-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

حفظةُ القرآن نوابغُ البكالوريا

حسين لقرع
  • 711
  • 0
حفظةُ القرآن نوابغُ البكالوريا

مرّة أخرى، يتبوّأ حفظة القرآنِ الكريم، كلِّه أو نصفِه أو أجزاء واسعة منه، صدارة قائمة النّاجحين في البكالوريا بمعدّلاتٍ عالية، وهي ظاهرة إيجابية تتكرّر كلّ سنة تقريبا، وتُقدّم في كلّ مرّة دليلا إضافيّا دامغا على مدى أهمّية حفظ القرآن الكريم في سنٍّ مبكّرة في المشوار الدراسي المستقبلي للتلاميذ.

لقد أثبتت التجاربُ والنتائج الدّراسية المحصَّلة على مدى عقود عديدة أنّ التّلاميذ الذين زاولوا تعليمهم التّحضيري بالمدارس القرآنيّة والزّوايا والكتاتيب قد أبدوا تفوّقا واضحا في مشاورهم الدراسي على أقرانهم الذين زاولوا تعليما تحضيريّا “عصريّا” بالمدارس وهم في الخامسة من أعمارهم، وذلك منذ الأولى ابتدائي إلى البكالوريا فالدراسات العليا، كما أنّ المستويات المعرفيّة لحفظة القرآن، أو بعضه على الأقل، هي أعلى بكثير، وفي شتى الموادّ والتخصّصات، من مستويات نظرائهم الذين اكتفى أولياؤُهم بإرسالهم إلى التّعليم التحضيري “العصري”!

إنّه أبلغُ ردٍّ على العلمانيين العرب الذين طالما طعنوا في تحفيظ القرآن الكريم للتلاميذ في سنٍّ مبكرة من دون فهم معانيه، وعدّوا ذلك “ببّغاوية” و”اعتداءً على طفولتهم” و”عنفًا مسلَّطًا عليهم”، كما زعمت علمانية مصرية قبل سنوات قليلة، بل إنّ وزيرة التربية الجزائرية السابقة نورية بن غبريط رمعون زعمت في سنة 2015 خلال حملتها لتغريب المدرسة الجزائرية بإيعاز من “العصابة”، أنّ نتائج خرّيجي الزّوايا والمدارس القرآنية ضعيفة حتى في اللغة العربية؟! وقد حاولت في شهر جويلية من السّنة ذاتها تسويقَ فكرة التّدريس بالعامّيات الجزائرية بدل العربية الفصحى التي زعمت أنّها “دخيلة ومستعصية الفهم ولا يعرفها التلاميذ!”، قبل أن يتصدّى لها الخيِّرون في هذه الأمّة ويشنُّون عليها حملة ضارية دفعت رئيسَ الحكومة آنذاك عبد المالك سلّال إلى إبطال خطّتها والإبقاء على العربية الفصحى لغة التدريس الأولى في بلادها.

تفوّقُ حفظة القرآن الكريم في بكالوريا هذه السّنة، هو أيضا ردٌّ بليغ على الكاتب الفرنسي المختصّ في اللسانيات، آلان بانتوتيلا، الذي نشر يوم 19 جوان الماضي مقالا في مجلة “لوبوان” ينضح كراهية وحقدا على لغة القرآن الكريم، زعم فيه أنّ الجزائر أخطأت حينما استبدلت اللغة الفرنسية بلغة القرآن بعد استقلالها، وكان حريًّا بها أن تعوّضها بالعامّية الجزائرية، لأنها برأيه لغة الأم، وتساعد على التحليل والتفكير والإبداع، خلافا للغة القرآن، لغة المقدَّس، التي تعلّم النمطية والخنوع، وتؤدي إلى تقهقُر مستوى المدرسة الجزائرية! ولا ريب أنّ صدور مقال هذا اللسانيَّ الفرنسي الحاقد في هذا الوقت بالذات، هو محاولة لبعث النقاش الذي بدأه العلمانيّون الجزائريّون قبل سنوات بشأن ضرورة التّدريس باللهجات العامّية الجزائرية بدل الفصحى، كما أنه محاولة للتشويش على قرار السُّلطات الجزائرية إدراجَ الإنجليزية لغة تدريسٍ في الجامعات، ما يهدّد نفوذ اللغة الفرنسية ويُنذر بتراجعها تدريجيًّا واندثارها في السنوات القادمة في شتّى أطوار التعليم بالجزائر.

نصيحة للأولياء: احرِصوا على إلحاق أطفالكم بالمدارس القرآنية وهم في سنّ الخامسة إذا كنتم تريدون لهم التميُّز والتفوّق في مشوارهم الدراسي كلّه، ومبارَك للناجحين جميعا في بكالوريا 2023.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!