جواهر
وجهات نظر

حريّة المرأة

سناء الشعلان
  • 4609
  • 10
ح.م

المرأة كيان له رؤيته ومداركه وحاجاته وآماله المتباينة والمختلفة وفق معطيات ظروفه وزمنه ومتغيرات حياته ووجوده وأولوياته؛ ولذلك فأولويات المرأة ونظراتها في تنشئة الأجيال تختلف وتتباين، ولكن على المرأة، وهي المعوّل الأوّل عليه في التربية وتوجيه دفّة الأهداف ،أن تجعل  من العدل والمساواة والحرّية والتحضّر والسّلام والعلم والارتقاء أهدافاً رئيسية ومركزية في خطتها الإنسانيّة في تربية الأجيال، وبخلاف ذلك،سيكون دورها سلبي، وستتعرقل أو تتشوه أو تحيد عن هدفها السّامي مسيرة الأجيال.

  وفي سبيل تحقيق  المرأة لحريتها عليها أوّلاً أن تحدّد مطالبها، وتنظّمها، ثم تضع آلية وتنتخب أدوات ونساءً ليقمن بدور الرّيادة والتمثيل وتقعيد الحقوق ، ورسم خطط الوصو ل إليها بعيداً عن كلّ الأضواء الحارقة التي هي في حقيقتها ليست أكثر من شرك يضعه الرّجل من أجل استعباد المرأة بأشكال جديدة تحت أغطية التّحرر والفجور وإشباع الرّغبات بكلّ الطّرق البهيمي

ومن أهم أشكال اضطلاع المرأة بهذا الدّور أن تقوم باستبعاد الرّجل الرّجعي الذّكوري السّلطوي الذي بات يعتقد أنّه بذكائه ودهائه يستطيع أن يدجّن المرأة من جديد بسياسة العصا والجزرة عبر لبوس التحضّر الذي يلبسه ليخفي تحته أبويته السّلطوية التي تشتهي استعباد المرأة بكلّ الأشكال والصّور.

والعجب الحقيقي هو أن يعدّ هذا النّوع من الرّجل هو مطالب بحقوق المرأة، بل هو صورة كلاسيكية تراثية مشوهة لا تختلف عن صورة الرّجل المتحّضر المزعوم الذي يخفي خلف قناع تحرّره المزعوم رجلاً سلطوياً حداثياً يريد أن يخدع المرأة من جديد، بإعطاء اسم وشكل جديد لعبوديتها، فيعطيها حريّة الجسد ليعهّرها، ويعطيها حرّية الخيار ليضيّعها، ويعطيها حرّية العمل والمساواة ليستغلّها ويخدّمها. هذان الصنفان من الرّجال هما وجهان قاتمان لعملة واحدة تكرّس عبودية المرأة.

الرّجل المرشّح للوقوف إلى جانب المرأة في حربها الإنسانية العادلة هو رجل يؤمن بإنسانتيه التي لا تكتمل دون اكتمال إنسانية المرأة، ويجعل من موروثه الديني والحضاري والفكري مرجعية داعمة ومشكّلة لأدواته في سبيل حربه المقدّسة إلى جانب المرأة في مأزقها الإنساني الخطير.

لاسيما أنّ الرّجل لايزال  يحاكم المرأة بقانون القبيلة والخطيئة التي هي صفة ذلّ وخزي للمرأة، وصفة رجولة وفحولة للرجل!!! أما آن الأوان أن تسمّى الأشياء بأسمائها الحقيقية: مثل الضحية، الخديعة، الاستغلال ، العقاب؟؟؟ وأن تكال الأشياء بنفس المكيال؟

يبدو أنّ الوقت لا زال بعيداً عن هذه الأفكار الطوبائيّة، ومادام الوضع كذلك، فعلى المرأة أن تستيقظ من غفلتها، وتعمل على بناء ذاتها ووعيها، وترفض بقوة وحزم أن  تلعب دور الضحية؛ لما في ذلك الدّور من مهانة ووضاعة لا تليق أبداً بها ولا بإنسانيتها ولا بدورها الحضاري الخطير.

والأصوات التي تقول من وقت إلى آخر إنّ المرأة قد نالت كلّ حقوقها، تجعلنا نتوقّف عند هذا الإدعاء لنقول إنّ المرأة قد نالت بعضاً من حقوقها بعد كفاح مرير وحرمان طويل، فهذا صحيح، وإن كان المقصود به أنّ المرأة قد أثبت أهليتها وقدرتها في المهمات التي أُنتزعت انتزاعاً مهمة الاضطلاع بها، فهذا صحيح أيضاً، أمّا إن كان المقصود هو أنّ المرأة قد نالت غاية ما تريد وتتمنّى، وقد آن لها أن تركن إلى السكون، فهذا غير صحيح،فالمرأة في المجمل في هذا العالم لا تزال منقوصة الحقوق بشكل أو آخر، ولا تزال حتى في عقر معاقل الحرية المزعومة تتعرّض لأبشع أنواع الاستغلال وأقذرها، لذلك يبدو أنّ الحرب والرحلة لا تزالان طويلتين أمام المرأة. ومن المبكّر للغاية أن نحكم على هذه التجربة الاستثنائية.

مقالات ذات صلة