-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
تقودها دول بمخابراتها ومخابرها ضد الجزائر وشبابها

حرب المهلوسات.. الدرك بالمرصاد!

نوارة باشوش
  • 4977
  • 0
حرب المهلوسات.. الدرك بالمرصاد!
الشروق

هناك، في أقصى الحدود الجزائرية مع دول الجوار، تخوض قوات الأمن حربا شرسة ومعلنة ضد مافيا التهريب، التي تتخذ من المهلوسات على مختلف أنواعها سلاحا لهدم وتفكيك المجتمع الجزائري، وتحاول من خلالها دول بمخابراتها ومخابرها استهداف الجزائر، ليس في جغرافيتها وثروتها، لكن في شبابها ونسائها وأطفالها، بالتحالف مع بارونات أصبحت بين ليلة وضحاها من أصحاب المال “الوسخ” وغسلها في شراء عقارات ومصانع وقصور داخل وخارج الوطن خاصة في دول المعروفة بـ “الجنات أو الملاذات الضريبية”، التي تجذب أصحاب رؤوس الأموال غير المشروعة حول العالم، فيما هم يصولون ويجولون في جزر المالديف والكناري ودول الخليج باعتبارهم مبحوثين عنهم ودخول الجزائر محرم عليهم، وكـ “مخطط B ” يجندون بارونات وعصابات جديدة لإغراق البلاد بهذه السموم، وهو ما يستدعي تحويل السواكن إلى متحركات وعدم الاستهانة بطوفان “البسيكوتروب”.
عالم مثير ومحفوف بالمخاطر حقا اكتشفناه ونحن نرافق مصالح الدرك الوطني بالناحية الجهوية الرابعة للدرك الوطني بورقلة، التي تتوسط حدود عدة دول على غرار النيجر، وتونس، ليبيا فهي تشن يوميا حربا ضروسا ضد “المهلوسات”، تنفيذا لأوامر رئيس الجمهورية، وزير الدفاع الوطني، عبد المجيد تبون، والقيادة العليا للجيش الوطني الشعبي، ومن ثم تعليمات قائد سلاح الدرك الوطني، العميد علي ولحاج، وقائد الناحية الجهوية الرابعة للدرك الوطني بورقلة، العقيد رضا قبايلي، القاضية بنسف هذه البارونات التي تتحالف حتى مع الشيطان لتحطيم الاقتصاد الوطني وبث السموم في عقول الجزائريين.


نعم، فخلال تنقلنا رفقة مصالح الدرك الوطني لولاية ألف قبة وقبة “الوادي” التي تبدو للعيان هادئة هدوء سكانها وكرم مواطنيها، لكن في باطنها وعدد من أحيائها تخفي بارونات خطيرة مدججة بالأسلحة لا يتجرأ لأحد مواجهتها، إلا من له القوة والحنكة الخارقة، لنتوصل في الأخير إلى أن الجزائر فعلا مستهدفة ضمن حرب مركزة لإغراقها بالمخدرات والمهلوسات بالأدلة والقرائن، وأن الكميات المخيفة التي يتم حجزها على حدودنا المقدرة بعشرات الأطنان سنويا، تثبت أن هذه الحرب تقودها دول بمخابراتها ومخابرها وليس مجرد جماعات تهريب وترويج ونحن نواجه بالفعل حرب أفيون حقيقية شبيهة بتلك التي شنتها بريطانيا وفرنسا على الصين، هدفها أن يكون أكبر طموح لدى الشباب الجزائري هو الحصول على قرص مهلوس أو عشبة مخدرة ولو كان ذلك مقابل بيع شرفه ووطنه ودينه.

