-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

حربُ غزة وأوهامُ القوة

عبد الحق مراجي
  • 513
  • 0
حربُ غزة وأوهامُ القوة

لقد اخترنا في هذه المساهمة معالجة الحرب في غزة والإبادة الجماعية المستمرة من منظور القانون الإنساني الدولي. بديهياً يجب أن نميز بين حقيقتين متشابكتين ولكنهما منفصلتان في هذه الأحداث؛ الأعمال القتالية التي تدور رحاها بين المقاومة الفلسطينية وجيش الاحتلال الإسرائيلي، من جهة، والإبادة الجماعية المستمرة التي يرتكبها جيش الاحتلال نفسُه ضد السكان المدنيين، من جهة أخرى. لقد تحررت من كافة قواعد ومبادئ القانون الدولي الإنساني التي تحكم العمليات العسكرية، وأخلاقيات الشرف العسكري.

الطوفان

كان 7 أكتوبر 2023، يوم سبت، في وقت مبكّر جدًّا من الصباح، في سماء بدت هادئة، كانت كل الأضواء خضراء لإسرائيل، فقد كان رئيس الوزراء، قبل بضعة أسابيع، من أعلى منصة الأمم المتحدة يمسك خريطة في يده، رسَم بقلم أحمر اللون خطًّا غليظًا غامضًا يربط الهند بأوروبا عبر الخليج الفارسي والجزيرة العربية والأردن للوصول إلى ميناء حيفا ثم أوروبا الغربية عبر إيطاليا.

على هذه الخريطة لا وجود لفلسطين، لقد تم محوُها بطريقة سحرية من الواقع العالمي؛ لم يسجَّل أي احتجاج لدى الحضور، ومرَّ المشهد مثل حلم في الصباح الباكر.

صحيحٌ أنه في هذه الأوقات العصيبة، لا يوجد ما يشغل العالم غير التجارة وأمن الطاقة واستئناف النمو، ويبدو أن البراغماتية تنتصر على المبادئ السامية والقضايا العادلة.

إسرائيل، في ذلك اليوم، كانت في أوج مجدها، بفضل اتفاقيات إبراهيم، لديها في حضيرتها، بالإضافة إلى مصر والأردن، كل من الإمارات والبحرين والسودان والمغرب، بل إنها في طريقها للحصول على الجائزة الكبرى؛ تطبيع علاقاتها مع المملكة العربية السعودية.

داخليًّا مع الحكومة الأكثر يمينية وتطرفًا في تاريخها؛ فإن أتباع الاستيلاء الكامل على فلسطين التاريخية، لديهم الآن مطلق الحرية في إقامة إسرائيل الكبرى، من دون تأخير، وقد ضاعفوا شراهتهم لابتلاع مزيد من الأراضي وزادوا من شراستهم تجاه السكان الفلسطينيين المضطهدين والمنكل بهم والمشردين في الأرض كنتيجة لنظام الفصل العنصري ذي المسحة الدينية الأصولية الواضحة للغاية.

وعلى الساحة الدولية، فإن صوت فلسطين ومعاناة شعبها لم يعد مسموعا، وبدا أن كل الأصوات التي يعوَّل عليها على الساحة الدولية استكانت للوضع الجيوسياسي الجديد.

وفي هذا السياق، ثار بركان فلسطين، مُحدثاً رعداً رهيباً معلناً «طوفان الأقصى»؛ وابل من الصواريخ (بين 3000 و5000 صاروخ) اجتاح القبة الحديدية وأشبع نظام الإنذار الإسرائيلي، مستغلًّا حالة الذعر العامّ، للمرة الأولى منذ عام 1948، عدة مئات من المقاتلين من كامل أطياف المقاومة -معظمهم ينتمون إلى كتائب عز الدين القسام، الذراع المسلحة لحماس- يجتاحون الأرض التي طُردوا منها قبل 75 سنة برّا وبحرا وجوّا، بواسطة قوات كوماندوس مدربة تدريبا خاصًّا ومجهزة بالطائرات الشراعية.

وكانت المفاجأة تامة، فقد تم اجتياح كافة المستعمرات وقواعد جيش الاحتلال في غلاف غزة في وقت واحد؛ بما في ذلك مقر الفرقة 143 المعروفة باسم “فرقة غزة”، والتي زرعت على مدى عقود الموت والخراب وخنقت قطاع غزة. وحققت العملية التي استمرت بضع ساعات نجاحا عسكريا ونفسيا واتصاليا مدوّيا.

