الرأي

حرية الإفطار.. وحرمة النقاب

محمد سليم قلالة
  • 4258
  • 13

“الحرية” في المطلق، أي كقيمة مطلقة، هي محل اتفاق الجميع.. لكن النظر إليها وهي تتحرك في الواقع يَطرح أكثر من إشكال، والنظر إليها ضمن الإطار الحضاري الذي تنتمي إليه يُعمّق الخلاف.

كحركة متناقضة في الواقع نلاحظها في سياسات الدول الأوربية تجاهنا بعد الثورة الفرنسية، حيث في الوقت ذاته الذي كانت  فيه هذه الدول تحتفل بشعار: حرية، أخوة، مساواة، وتدافع عن هذه القيمة المنتصرة في أوروبا، كانت باسمها تستعبد الشعوب الأخرى ضمن ما عُرف برسالة التمدين والحضارة. وكنا في الجزائر وفي الأمة الإسلامية من ضحايا هذه الثنائية، وأصبحنا شعوبا مستعمرة باسم نشرها، واستمر المنهج ذاته مطبقا إلى يومنا هذا، إذ باسمها تم احتلال العراق، وتم التدخل في أغلب البلاد الإسلامية، وباسمها  يتم توعد ما بقي منها.

أما النظر إليها ضمن الإطار الحضاري فيلاحظ من خلال المعاني المختلفة التي تأخذها ذات القيم من حضارة إلى أخرى. إذ لا شك أن الصيني أو الأمريكي أو الهندي أو الفرنسي لا يقصدون ذات المعنى عندما يتكلم كل منهم عن حرية ابنه أو ابنته، فكل يَحكُم مفهومه الإطار الحضاري الذي ينتمي إليه.

كذلك نحن اليوم ينبغي أن نناقش مسألة الحرية عندنا، وبالدرجة الأولى حرية التعبير والسلوك، ضمن حركتها في الواقع الذي نعيشه، وضمن الإطار الحضاري الذي ننتمي إليه. إذ لا يصح أن نستوردها كما نستورد باقي السلع جاهزة من غير أي تمحيص، ذلك أنه إذا كان هناك ضرر كبير على الاقتصاد الوطني عند استيراد البضائع فاستيراد القيم ضرره يمتد إلى الوجود ذاته.

 

وهو المنطق الذي يحكم سلوك أية دولة تؤمن بانتمائها الحضاري وتعتبر أن لها عمقا تاريخيا، وإلا كيف نفسر رفض الفرنسيين لحرية ارتداء الخمار أو النقاب رغم أنه من الحريات الشخصية؟ وكيف نفسر رفض السويسريين للأذان رغم أنه كذلك…؟ المسألة بالنسبة إلى الفرنسيين كانت تتعلق بالنظر إلى ما يحمله النقاب والخمار من تناقض مع الإطار الحضاري الذي ينتمي إليه هذا البلد، وكذلك الشأن بالنسبة إلى السويسريين وغيرهم… فكيف لا يُقبل منا إعادة قراءة شعار الحرية الذي تم رفعه لانتهاك حرمة الصيام في بلادنا ضمن حركة هذه القيمة في الواقع الجزائر ي وضمن الإطار الحضاري الذي تنتمي إليه الأمة؟

مقالات ذات صلة