“الجديدة”.. معقل البارونات


الساعة كانت تشير إلى الثالثة صباحا، صقيع البرد بلغ ذروته القصوى.. عندما وصلنا إلى الكتيبة الإقليمية لدرك دبيلة رفقة المقدم عبد القادر بزيو رئيس مصلحة الاتصال بقيادة الدرك الوطني، والنقيب وائل بوناب من نفس المصلحة، إلى جانب الرائد سمير زواوي رئيس مكتب الاتصال والإعلام والتوجيه بالقيادة الجهوية الرابعة للدرك الوطني بورقلة.. والمقدم موسى بن قرايت المكلف بالإعلام على مستوى المجموعة الإقليمية لدرك الوادي..كل الوحدات والتشكيلات التابعة للمجموعة الإقليمية لدرك الوطني بالوادي، جاهزة وعلى أتم الاستعداد لاقتحام ومداهمة أخطر حي في ولاية “واد السوف”، “وهو حي “الجديدة” وما أدارك ما حي “الجديدة”، فمن كان يتجرأ ذات يوم أن يدخل هذه الإمبراطورية أو مملكة “البارونات” المدججة بالأسلحة؟ لكن، كما يقال لكل موسى فرعون.
“الكل.. استعد.. عليكم بالانضباط والصرامة.. فلا مجال للتقاعس.. عليكم بالتوخي الحيطة والحذر واحترام حقوق المواطنين وخصوصياتهم أثناء عملية التفتيش للبيوت..” هي عبارات أو بالأحرى تعليمات أسداها العقيد ميلود عبابسة، قائد المجموعة الإقليمية لدرك االوادي، الذي قاد شخصيا وعلى غير العادة عملية المداهمة رفقة 200 وعون دركي، وفي عين المكان تم تقسيم الأفراد على 3 فرق، الأولى يقودها الرائد عبد القادر حجاجي قائد الكتيبة الإقليمية لدرك رباح، والثانية بقيادة الرائد عباسي قائد كتيبة الدرك لدبيلة، والثالثة يقودها الرائد موساوي قائد كتيبة الدرك لرقيبة.
وفي حدود الساعة الرابعة والـ 51 دقيقة، انطلقت مركبات الدرك صوب حي الجديدة الذي يبعد بحوالي 20 كلم عن مدينة واد سوف، امتطينا مركبة العقيد عبابسة قائد المجموعة الإقليمية لدرك الوادي، الذي كان طيلة الطريق يراقب كل صغيرة وكبيرة ويتابع جميع التفاصيل مع قادة الكتائب، ويوجه لهم تعليمات عن الخطة المسطرة لإنجاح العملية بكل تفاصيلها هدفها تحقيق نتائج إيجابية.
الهول.. نعم الهول عندما وصلنا إلى منطقة “الخطر” إنه حي “الجديدة” بالرغم من اسمها إلا أنها تشبه إلى حد بعيد عمرانا فوضويا “لا ساس ولا راس”، كما يقال بالشعبية، فهو مجرد بناءات غير مكتملة وأخرى قصديرية، تتخللها في بعض المرات بنايات على شكل فيلات مشيدة بطريقة غريبة، تضم أزقة وشوارع ضيقة تسهل فرار العصابات والبارونات من قبضة الدرك،، لنكتشف في ما بعد أن الأمر مقصود، فهو ذر الرماد في العين، لأن معظم عناصرها هم من بارونات “المهلوسات” ويحوزون شققا وعقارات ومصانع واستثمارات خارج الولاية على شاكلة سطيف وعنابة والجزائر العاصمة وغيرها من الولايات، أو في الخارج خاصة دول الخليج وأسبانيا وتونس وليبيا وغيرها من الدول.
عناصر الدرك يحاصرون جميع مساكن المشتبه فيهم وكذا بارونات وعصابات المتاجرة بالأقراص المهلوسة خاصة “بريغابالين” 300 مغ “، حيث أصبح يطلق على اسم قرية “الجديدة” إمبراطورية “البريغابلين”، وفضولنا دفعنا لكي نسأل العقيد عبابسة حول مداهمة الحي في هذه الساعة المبكرة، ليرد علينا قائلا: “في وضح النهار هناك ما يسمى “البيعة”، يوجد أشخاص مجندون لإعطاء معلومات حول قدوم رجال الدرك إلى المكان، وعلى هذا الأساس، اعتمدنا على عنصر “المفاجأة”.. “لا يعلمون في أي وقت يحاسبون.. فهناك قائمة لأشخاص مبحوثين عنهم يترددون على بيوتهم في ساعات متأخرة من الليل”.
ونحن نرافق قائد المجموعة الإقليمية لدرك الوادي، في دوريته على وحداته وتشكيلاته على غرار فرق البحث والتحري، وكذا فرق التدخل وأمن الطرقات التي حاصرت المنطقة، تتراءى لنا سيارة من نوعه “سامبول” بيضاء اللون، وبمجرد أن لمحت مركبة الدرك، ارتبك صاحبها ليفر هاربا بين الشوارع والأزقة الضيقة بسرعة جنونية، ونحن نقوم بمطاردته، فلا يمكن له الهروب، لأن رجال الدرك طوقوا جميع المداخل والمخارج، ليؤكد لنا العقيد عبابسة، أن هذا الشخص يمكن أن يكون “عين البارون” أو يحمل أقراصا مهلوسة..
وقبل أن نغادر المكان في حدود الساعة التاسعة والنصف صباحا، وبعد أن استقيظ سكان “الجديدة”، وبخطى متسارعة، تقرب أحد المواطنين إلى مركبة العقيد عبابسة، دون أن يعرف منصبه، ويقول له: “شاف يعطيكم الصحة والله تحسنت الأوضاع بزاف كنا نعيش في الخوف والرعب وكأننا في “كابول”.. عندما نراكم نحس بالاطمئنان على أنفسنا وأولادنا بارك الله فيكم ربي يقويكم”.. وهي العبارات التي رسمها هذا المواطن البسيط على وجه المسؤول الأول عن الدرك في إقليم ولاية غرداية، الذي رد عليه قائلا: “نحن في خدمتكم وأنتم رأس مالنا وراحتكم تهمنا”.
عملية المداهمة، لحي “الجديدة” انتهت بعد 3 ساعات كاملة، وأسفرت عن نتائج إيجابية كما كان مخططا لها، حيث أسفرت عن حجز عدد معتبر من المهلوسات من نوع بريغابلين 300 مغ وكمية من المخدرات الصلبة إلى جانب مبالغ مالية وسيارات سياحية مع توقيف 9 أشخاص من بينهم نساء ومعظمهم محل أوامر قضائية.