خلّفت العملية خسائر فادحة؛ عدة مئات من القتلى، وتم أسر مئات السجناء العسكريين والمستوطنين المسلحين، وكذلك مئات الرهائن المدنيين. وكانت الضربة مروِّعة إلى درجة أن إسرائيل استغرقت ثلاثة أيام للتعافي وإعادة كفاءة السِّلسلة القيادية. خلال هذه الفترة من الغموض، ارتكب الجيش الإسرائيلي عدة مجازر عن طريق الخطأ ضد المستوطنين، وسط حالة من الارتباك العامّ أطلقوا النار في جميع الاتجاهات، بما في ذلك الأسلحة الثقيلة والمروحيات.

دخلت المؤسسة الغربية بأكملها في حالة من الهيجان، وتبدأ رحلة الحج إلى تل أبيب والتصريحات التحريضية. ويعدّ هذا الهجوم “هجوما إرهابيا”، بل إن البعض اقترح تشكيل تحالف دولي لمحاربة حماس.

المسؤولون الإسرائيليون من مختلف الأطياف السياسية يندّدون بـ”العدوان الإرهابي”، ويَعِدون بجعل الفلسطينيين يدفعون الثمن عن طريق التهديد بالإبادة الجماعية.

وبعد بضعة أيام، شنَّت إسرائيل حملة قصف رهيبة، ومع بداية يناير كانت إسرائيل قد أسقطت 60 كيلو طنّ من القنابل على هذه الرقعة الصغيرة، بمعدل عشرين كيلو طن شهريا (أي ما يعادل قوة القنبلة التي ألقيت على هيروشيما في 6/08/1945).

حملة قصف غاية في الوحشية، لا يوجد لها مثيلٌ في التاريخ المعاصر يتم تنفيذها وفقا لـ”عقيدة الضاحية” بغرض تدمير المباني السكنية والمدارس والمستشفيات والمساجد والكنائس والمباني العامة والبنية التحتية الأساسية وخزَّانات المياه وحتى الألواح الشمسية، مما تسبَّب في عشرات الآلاف من الضحايا، بالإضافة إلى بضعة آلاف مدفونين تحت الأنقاض، من دون أي أمل في إنقاذهم.

الهجومُ البري

بدأ الهجوم البري الإسرائيلي مساء يوم 27 أكتوبر 2023، باجتياح واسع النطاق بعد أن حشدت أزيد من 300 ألف جندي، أرسلت إسرائيل قوّتها الضاربة المدرَّعة والمظليين، بإجمالي ما لا يقل عن 16 لواءً في ساحة معركةٍ بحجم منديل، 40 كيلومترا على 9 كيلومتر في المتوسط، 365 كيلومترا مربعا وعلاوة على ذلك مكتظة بالسكان للغاية وبكثافة عمرانية عالية جدا.

الزجُّ بهذا العدد الهائل من الدبابات والمدرعات في المناطق الحضرية يبدو وكأنه جنون من وجهة نظر استراتيجية وغير فعَّال على الإطلاق من وجهة نظر تكتيكية. إلا إذا كان التأثير المطلوب هو التدمير الكامل لجميع أشكال الحياة في هذه المنطقة الصغيرة لدفع السكان إلى اللجوء إلى سيناء بمصر، حيث يبدو أنهم يعملون على إعداد معسكرات لهذا الغرض؛ ولكن حتى الآن مازالت مصر ترفض هذا الطرح.

لقد كشف لنا الهجوم البري، عن مقاومة في أوج تميُّزِها في تنفيذ العمليات، تعمل بطرق مبتكرة، تستخدم شبكة أنفاق مذهلة، مقاتلوها مدرَّبون جيدًا وماهرون للغاية، جسورون وضرباتُهم غاية في الدقة.

ومن ناحية أخرى، كشفت عن فشل إسرائيلي ذريع على المستوى الاستخباراتي، رغم أن قطاع غزة يعيش تحت حصار محكم منذ عام 2007، ويراقَب باستمرار بالوسائل التكنولوجية، وليس الإسرائيلية فقط.

كما كشفت عن جيش إسرائيلي دون سمعته بكثير، إذ تكبَّد خسائر فادحة وبدا ضائعا تماما بين أنقاض الأحياء المدمَّرة، مثقَلا بمُعدَّاته الفردية الثقيلة، تاركا انطباعا واضحا بنقص اللياقة البدنية.

