-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
واقع مقلق يستنفر السلطات الصحية والفاعلين لمحاصرة الداء القاتل

… حذار من “السّيدا”!

وهيبة سليماني
  • 8501
  • 0
… حذار من “السّيدا”!

في الوقت الذي تكافح فيه الجزائر للقضاء على داء “الآيدز”، ولو بصفة تدريجية، آفاق 2030، يؤكد أطباء وممثلو المجتمع المدني، تسجيل انفجار في عدد الإصابات بالمرض ما بين عام 2020 و2022، لأسباب كثيرة تعكس انتشار آفات اجتماعية، وأخرى وبائية، ناهيك عن نقص الوعي بأهمية الكشف، وآليات التكفل التي تبقى في الواقع بعيدة عن المطلوب.

وتؤكد معطيات وزارة الصحة، أن الجزائر تسجل سنويا قرابة 1700 إصابة جديدة بفيروس”الآيدز” لدى الفئة العمرية المتراوح سنّها بين 24 و49 سنة، من كلا الجنسين، غير أن الجمعيات الناشطة في مجال متابعة المصابين تشير إلى أنّ العدد الحقيقي للجزائريين المصابين بهذا بفيروس نقص المناعة المكتسبة لا يقل عن 3 آلاف شخص، حيث أصبحت فئة الشباب ما بين 18 سنة إلى 25 سنة النسبة الأكبر في هذه المعادلة.

انفجار غير متوقع.. ونتائج عكسية

وفي السّياق، كشفت البروفسور عاشور نسيمة، رئيسة مصلحة الأمراض المعدية بالمؤسسة الاستشفائية “القطار” بالعاصمة، لـ”الشروق”، أن مصلحتها تسجّل يوميا، من 3 إلى 4 مصابين بـ”السيدا”، وأن الأمر يتعلق في الآونة الأخيرة بفئة الشباب، موضحة أن أعداد المتكفل بهم في حدود 300 مصاب، ما يستدعي إستراتيجية أخرى لإيجاد حلول جذرية وفعّالة لمواجهة الأعداد المتزايدة للمرضى.

وقالت المتحدثة، على هامش اللقاء الذي أقيم بمناسبة اليوم العالمي لمرضى “الآيدز” بفندق الجزائر تحت شعار “لنحارب سويا اللامساواة من أجل القضاء على السيدا”، إن المخدرات، والعلاقات غير الشرعية، ومرحلة وباء كورونا، ساهمت بشكل لافت في حالة “انفجار” في عدد المصابين بـ”السيدا”، الأمر الذي لم يكن متوقعا، حيث كانت تطمح الجزائر إلى تسجيل أقل من 500 إصابة جديدة في حين أن العدد لا يزال في حدود 1700 إصابة كل سنة.

جمعيات تؤكد: 3 آلاف إصابة جديدة و1700 إصابة بعيدة عن الواقع

وفي السياق، أكّدت مديرة الوقاية بوزارة الصحة، الدكتورة سامية حمادي، أنّ اليوم العالمي لـ”السيدا” هو إعادة التأكيد والتركيز على التزامات الجزائر حول تقليل الإصابات، والقضاء على الفيروس مطلع 2030، ولكن للأسف حسبها، لا يزال يشكل مشكلة صحية خاصة أن تحقيق 500 إصابة جديدة على الأكثر كل سنة، لم يتجسد على أرض الواقع لعدة أسباب، معترفة أن جائحة كورونا التي تفرغت لها المصالح الصحية خلال أكثر من سنتين، شكّلت عرقلة سواء من حيث الكشف عن الإصابات الجديدة أو التكفل بالمرضى.

واعترفت مديرة الوقاية، بحدوث زيادة غير متوقعة في عدد الإصابات بـ”الآيدز”، وقالت أنّ من أهم الأولويات التي وضعتها الحكومة الجزائرية اليوم، هو تحقيق فرص المساواة في الكشف عن الداء.

وفي السياق، أكّد المنسق المقيم للأمم المتحدة بالجزائر بالنيابة، أحمد عثمان محمد سالك، أنّ منظمة الأمم المتحدة لمكافحة “السيدا”، ستدعم جهود وزارة الصحة في إنجاح وتجسيد المخطط الوطني الخاص بمكافحة هذا المرض، وقال إن “هدفنا التذكير بضحايا هذا الفيروس منذ إقرار اليوم العالمي لـ “السيدا” سنة 1988، موضحا أن الخطوة الحالية حاسمة لاسيما المدة الممتدة ما بين 2020 إلى 2024، على الأقل لتجسيد بعض الجوانب الملموسة والفعالة من خلال “المساواة في الكشف”، وحق العلاج المجاني، والسعي إلى القضاء على النظرة الدونية للمصابين وتهميشهم”.

