-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
على ضفاف القرآن والسنة

حرية التعبير

حرية التعبير

إن حرية التعبير عن الرأي أو المعتقد تأتي نتيجة منطقية لحرية التفكير والمعتقد التي سبق الحديث عنها، وإلا كان الحديث في ذلك من قبل العبث، إذ ما الفائدة الحديث عن حرية الإنسان في إطلاق يد تفكيره في أن يصل من خلال بحثه وتفكيره الحر إلى نتائج وقناعات يجد نفسه بعدئذ مكبل اللسان عن أن يعبر بحرية عما توصل إليه من نتائج، أو رفض ما يعارض قناعاته.

والقرآن الكريم نفسه ميدان فسيح لعرض الآراء المخالفة والرد عليها. 

إن حرية التعبير قد تتسامى إلى درجة الوجوب بسبب كونه لا يتم واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة إلى الله إلا عن طريقها، لكن الشرع أعطى الدولة حق تقييد هذه الحرية إذا أصبحت سبيلا للإفساد وتعريض المجتمع للتفكك والاعتداء على مقدساته وأخلاقه، فالإسلام هنا وسط بين النظم الديكتاتورية المكمّمة للأفواه، والنظم التي تفتح المجال للحريات حتى تتحوّل إلى فوضى يمارس من خلالها التضليل ونشر المجون والإلحاد، ولكن ذلك لا يعني أن يتجاوز الحاكم حدود المصالح التي تقتضيها الشريعة لسدّ منافذ حرية الرأي استبدادا باسم المصلحة، فهذا جور على الدين لا اتباعا له.

كما أن الإسلام يقرن الحقوق بالمسؤوليات، فإذا أقر حرية التفكير والتعبير، فهو يضع عليه واجب الالتزام بالعفة والصدق، وعدم التجريح أو النيل من الأعراض والكرامات، وقد عاب القرآن الكريم على بعض الناس الذين يسارعون إلى إشاعة أحاديث السوء فقال: (إذ تلقونه بألسنتكم وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم ) النور: 51.

ذلك أن مناخ الحرية قد يغري ضعاف النفوس، فيستغلونه للنيل من الكرامات والأعراض بما يهدم أسس المجتمع من ناحية، ويجعل المنكرات أمورا شائعة مقبولة حين يتم ترويجها بالحق والباطل.

وإذا كانت حرية إبداء الرأي والنقد في الإسلام مكفولة حتى في ما يتعلق بالأديان والمعتقدات، فإن ذلك مشروط بعدم المساس بما يجرح المشاعر الدينية وينالها بالتحقير والشتيمة، أو تناول الرموز الدينية من أشخاص ومقدّسات مختلفة بالتشنيع المادي والمعنوي سبابا وقذفا واتهاما. 

إن حرية المعتقد والتفكير والتعبير هي الأصول لما يتبعها من أنواع الحريات الأخرى التي يتحدث عنها الفلاسفة والمشرّعون. 

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • Marjolaine

    " وضربت عليهم الذلة والمسكنة وباءو بغضب من الله"
    "وضربت عليهم الذلة أينما ثقفوا إلا بحبل من الله وحبل من الناس"
    "وألقينا بينهم العداوة والبغضاء كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله ويسعون في الارض فسادا والله لا يحب المفسدين"
    "لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة" ..... فإذا ليس من التعدي عن المقدسات أن أن ننقل ما أقره خالق العباد. فقد نهى الله رسوله صلى الله عليه وسلم أن يخشى أحدا فيما أنزل عليه: "فلعلك تارك بعضما يوحى إليك وضائق به صدرك أن يقولوا لولا أنزل عليه كنز..." فالحق يعلو ولا يعلى عليه