صحيحٌ أن هذا الجيش أمضى السنوات الـ35 الأخيرة في ملاحقة الشباب راشقي الحجارة وحماية المستوطنين العنيفين، ونتيجة لذلك فقدَ اللمسة وردود الفعل الصحيحة التي تميِّز المقاتلين المتمرسين.

وحتى فيما يتعلق بالتخطيط العملياتي، فقد استعانت إسرائيل بالذكاء الاصطناعي، مما أدى إلى توليد عدد هائل من الأهداف، ونحن نتحدث عن 6000 هدف في اليوم، لأن النظام الذي يعتمد بشكل أساسي على الذكاء التكنولوجي، ولاسيما التنصُّت على الاتصالات، يحوِّل أي رقم مشبوه إلى هدف محتمل ومن ثمة، فإن كل مكان مرَّ من خلاله هذا الهدف يصبح بفضل سحر الذكاء الاصطناعي هدفًا بدوره، وفي النهاية هو دمارٌ أعمى يقع على غزة.

القانون الإنساني الدولي

يمثّل القانون الدولي الإنساني فرعًا من فروع القانون الدولي العام، ويعرَّف بأنه مجموعة من المبادئ والقواعد الدولية التقليدية أو العرفية المطبَّقة في النزاعات المسلحة، سواء كانت دولية أم لا، والتي تهدف إلى تحقيق هدفين متكاملين:

  • تقييد حقوق المقاتلين في أساليب ووسائل القتال؛ الحد من استخدام القوة إلى الحد الأدنى المطلوب للاحتياجات العسكرية.
  • حماية حقوق غير المقاتلين أو أولئك الذين توقفوا عن القتال ويواجهون آثار الأعمال العدائية.

كونه فرعًا من فروع القانون الدولي العامّ، ومن ثمة يخضع لمبادرة الدول وحسن نيَّتها، فإن القانون الدولي الإنساني يحبذ التنسيق والمصالحة والإقناع أكثر بدلا من الزجر والإجبار، فهو يعتمد نهجًا عقلانيًّا في حالات القتال والسلوك البشري.

إنه حق التسوية الذي يميل إلى التوفيق بين حقوق أطراف النزاع ومصالحها وحقوق الأطراف المحايدة ومصالحها، مع مراعاة توازن القوى، ويهدف إلى التوفيق بين مصالح مختلف الأطراف المتحاربة وتلبية الاحتياجات العسكرية مع المتطلبات الإنسانية. لذلك كانت هناك دائمًا شبكاتُ قراءة مختلفة للقانون الدولي الإنساني وعلى الأرجح ستظل موجودة.

المصادر الرئيسية للقانون الدولي الإنساني هي القانون الدولي العرفي، واتفاقيات جنيف المؤرَّخة في 12 أوت 1949، والتي صادقت عليها جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، وبروتوكولاتها الإضافية، وأنظمة لاهاي (موضوع اتفاقيات 1899 و1907) بشأن قوانين الحرب البرية وأعرافها، بالإضافة إلى العديد من الاتفاقيات التي تحدُّ من استخدام أسلحة محددة أو تحظرها، وغيرها من القواعد ذات الصلة التي تحكم سير الأعمال العدائية، بما في ذلك نظام روما الأساسي المُنشِئ للمحكمة الجنائية الدولية.

ويخضع القانون الدولي الإنساني لثلاثة مبادئ أساسية:

– مبدأ التمييز: بين المدنيين والمقاتلين، بين الأغراض المدنية والأهداف العسكرية؛ ويجب أن تكون العمليات العسكرية موجَّهة فقط ضد المقاتلين والأهداف العسكرية.

– مبدأ التناسب: الامتناع عن شنِّ هجمات من شأنها أن تلحق الضرر بالمدنيين؛ استخدام القوة اللازمة فقط لتحقيق التأثير العسكري المطلوب، مع الأخذ في الاعتبار الأضرار المحتملة فيما يتعلق بالنتائج المتوقعة.

– المبدأ الاحترازي: اتخاذ جميع الاحتياطات الممكنة لمنع الخسائر أو الإصابات بين المدنيين وكذلك الأضرار التي تلحق بالممتلكات المدنية أو تقليلها. إذا صدر أمرُ الإخلاء، فمن الضروري إتاحة الوقت اللازم للانتقال إلى منطقة آمنة.

