الرأي

حرّروا العقول قبل الأجساد!

قادة بن عمار
  • 896
  • 6
أرشيف

ما قالته الأميرة السعودية “حصّة آل سعود” حول ظاهرة الفتيات اللواتي افترشن الأرض بالمئات لمشاهدة حفلة للمغني كاظم الساهر قبل أيام، أمر يحتوي على جانب كبير من الصحة ويطرح الكثير من التساؤلات حول شكل ومآلات التحوّل الذي تشهده السعودية منذ فترة!

الأميرة المذكورة قالت في مقطع فيديو انتشر كالنار في الهشيم عبر مواقع التواصل الاجتماعي إنها “زارت عديد البلدان ورأت الشباب (الكفرة كما وصفتهم!!) يقبلون على الحفلات لكن ليس بالدرجة التي وصلت إليها الفتيات من بنات بلدها”، بيد أنه وبعيدا عن التوصيف، ألم تسأل الأميرة نفسها لماذا وصلت المملكة إلى هذا الحال؟ وكيف انتقت إليه بهذه السرعة وهي التي كانت محكومة بجماعة “الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر” قبل أسابيع قليلة؟

هل حدث ذلك بسبب الانغلاق الزائد في عقود سابقة، أم نتيجة الرغبة في التحرر من الرقابة التقليدية؟ هل تتفق هذه السلوكات مع النظرة السياسية التي تطبقها الرياض حاليا بقيادة الأمير وولي العهد محمد بن سلمان أم أن هذا الأخير سيدفع ثمن جرأته و”رغبته في التحوّل السياسي والفكري” فينقلب عليه الحرس القديم داخل العائلة الملكية والذي تمثل حصة آل سعود صوته النسوي المرتفع حاليا؟ هل فهم الشباب السعودي أصلا أبعاد (رؤية 2030 ) لبناء مملكة جديدة أم لم يستوعبها بعد؟!

الفتيات اللواتي افترشن الأرض لشراء تذكرة من أجل حفل كاظم الساهر هن أنفسهن الفتيات اللواتي خرجن عن بكرة أبيهن وتزاحمن لمشاهدة المغني المصري تامر حسني بمدينة جدة قبل أسابيع، فلماذا يتم الانتباه لمثل هذا السلوك الآن بالتحديد؟ ولو كان الأمر متعلقا بالشباب المذكور، هل كان سيثير كل هذه الضجة الإعلامية والصخب الفايسبوكي؟

هنالك اتجاه لممارسة الحرية بشكل خاطئ، ليس في السعودية وحسب، وإنما في العالم العربي ككل، كما أن هنالك نقصا في الوعي على أكثر من مستوى، بدليل أننا لا نشاهد أمواجا بشرية تحاصر مقر ندوة فكرية أو نشاط ثقافي محترم!

وهنا يكمن السؤال: هل تسببت الأنظمة السياسية في جعل الترفيه مقتصرا على الغناء وعلى بعض الأسماء الفنية فقط؟ لماذا لم تشجع تلك الأنظمة على تحرير العقول مثلما تشجع على تحرير الأجساد المتمايلة هنا وهناك؟ ربما لأنه ليس من مصلحتها فعل ذلك.. فإن تحرّر العقل، طرح السؤال وألح في بحثه عن الإجابة، وقد يعثر يوما ما على الحقيقة، وتلك مشكلة كبيرة بالنسبة لعديد الأنظمة!

مقالات ذات صلة