كورونا حجر عثرة أمام مخطط مكافحة “السيدا”

ولم ينكر أغلب المشاركين في اللّقاء الخاص باليوم العالمي لمكافحة “السيدا”، الدور السلبي الذي لعبته جائحة كورونا في تعطيل بلوغ هدف 500 إصابة جديدة سنويا، وهذا ما أكّدت عليه مديرة الوقاية بوزارة الصحة، الدكتورة سامية حمادي، حيث قالت إنّ فيروس “كوفيد 19″، كان له التأثير السلبي على أمراض أخرى، وأن جهود وزارة الصحة في الثلاث سنوات الأخيرة كانت منكبة على مكافحة وباء كورونا، ما خلف تهميشا وتمييزا وعرقلة للوصول إلى الهدف.

وأضافت “اليوم سنعمل على تحقيق استراتيجية عدم تنقل الفيروس من الأم الحامل إلى الجنين، من خلال الكشف والمتابعة الصحية ووصف الدواء للأم، مشيرة إلى أن الوزارة تتجه نحو تسجيل إصابات مستقرة بداء “السيدا”، خاصة في وجود 63 مركزا للكشف عبر القطر الوطني و16 مركزا للتكفل بالمرضى”.

وأفادت المتحدثة، أنّ العمل على تحسين الكشف وتشخيص المرض، سيؤدي إلى تسجيل من 700 إلى 800 إصابة جديدة إلى غاية الوصول إلى أقل من 500 إصابة جديدة سنويا.

حملات الجمعيات للكشف عن “السيدا” تعرّي واقع المخدرات والدعارة والشذوذ

وفي سياق الموضوع، التقت “الشروق” مع ممثلي المجتمع المدني على هامش اللقاء الخاص باليوم العالمي لمكافحة “السيدا”، حيث كشفوا عن الوضع الحقيقي لداء “الآيذز” في الجزائر، وقال في هذا السياق، رئيس جمعية “آيدز” الجزائر، عثمان بوروبة، أن الفترة ما بين 2020 و2022، شهدت حالة انفجار للإصابات بـ”السيدا”، وإن 1700 إصابة جديدة التي تتحدث عنها الوزارة الوصية بعيدة عن الواقع، خاصة، حسبه، أن المرض يهدد اليوم فئة ما بين 19 إلى 29 سنة، ودعا إلى إعادة النظر في الاستراتيجية الخاصة بمكافحة هذا الداء، وإعطاء أولوية للوقاية والعناية، وحملات التحسيس.

ومن جهته، كشف الأمين العام لجمعية “الحياة”، محمد بن جاوري، أن حملات التحسيس التي قام بها المجتمع المدني في السنوات الأخيرة حول الكشف عن الإصابة بـ”السيدا”، واستدراج الفئات الناشطة في الدعارة والشواذ جنسيا، والشباب، شهريا إلى مراكز الكشف، تبين من خلالها وجود ظواهر في المجتمع ساهمت بشكل ملحوظ في إصابات “الآيذز” وسط الفئة العمرية الأقل من 30سنة، مستغربا إصابة شباب من مواليد 2003 بالفيروس.

وأكّد في الصدد، أن 2000 امرأة ناشطة في الدعارة بالعاصمة خضعن الكشف عن الإصابة بـ”السيدا” خلال 2022، حيث تأكّدت الإصابة لدى 3 بالمائة منهم وذلك مقابل حوالي 200شاب شاذ جنسيا تقدموا للكشف الصحي عن “السيدا” في نفس السنة، تأكّدت إصابة 2 بالمائة منهم بالمرض.

وقال محمد ممثل جمعية “الحياة”، إن تعاطي المخدرات وخاصة عن طريق الحقن، أدى إلى إصابة 70بالمائة منهم بـ”الآيدز”.

وبحسب الممثلين للجمعيات الخمس الخاصة بمتابعة مرضى “السيدا”، فإن مرحلة كورونا، سبّبت أزمة تكفل وعلاج في متابعة ضحايا هذا المرض، وكان للمجتمع المدني الدور الهام في إيصال الدواء إليهم.