ويُطلب من جميع القادة العسكريين اتخاذ جميع التدابير العملياتية التي تتفق مع احترام هذه المبادئ. ولا يمكن أن يكون عدم المعاملة بالمثل ذريعة لتجاوز مبادئها التي تسري في جميع الأوقات على جميع الأطراف المتحاربة.

الإرهاب

لا يتضمّن القانون الدولي الإنساني تعريفًا للإرهاب، لكنه يحظر معظم الأعمال المرتكَبة أثناء النزاعات المسلحة والتي تعدُّ عادةً أعمالًا “إرهابية”. ووفقاً لأحد المبادئ الأساسية للقانون الدولي الإنساني، يجب على أطراف النزاع المسلح التمييزُ في جميع الأوقات بين المدنيين والمقاتلين، وكذلك بين الأهداف المدنية والأهداف العسكرية. ويشكل مبدأ “التمييز” هذا حجرَ الزاوية في القانون الدولي الإنساني. إن وصف أعمال العنف والتي تستهدف عمدًا المدنيين أو الأغراض المدنية في حالة النزاع المسلح، بأنها “إرهابية” ليس له أي معنى من الناحية القانونية، لأن هذه الأعمال تشكل بالفعل انتهاكاتٍ خطيرة للقانون الدولي الإنساني.

تنص المادة 33 من اتفاقية جنيف الرابعة على أن “العقاب الجماعي محظور، وكذلك أي إجراء من تدابير الترهيب أو الإرهاب”. وتحظر المادة 4 من البروتوكول الإضافي الثاني “الأعمال الإرهابية” ضد الأشخاص الذين لا يشاركون أو كفُّوا عن المشاركة في الأعمال العدائية.

والهدفُ الرئيسي من هذه الأحكام هو التأكيد على أنه لا يجوز أن يكون الأفراد ولا السكان المدنيون هدفًا للعقاب الجماعي، الذين يشكّلون بوضوح مصادر للإرهاب.

يحظر البروتوكولان الإضافيان الأول والثاني أيضًا الأعمال التي تهدف إلى نشر الرعب بين السكان المدنيين: “تحظَر أعمالُ العنف أو التهديد بها التي يكون هدفها الرئيس نشر الرعب بين السكان المدنيين” ولا تحظر هذه الأحكام الهجمات المشروعة ضد الأهداف العسكرية –التي يمكن أن تنشر الرعب بين المدنيين– ولكنها تحظر الهجمات التي يكون هدفها محددًا هو ترويع السكان المدنيين، على سبيل المثال حملات القصف أو القنص ضد المدنيين في المناطق الحضرية.

وفي ضوء القانون الدولي الإنساني، يُنظر إلى الإرهاب على أنه أسلوبُ عمل يهدف ترهيب السكان المدنيين وتخويفهم، بغضِّ النظر عن الطرف الذي يرتكبه.

وبما أن القانون الدولي الإنساني لا ينطبق إلا في حالات النزاع المسلح، فإنه لا يعالج الأعمال الإرهابية المرتكَبة في وقت السِّلم. غير أن هذه الأفعال تخضع للقانون، أي التشريع الوطني والقانون الدولي، ولا سيما قانون حقوق الإنسان.

مفاهيم الغموض

كنتيجة مباشرة لأحداث 11 سبتمبر 2001، استخدمت حكومة الولايات المتحدة مفاهيم “المقاتل غير الشرعي” و”المقاتل الإرهابي”، التي ظهرت في قانون الوطنية الأمريكي الصادر في 26 أكتوبر 2001، لتوصيف السجناء الذين تم أسرهم. في أفغانستان وفي جميع أنحاء العالم وتم نقلهم إلى غوانتانامو في كوبا وغيرها من السجون السرية حول العالم.

لقد كشف لنا الهجوم البري، عن مقاومة في أوج تميُّزِها في تنفيذ العمليات، تعمل بطرق مبتكرة، تستخدم شبكة أنفاق مذهلة، مقاتلوها مدرَّبون جيدًا وماهرون للغاية، جسورون وضرباتُهم غاية في الدقة. ومن ناحية أخرى، كشفت عن فشل إسرائيلي ذريع على المستوى الاستخباراتي، رغم أن قطاع غزة يعيش تحت حصار محكم منذ عام 2007، ويراقَب باستمرار بالوسائل التكنولوجية، وليس الإسرائيلية فقط

إن الاختيار المتعمَّد للسجون خارج أراضي الولايات المتحدة كان له هدفان رئيسان، الأول هو تجنّب تطبيق الوضع والمعاملة المستحقَّة لأسرى الحرب، وفقًا للقانون الدولي الإنساني، والثاني منع المعتقلين من الطعن في احتجازهم أمام القضاء الأمريكي، إذ أنهم كانوا محتجَزين في قواعد تقع خارج أراضي الولايات المتحدة.

