-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

حرب الغازات النبيلة والمعادن النادرة.. فرصة إفريقيا!

حرب الغازات النبيلة والمعادن النادرة.. فرصة إفريقيا!

أعلنت وكالة “رويترز” الجمعة أن روسيا أعلنت وقف إمداد العالم بالغازات الصناعية النادرة مثل “النيون” المُستَخدم على نطاق واسع في صناعة الشرائح الإلكترونية وهذا إلى غاية نهاية السنة الجارية. وجاء هذا القرار على اثر إعلان الاتحاد الأوروبي الوقف الجزئي لاستيراد النفط الروسي، وكرد على اتخاذ “تايوان” من قبل قرارا يفرض قيودا على صادرات الشرائح الالكترونية إلى روسيا.

 وتُعد “اليابان” و”تايوان” أكثر المتضررين من حظر روسيا لهذا الغاز الثمين بالنظر إلى مركزية إنتاج الشرائح (الرقائق) الإلكترونية في معظم الصناعات لديهما. وتَعزَّز الموقف الروسي في هذا المجال بعد تحرير مصانع “أزوفستال” بمدينة “مريوبل” من قبضة القوات الأوكرانية، ذلك أنها كانت الأكثر إنتاجا في العالم لهذا الغاز إلى جانب روسيا التي تغطي ما يساوي 30 بالمائة من حاجة السوق العالمية من الغازات النبيلة وبخاصة النيون Ne، والكريبتون Kr والزينون Xe. ومن شأن هذا القرار الروسي أن يؤثر بنسبة معتبرة على إعادة ترتيب سلاسل الإنتاج العالمية التي كسرتها العقوبات الغربية على روسيا.

ومعلومٌ أن روسيا قررت منذ بداية الصراع حظر تصدير أكثر من 200 مادة أولية تحتاجها صناعات الدول غير الصديقة، وبخاصة ما يُعرَف بالغازات النبيلة والمعادن النادرة وها هي تنفذ الآن ما قررت.

لقد ذكرت شركة “بلومبيرغ” للخدمات الإعلامية في الخامس من شهر أفريل الماضي أن ممثلي صناعة النحاس في بورصة لندن للمعادن أجابوا بنعم فيما يتعلق بحظر استيراد النحاس من روسيا، ولكنهم جماعيا أجابوا بلا بشأن النيكل والألمنيوم. وأثارت الشركة ذاتها موضوع “البلاديوم” الذي تستحوذ روسيا على إنتاج 45.6 بالمائة من إنتاجه في العالم. وهو معدنٌ أغلى من الذهب (بلغ سعره يوم 3 جوان 2060 دولارا للأوقية، في حين لم يزد الذهب عن 1850 دولارا للأوقية). وبالنظر إلى أهميته في صناعة السيارات، وفي المفاعلات النووية الانشطارية وفي الطب وتنقية الهيدروجين، فإن روسيا بإمكانها أن تشل العالم في هذا المجال إذا ما تحالفت مع جنوب إفريقيا البلد الوحيد الذي يعادلها أو يفوقها في الكمية، ثم مع زيمبابوي، في حين تشترك الولايات المتحدة وكندا وبقية العالم في إنتاج هذا المعدن بكميات قليلة. ويُقدِّم لنا هذا مؤشرا على الدور الاستراتيجي الذي يمكن أن تلعبه إفريقيا في هذا المجال وفي مجالات أخرى كاليورانيوم مثلا.

ويشكل هذا المعدن الأخير ورقة أخرى خاسرة بالنسبة للغرب في عقوباته على روسيا. وتخشى الولايات المتحدة بالدرجة الأولى من حظر روسيا وحليفتها كازاخستان اليورانيوم عنها حتى لا تبيت في الظلام، ذلك أنهما يمدّان مفاعلاتها النووية المنتجة للكهرباء بنحو 50 بالمائة من حاجتها من الوقود. ومعلومٌ أن المخزون الأمريكي من هذه المادة لا يكفيها سوى لفترة تمتد ما بين 18 شهرا و24 شهرا، الأمر الذي يجعلها تخشى عدم قدرتها على التعويض في مثل هذا الوقت القصير (رغم شروعها من الآن في ذلك عن طريق التنقيب عن اليورانيوم الخامّ في محميات الهنود الحمر). ولو افترضنا أن روسيا تمكنت من تأييد النيجر وناميبيا لمواقفها لأصبح معظم الإنتاج العالمي خارج الدول الغربية، إذ تبقى الولايات المتحدة وكندا لوحدهما بإنتاج ضعيف من هذه المادة. وهذا يؤشر على نقطة قوة أخرى لدى الأفارقة يمكنهم الاستفادة منها للخروج من هيمنة الغرب عليهم والتي دامت قرونا من الزمن.

بجملة أخيرة نقول إن حرب المعادن والغازات النادرة التي تدور في العالم اليوم، إنما تفتح مساحة أمل للأفارقة لكي يعيدوا النظر في سياسات الاستغلال الذي عانوا منه لعقود من الزمن… فهل تكون إفريقيا في الموعد وتغتنم هذا القدر الجديد؟ ذلك ما نتمناه.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!