الرأي

حملة غربية على السعودية

صالح عوض
  • 3347
  • 15
أرشيف
الملك سلمان بن عبد العزيز

بعيدا عن الحديث عن الواقعة الشنيعة التي طالت الصحفي السياسي جمال خاشقجي، وبعيدا عن كل التفصيلات في حادثة القتل والسيناريوهات التي مارسها جهاز الأمن السعودي واضطرابه ورواياته المتناقضة.. بعيدا عن هذا السيناريو أو ذاك نريد الاقتراب من شيء آخر.. اننا بصدد حملة كبيرة تشنها المؤسسات الغربية، فلقد أدلى الجميع بدلائهم في الموضوع من البرلمان الأوروبي إلى حكومة كندا إلى وزراء المالية الأوروبيين إلى المؤسسات الاعلامية في اوروبا وامريكا، كل اولئك في جبهة واحدة يصعدون الخطاب ويتعرضون لخطاب المسئولين السعوديين ويفندونها جملة جملة، الأمر الذي يتصاعد الآن فيما يشبه حالة حرب ستشن قريبا على المملكة.. انها حرب معنوية وسياسية كبيرة لم تشهدها المملكة في تاريخها وهكذا تظهر حقيقة العلاقات مع الغربيين والأمريكان بأنه ليس من الممكن شراؤها والاعتماد عليها في مواجهة الشعوب والحقائق..
الكلام الآن في الغرب يدور حول عقوبات تصل إلى اقتياد مسئولين سعوديين إلى المحاكم وعقوبات شديدة اقتصادية ودبلوماسية تصل إلى منع المسئولين السعوديين من دخول اوروبا وسوى ذلك من اجراءات من شأنها إضعاف الدولة السعودية.. وليس من المستبعد تحريك قوى من داخل العائلة السعودية ومن المجتمع المدني والمعارضة السعودية المنتشرة رموزها وفعاليتها في الدول الأوروبية لاسيما بريطانيا..
فهل تكتفي الدول الغربية بتنحية محمد بن سلمان من سدة الحكم؟ الأمر اكثر تعقيدا من ذلك.. فهناك ملاحظات عديدة تكبر الآن في الرأي العام الأوروبي والغربي جملة يتعلق بموضوع اليمن والعلاقة مع قطر والحريات السياسية والثقافية في المملكة.. فلقد اصبحت معالم السياسة السعودية تتبلور حول عدة عناصر، الأول الحرب على اليمن ومحاصرة قطر واجراء اصلاحات في البلاد استهدفت عشرات الأمراء الأثرياء واركان في الدولة، كما شملت طبقة العلماء الاصلاحيين وعلى رأسهم صفر الحوالي وسلمان العودة، وأمعن ولي العهد في الاعتقالات ورفع سقف التهم التي تم بموجبها المطالبة بإعدام قادة الفكر والدعوة الاسلامية.. بعد ان شن حملات دعائية مكثفة ضد الوهابية وقد وصفها بأنها كانت أداة بيده ضد الشيوعيين وانتهت مهمتها.
هل تكتفي الدول الغربية بإزاحة ولي العهد؟ يبدو المسألة تحتاج العودة إلى تاريخ العلاقات بيننا والغرب الاستعماري، حيث لن يكون صعبا ان نكتشف ان وراء هذه الحملة ما وراءها، فلقد كانت المخابرات الأمريكية على الأقل على علم بعملية المؤسسة الأمنية السعودية البلهاء.. وكان بإمكان الأمريكان ايقافها، ولذا فليس من المستبعد ان تكون هناك اغراءات واغواءات وعلى الأقل سكوت في موضوع اغتيال خاشقجي الكاتب في الواشنطن بوست.. سوف تزداد الضغوط على المملكة السعودية ولن تجد من يشفق عليها من الأوروبيين والأمريكان، وسيكون للخصوم والأعداء الإقليميين موقف المتشفي مما يلحق بها.. فهل يصمد النظام العائلي امام الضغط غير المسبوق، ام يبدي تنازلات على الصعيد البنيوي والسياسي والاقتصادي.. وهل هناك حد لهذه التنازلات، ام سيكون منطق الغرب هل من مزيد؟
بلا شك المملكة تواجه خطرا حقيقيا وهي في مثل هذا الحال، حيث الخصومات الداخلية وكبر الملك سلمان وغضاضة تجربة ولي العهد وتهوره، انها في مثل هذا الحال لن يكون سهلا عليها اتخاذ القرارات السياسية الحكيمة.. انها تسابق الزمن وليس واضحا في الأفق كيف تنتهي الأزمة.. وهي اشبه بأزمة صدام حسين بعد دخوله الكويت.. تولانا الله برحمته.

مقالات ذات صلة