وتتصرَّف إسرائيل بالطريقة نفسها تجاه المقاومين الفلسطينيين الذين تصفهم بـ”الإرهابيين” و”المخرّبين”، مما يتيح لها أن تنتزع من الفلسطينيين آخر حقٍّ بقي لهم، وهو المقاومة بكل الوسائل، بما في ذلك السلاح، وبالتالي التهرُّب من التزاماتها القانونية كقوة احتلال. هذا الاختراع والتدليس المفاهيمي، على الرغم من أنه بدائي، تم اعتماده وتبنّيه من قبل الحكومات الغربية ووسائل الإعلام الرئيسة.

هل يحق لإسرائيل الدفاع عن نفسها؟

هذا المفهوم ليس له أي أساس في القانون الدولي، بل هو بالأحرى مفهوم سياسي إعلامي تم اختراعُه من أجل حماية إسرائيل من التزاماتها وفقا للقانون الدولي الإنساني، باعتبارها قوة احتلال معترَف بها على هذا النحو بموجب قرارات الأمم المتحدة، ومن ثمة، لا تتمتع إسرائيل بأي حقوق، بل عليها فقط واجبات تجاه السكان الخاضعين لمسؤوليتها.

وضع مقاتلي المقاومة وفقا للقانون الدولي الإنساني

وفقاً للبروتوكول الأول لعام 1977 الإضافي لاتفاقيات جنيف؛ يعتبر مقاتلين نظاميين، أولئك الذين يناضلون ضد الهيمنة الاستعمارية والاحتلال الأجنبي وضد الأنظمة العنصرية في إطار ممارسة حق الشعوب في تقرير المصير، المنصوص عليه في ميثاق الأمم المتحدة، وعليهم أن يحملوا السلاح علنًا وأن تكون لهم قيادة وتسلسل هرمي وأن يرتدوا علامات مميزة تتيح التعرُّف عليهم بوضوح.

استعانت إسرائيل بالذكاء الاصطناعي، مما أدى إلى توليد عدد هائل من الأهداف، ونحن نتحدث عن 6000 هدف في اليوم، لأن النظام الذي يعتمد بشكل أساسي على الذكاء التكنولوجي، ولاسيما التنصُّت على الاتصالات، يحوِّل أي رقم مشبوه إلى هدف محتمل ومن ثمة، فإن كل مكان مرَّ من خلاله هذا الهدف يصبح بفضل سحر الذكاء الاصطناعي هدفًا بدوره، وفي النهاية هو دمارٌ أعمى يقع على غزة.

ومن الواضح أن المقاومين الفلسطينيين يستوفون كافة الشروط المنصوص عليها في البروتوكول الإضافي الأول لاتفاقيات جنيف لعام 1977.

وينطبق القانون الدولي الإنساني على النزاعات المسلحة، بغضّ النظر عن الآراء حول شرعيتها، لأن هذه المسألة يعالجها الحق في الحرب، ومن هنا التمييز بين الأسباب التي تشنُّ الحربُ من أجلها والطريقة التي يتم بها شنّ الحرب. إن إجراءها أمرٌ أساسي، لأنها تردع المتحاربين عن التذرع بالشرعية الأخلاقية أو الدينية، أو السعي لتحقيق هدف أسمى، للتهرُّب من التزاماتهم ووضع أنفسهم فوق قواعد القانون الإنساني الدولي، لشنِّ حرب إبادة شاملة.

تشكل الملاءمة بين المصالح الإنسانية والمصالح العسكرية حجر الأساس في القانون الدولي الإنساني؛ وتحقيقًا لهذه الغاية ومن أجل الحد من النزاعات المسلحة وتجنُّب التصعيد نحو حرب شاملة وإبادة الخصم، يخضع المتحاربون للقيود التي يفرضها القانون الدولي الإنساني فيما يتعلق باختيار وسائل شنِّ الحرب وأساليبها.

وبسبب الاختلال التام في ميزان القوى لصالحها، تستطيع إسرائيل الاستمرار في خرق كافة القواعد والدوس على كافة مبادئ القانون الدولي الإنساني من دون قلق أو حتى مساءلة.

للموضوع مراجع.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!