الرأي

حربٌ عالمية على “داعش”

حسين لقرع
  • 2660
  • 4

مع بداية تشكّل تحالف دولي واسع يضمّ نحو 40   دولة لمحاربةداعشفي العراق وسوريا، تبرز ملاحظاتٌ عديدة تستدعي التوقف عندها وتساؤلاتٌ لا بدّ من طرحها، ولا سيما فيما يتعلّق بالحرب علىداعشفي سوريا.

أولاً: الدولُ المشكِّلة للتحالف هي نفسها التي حرفت الثورة السورية عن مسارها السلمي الصحيح وعسكرَتْها ودعمت المعارضة بالسلاح والمال والتدريب وتوفير ممرّات آمنة إلى سوريا للمتطوعين من كل البلدان بهدف إسقاط النظام بأي وسيلة، وتجاهلت كل التحذيرات بأن هذه الجماعات التي تحرص على تقويتها اليوم ستنقلب عليها غداً وتهاجمها في عقر ديارها، وهو ما حدث معداعشالتي حظيت كغيرها من الفصائل المسلحة بالدعم التسليحي والمالي، وحينما قويت شوكتُها، قامت بالسيطرة على مساحات واسعة في سوريا والعراق بلغت مجتمعة 215 ألف كيلومتر مربع دون احتساب مساحة القرى الكردية السورية الـ21 التي سيطرت عليها الخميس. وقد أقامت بهادولتهاوبدأت تهدّد بالزحف على دول الجوار لضمها إلىدولتهاوإزالة عروشها ولم تكترث بأنها كانت تدعمها مدة طويلة، وهنا تداعت هذه الدول إلى تحالف عالمي ضدها، فمن يحاسبها الآن على دعم ما أصبحت تسميهإرهاباً؟ ثم ألم يكنإرهاباًحينما كان يحارب النظامَ السوري وأضحى كذلك فقط حينما تحوّل إلى تهديد عروشها؟ 

ثانياً: هذا التحالف يستبعد النظام السوري الذي يملك جيشاً لايزال قويا برغم حرب الاستنزاف التي خاضها ضد المعارضة طيلة ثلاث سنوات، حتى لا يعترف بشرعيته ويعيد تطبيع العلاقات معه، وهو يعتمد فقط على فصائل المعارضة السورية لمحاربةداعشفي سوريا بعد إعادةتأهيلهاوتدريبها وتسليحها، فهل تستطيع هذه الفصائل الانتصار علىداعشبالاعتماد على الغطاء الجوي الأمريكي والغربي وهي التي هُزمت أمامها في جولاتٍ عديدة وتركت لها مدناً وأراضي واسعة لتسيطر عليها؟ وقبل ذلك: هل تؤمن أمريكا حقا بأن هناكجماعات إسلامية معتدلةفي سوريا يمكن التحالفُ معها وتسليحها وتدريبها والمراهنة عليها لمحاربةداعشوالقضاء عليها؟ وهل تقبل مختلف التشكيلات الإسلامية بعقد صفقة مع التحالف العربيالغربي ضدداعشوتنضمّ إليه في حربه عليها، وهي قريبة إليها إيديولوجياً، وتتخلى عن مبادئها ونظرتها إلى أمريكا والغربالصليبيكما تسمّيه، مقابل مساعدتها لاحقاً على الإطاحة بالنظام السوري؟ وهل تنجح مساعي التصفية الجسدية، الجماعية والفردية، لقياداتها الرافضة للحرب علىداعشفي تخويف هذه الجماعات ودفعها إلى الانضمام إلى التحالف؟ ألا يُحتمل أن ينشقّ عنها الآلاف من مقاتليها وينضمّوا إلىداعشفتزداد الأوضاع تعقيداً في الميدان؟ وإذا قبلت الجماعاتُ الإسلامية بـالصفقةوانضمت إلى التحالف، هل يمكّنها لاحقاً من حكم سوريا، أم يقوم بتصفيتها بدورها وتسليم الحكم للعلمانيين؟

ثالثاً: مادامتجبهة النصرةهي أقوى الجماعات المقاتلة على الأرض بعد تمرّدداعش، فهل تشملها عملية إعادة التأهيل والتدريب والتسليح وهي لا تُخفي انتماءها لـالقاعدةومصنفة دولياً جماعة إرهابية؟ وهل يكون المقابل هو رفعها من القائمة الدولية للإرهاب وقبول التعايش معها؟ هل يُعقل أن تكون هناكقاعدةمقبولة لدى الأمريكيين ويصنفونها معالجماعات المعتدلةإذا حاربت خصومَهم، وقاعدةغير مقبولة وتُصنف في خانةالإرهاب الدوليإذا هددت حلفاءَهم؟

 

هي أسئلة تطرح نفسها ونحن على أبواب حرب عالمية واسعة علىداعش؛ حرب قد تستمر 10 سنوات كما قال وزير الخارجية السعودي للقضاء عليها نهائياً، ولكن هذه النتيجة غير مؤكدة، المؤكد فقط أن دماء العرب وأموالهم وثرواتهم ستكون، كالعادة، أكبر ضحاياها

مقالات ذات صلة