الشروق العربي
الولادة بين البارح واليوم

حكاية الشهر الثالث وحرز الحزام وزوج بيضات

فاروق كداش
  • 1147
  • 2
ح.م

تحمل في أحشائها ثمرة الحب المقدس، يتحرك فتتحرك معه كل مشاعر الأمومة، هي تحبه وتنتظر أن تقر عيناها به، وتحلم بأول صرخة وأول رضعة وأول ابتسامة وأول خطوة… وأول طقوس الفرحة وأول تقميطة وأول تحنيكة… الشروق العربي تبحث الفروق السبعة بين الحمل والولادة بين أمس المخاض العسير ويوم حقنة الظهر بلا ألم.

في القديم، لم يكن هناك اختبار حمل ولا تحاليل، لكن رغم كل هذا، كانت العائلة تسهر على راحة المرأة الحامل.. وكانت علامات الحمل هي اختبار الحمل، الذي تقريبا لا يخطئ، كالدوخة وقلب المرأة الذي “يدور”، حسب تراث الجدات… وفي حال الشك، تسأل العروس حديثة العهد بكل شيء أمها أو حماتها، التي هي على دراية تامة بهذه الأمور… وكانت النساء لا ينشرن خبر الحمل، إلا بعد مرور الشهور الثلاثة الأولى، مخافة من العين والحسد… أما الساذجات منهن، فيذهبن إلى الطالب من أجل عمل حرز يحفظ الجنين، ويربطن ذلك الحرز في أحزمتهن، ويبقينه معهن حتى يحين موعد الولادة… طبعا جهلا منهن، فنساء زمان لم يكن بمستوى الوعي الديني الموجود بين نساء اليوم، ومع هذا، يقعن في الشرك الأكبر، وما يحدث من القصص الآن يجعل العجوز تركض فزعا.

وكانت الجدات يحذرن من عدم إتيان ما تشتهيه المرأة الحامل، مما لذ وطاب، حتى لا تظهر عليها “توحيمة” أو “وحمة” على جسم الرضيع، حمراء كانت أو سوداء.

 أم وحبل وألم

في ما مضى، كانت المرأة لا تذهب إلى المستشفى أو كلينيك لتضع حملها، بل تلد بمساعدة القابلة أو أمها أو عجوز ضليعة في ذلك… وفي بعض المناطق النائية، تلد بنفسها بشد حبل مربوط في السقف، وعند عسر الولادة، كانت النسوة يعطين المرأة بيضتين بزيت الزيتون لتسهيل المخاض… وكان من عادات النسوة آنذاك، الذهاب إلى الطالب في كل شاردة وواردة، فيعطيهن حروزا أخرى، تجعل المخاض بردا وسلاما عليهن، فيشربن الماء المرقي بفاتحة الكتاب وسورة القدر وآية الكرسي، وهذا ما كان يقال، وما خفي أعظم، وبعدها يمسدن به أي يدلكن بخفة بطونهن… هذا الخوف كان مبررا، لأنه في غياب طب اليوم كانت الكثيرات يلفظن أنفاسهن بعد الولادة وكذلك صغارهن.

طقوس من زمن “النية”

نفس العادات نجدها في مناطق مختلفة، فالحماة تعلق الحبل الذي ستلد بمعيته كنتها وتحضر بعض قطع القماش للمولود، وتقوم بتهريس إدباغة هيماث وتغربل بشاش كي تصبح ناعمة وكذلك الكحل.. وتحضر نساء الأوراس الصرة أو الكموسة للمولود والأم، فيها ملح وكمون أسود سانوج توضع في القدم كي تبعد العين الحاسدة.

 ومن العادات غير المحببة ما كانت تفعله بعض النساء عند ولادة الإناث، فلم يكن يطلقن زغاريد إلا على الذكور فقط… أما البعض الآخر، فكن يطلقن زغرودة واحدة على الأنثى مقابل ثلاث للذكر. ومن عادات التفرقة أيضا، عادة إعطاء النفساء الماء في إبريق إن ولدت ذكرا، أو في جرة إن كانت أنثى.

من بين العادات الغريبة في بعض المناطق، تجفيف الحماة الغلاف الذي يولد فيه الطفل أحيانا أو السرة وتضعه في محفظة نقود ابنها، أو حتى زوجها، كي يكثر المال والبركات.

عند قطع الحبل السري كانت القابلة تضع نقطة من عسل أو كحل ليجف الجرح بسرعة، وعندما يجف يوضع بين حاجبي الرضيع، ويخضب بالحناء، ويخفى في صندوق خشبي… وهناك من يقوم بدفنه وغرس شجرة فوقه…

سنة أولى عسل

عند تقميط الطفل يوضع كحل في عينيه، كي يظهر إن كان فيهما اصفرار، وإن وجد توضع لويزة من ذهب بين كتفيه كي تزول… عند الرضاعة الأولى، إذا اختنق المولود قليلا يجذب أنفه قليلا، وإن جاءته الحازوقة يوضع خيط أحمر على جبينه..

في منطقة القبائل، زمان، يستقبل المولود بإعطائه رشفة عسل، كي تكون حياته حلوة المذاق، وتلبس المرأة إبزيما قوق رأسها وحزام أقوس على خصرها يربط فيه خنجر ومنجل وكتاب وقلم، ويحضر البغرير..

مقالات ذات صلة