعتماد “تزويج البنات بالتقسيط”، والحال أن هذا المشروع سيصفّ حوله شباب وشيّاب، ومن والاهم، وجمعيات عديدة، تحت غطاء مكافحة العنوسة والطلاق وتراجع الزواج في وقته المعقول، وأيضا لوقف نزيف الانحراف والاغتصاب!
عدت إلى هذا المقترح والموضوع الشائك، أو إلى هذه القنبلة الشديدة المفعول، من باب أن كلّ شيء والعياذ بالله أصبح للبيع والشراء وسط المجتمع، بسبب انتحار القيّم وموت الأخلاق وسقوط الضمير الفردي والجمعوي، وليس غريبا ولا عجيبا أن يتمّ إقرار الزواج بـ”الفاسيليتي” بعد ما بيع كلّ شيء بالتقسيط المريح وغير المريح!
فعلا، لقد تحوّل الزواج إلى “معضلة” توجع دماغ الشباب من الذكور والإناث، أو من الرجال ومعشر النساء، ولأن الأزمة تلد الهمّة، فقد حوّلها بعض الأولياء إلى “تجارة” يشترطون بموجبها المهر الغالي، وكلّ ما غلا ثمنه وخفّ وزنه، وكان هذا السب واحدا إلى جانب المشاكل الاجتماعية والظروف الاقتصادية، من الدوافع المحرّضة على “مقاطعة” الزواج!
إذا بحثنا عن الأسباب الحقيقية لتراجع الزواج وسط الجزائريين، فإن الأزمة المالية، لها بعدها العميق، ولكم أن تستأنسوا بمظاهر “اصطياد” الراغبين في إكمال نصف دينهم، لعاملات وموظفات ومعلمات، بحجة اقتسام أعباء الحياة، وتقاسم التكاليف، وهذه تكفي لحدوث بداية الانزلاق!
الأرقام والنسب “المهرّبة” والمسرّبة من المواجهات السرية بين الأزواج في المحاكم، تشير إلى أن مشكلة الأجرة، تشكّل أساس الفتنة التي رفعت وتيرة الطلاق، وشجّعت النساء على التخلي عن زوج يخطط للاستحواذ على راتبها، كما حرّضت الرجال على عدم البحث عن زوجة عاملة، في رمشة عين، تخلعه أو تطلب الطلاق منه، لأنها مستقلة ماليا!
هذا التشخيص ليس مثاليا، ولا نموذجا لا ثاني ولا ثالث له، وإنما هو الشجرة التي تغطي الغابة، أو الذائب من جبل الجليد، وعليه هناك مشاكل أخرى وأسباب متعدّدة، تشاركت واتحدت فخلقت جوّا عاما من اليأس والقنوط والإحباط، انتهى بأزمات أسرية وعائلية لغمت في الأخير المجتمع وحوّلته إلى برميل بارود يُغذيه أزواج متناحرون، أو شباب أصبحوا من الشيّاب دون أن يتزوّجوا، وفتيات تحوّلن إلى عجائز رهينة العنوسة!
لا يجب تتفيه الأمور، فقضايا الأسرة، هي التي تلغم المجتمعات، وإمّا أنها تنفسها إذا كانت خالية من الشوائب والمصائب، ولا داعي عندها طبعا للتقسيط أو التمطيط لتمكين الناس من عيشة طبيعية!

مقالات ذات صلة