“بورش” و”ليموزين” و”هامر” لتمويه مصالح الأمن


التحقيقات التي قامت بها مصالح الدرك الوطني لولاية الوادي، بحسب ما كشف عنه العقيد عبابسة وقائد فصيلة الأبحاث بالمجموعة الإقليمية لدرك الوادي، أزالت الستار عن طرق والحيل الخبيثة التي تستعملها بارونات تهريب والمتاجرة بـ “المهلوسات” في إقليم الولاية إلا أن بارونات وعصابات هذه السموم في منطقة “جديدة” فاقت كل التصورات، فهم يقومون بتجنيد قصر تتراوح أعمارهم بين 11 و17 سنة، لحراسة ومراقبة قدوم مصالح الأمن، فيما تجند المراهقين باستعمال الدراجات عبر مداخل ومخارج البلدية لإخبارهم عن تحركات الدرك الوطني، هذا مقابل مبالغ مالية تتراوح بين 8 إلى 15 مليون سنتيم، حيث يتكفل زعيم آخر بتجنيد هؤلاء مقابل 50 مليون سنتيم.
كما كشفت التحقيقات أن بارونات وعصابات “المهلوسات”، بحسب ما كشف عنه قائد الكتيبة الإقليمية لدرك رباح الرائد عبد القادر حجاجي لـ “الشروق”، يستعملون شرائح “الموتى” والمسنين للاتصال في ما بينهم، أو يستعملون “الواتساب” أو “التطبيقة الجديدة المعروفة” بـ “السينيال” خلال ممارسة نشاطهم الإجرامي للإفلات من مصالح الأمن، فيما تستعمل مركبات “بورش” و”ليموزين S3 “و”ستايشن” و”هامر” وغيرها من سيارات فاخرة، إلى جانب شاحنات الوزن الثقيل ذات ماركة عالمية ودراجات نارية من نوع “لمياكسي”، لنقل المخدرات لتمويه مصالح الأمن.
وعن الطريقة التي يتم فيها تهريب هذه الـ “المهلوسات” وقفت “الشروق” على خدع خطيرة لا تخطر في بال أحد، حيث تمكنت مصالح الدرك بالحمراية من حجز 16 ألف كبسولة من نوعه “بريغابلين 300 مغ”، تم حشوها وسط التمر في دلو كبير، كما تم حجز نفس السموم أيضا داخل عجلة “الاحتياط” لإحدى المركبات وغيرها.

وبالمقابل، وبحسب ما المعلومات التي تحصلنا عليها في عين المكان، وباعتبار أن ولاية واد السوف، تموّل السوق الجزائرية بـ 70 بالمائة من البطاطا، وتجار العديد من ولايات الوطن يتوافدون إلى المنطقة لشحن هذه المادة، فإن مصالح الدرك فرضت رقابة مشددة على الشاحنات المتوافدة تفاديا لاستغلالها من طرف عصابات وشبكات تهريب الأقراص المهلوسة لنقل هذه السموم.
وإلى ذلك، فقد أثبتت تحقيقات مصالح الدرك والأمن عموما وكذا الإنابات القضائية، أن مافيا وعصابات وبارونات “المهلوسات”، فمتورطون في عمليات تبييض وغسيل الأموال من خلال شراء عقارات وفيلات فاخرة وأملاك داخل وخارج الوطن، خاصة في الدول المعروفة بـ “الجنات أو الملاذات الضريبية”.

ما خفي أعظم…؟
بعد عملنا هذا وما خفي أعظم.. لاشك أن هذا يعطينا صورة حقيقية عن خطورة المخدرات والمهلوسات التي تشن علينا بواسطتها حرب دون هوادة من أجل تدمير المجتمع الجزائري، وهي حرب مستمرة لا تتوقف، تضرب في كل مكان، فلم تعد تستهدف اليوم، بحسب ما أكده لنا العقيد عبابسة قائد المجموعة الإقليمية للدرك الوطني بالوادي، وجميع ضباطه، المنحرفين فقط المعروفين في الأحياء الشعبية فقط، ولكنها أصبحت تقتحم المدارس والثانويات والجامعات وكل المؤسسات بل حتى المساجد لم تسلم من ترويج هذه السموم.
وبلغة الأرقام، سجلت مصالح الدرك الوطني، خلال الـ 10 أشهر الأول من السنة الجارية، حجز 1666867.5 قرص مهلوس، تم على إثرها توقيف 196 شخص أودع منهم 165 الحبس المؤقت.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!