وزير الصحة: المخدرات والهجرة غير الشرعية أولويات الوقاية من “السيدا”

قال وزير الصحة عبد الحق سايحي، إن الهدف من اليوم العالمي لمكافحة السيدا هو التذكير بضرورة التسريع في الاستجابة للقضاء على “السيدا” بحلول عام 2030، من خلال التركيز على العلاج العادل والنوعي للجميع، مثمنا شراكة الجزائر مع برنامج الأمم المتحدة التي مكنت الجزائر من إحراز تقدم كبير في هذا المجال.

وأكّد سايحي، على حماية المجموعات الأكثر ضعفا أمام خطر فيروس نقص المناعة المكتسبة، من خلال تسريع عمليات الكشف والتحليل والعلاج وقبلها الوقاية بالدرجة الأولى، وتجسيد الرعاية ومرافقة المصابين، من خلال تفعيل دور المجتمع المدني، خاصة في إطار استخدام وسائل الحماية وتعاطي المخدرات بالحقن وظواهر الهجرة، التي يراها وزير الصحة “عوامل ضعف يجب أخذها بعين الاعتبار والتي تتطلب يقظة أكثر”.

ودعا سايحي إلى الالتزام بالمخطط الوطني الاستراتيجي 2020، 2024، الخاص بمكافحة “السيدا”، بهدف تحسين الاستجابة الوطنية، ومرحبا بمختلف الجهود والأنشطة الوقائية الجوارية لصالح الفئات الضعيفة المعرضة بشدة لخطر الإصابة بـ “السيدا”، من خلال دعم الأشخاص الذين يعانون نفسيا واجتماعيا، بالوساطة الاجتماعية وإيصال الأدوية.

حلم التعايش.. جهود تسعى الجمعيات لتحقيقها

قالت رئيسة جمعية حلم التعايش الإيجابي الكائن مقرها بوهران، أحلام عزي، في تصريح لـ “الشروق”، إن الكثير من النساء والشباب يقعون في دائرة الممارسات الجنسية غير الشرعية جراء وضعهم الاجتماعي، وحاجتهم إلى المال، حيث قابلت نماذج في جمعيتها فئة المراهقين الذين يمارسون الشذوذ الجنسي تحت تأثير المخدرات أو الحاجة إلى المال، وتسبب لهم ذلك في الإصابة ب”الآيذز”، وأوضحت أن بعض ممارسات الدعارة اعترفن باستمرارهن في ممارسة الفاحشة من أجل المال، رغم علمهن بأنهن حاملات للفيروس.

وأكدت أحلام عزي، أن الجمعية تتكفل نفسيا واقتصاديا بمرضى “الآيدز”، حيث تقدم المساعدة في ما يخص تحاليل الكشف عن الفيروس الذي يبلغ ثمنه 15 ألف دج، فتتكفل بنسبة 75بالمائة من المبلغ، كما تنتقل الجمعية إلى خارج وهران للتقرب من بعض الفئات المعنية بالكشف عن هذا الداء.

وقال رئيسة جمعية حلم التعايش الإيجابي، إن المتابعة النفسية للمرضى، وهم بحسبها شباب من الشواذ جنسيا ونساء ممارسات للدعارة، من أولويات الجمعية، التي كان لها الدور الفعال خلال الحجر الصحي بسبب كورونا في نقل الأدوية إلى المرضى. وأفادت أحلام عزي، بأن هناك انفجار حقيقي في عدد الإصابات الجديدة لفيروس”الآيذز” خلال فترة كورونا بين 2020 و2022.

للإشارة فإنّ جمعية حلم التعايش الإيجابي، تعمل أيضا على توفير مناصب عمل لهؤلاء المرضى أو الحاملين للفيروس، وإبعادهم عن الرذيلة.

مطالب بتدريس الثقافة الجنسية

وحول ذات الموضوع، يرى رئيس جمعية “آيدز” الجزائر، عثمان بوروبة، أن ممارسة العلاقات الجنسية في أوساط المراهقين، وبطرق غير وقائية عادت بكثرة في السنوات الأخيرة، خاصة في ظل التكنولوجيا، والفيديوهات الإباحية، وهذا ما أدّى إلى تسجيل إصابات بـ “السيدا” في فئة عمرية تتراوح بين 18 سنة و21 سنة.

ودعا المتحدث إلى إعادة النظر في مسألة تدريس الثقافة الجنسية، واعتبر أنّ هذا لا يتعارض مع الشريعة الإسلامية، وأنّ المعرفة في الإطار التعليمي تجعل المراهقين يتفهمون بعض الأمور المتعلقة بالجنس، وكيفية الوقاية من الممارسات غير شرعية.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!