الرأي

حمى البقر وحمى البشر

مرة أخرى، عاد التصنيف العالمي لأحسن الجامعات والمعاهد في العالم الذي تقدمه جامعة شانغهاي، ليمنح جامعاتنا الكثيرة، التي قارب عددها السبعين وطلبتها المليون ونصف المليون طالب، العلامة صفر مع توبيخ، بل بلغ مستوى التقييم هذه المرة، اللا تصنيف واللاعلامة واللا ملاحظة، فبعد أن كان الألم في كل سنة يعتصرنا ونحن نرى جامعاتنا التي تقدم للطلبة الأكل المجاني والغرفة المجانية والنقل المجاني وتنسى أن تقدم لهم المعارف التي عصرها مفكرو وعلماء الدنيا طازجة، في المراكز الأخيرة، أخرج التصنيف الذي يزن الجامعات حسب ما تقدمه من بحوث وما تقدمه لاقتصاد بلادها، الجامعة الجزائرية من الجدول وربما عدم الاعتراف بكونها أصلا جامعات تأخذ أسماء الكثير من علماء الجزائر ورجالات التاريخ.

الجزائريون فخورون بما قدمه منتخب بلادهم في منافسة كأس العالم، ويتابعون ترتيبه في مؤشر الاتحادية العالمية لكرة القدم، ويعرفون جميعا بأن التصنيف الأخير للفيفا منح المنتخب الجزائري المركز الرابع والعشرين عالميا، ومن حقهم، ويصرون على أن حبهم للمنتخب الجزائري، إنما هو من صميم حب الوطن وتعلقهم به، ولكنهم في المقابل لا يلتفتون إلى تصنيف جامعاتهم، التي يقال بأن الدولة تصرف عليها سنويا ميزانية لا تقل عن مئتي مليار دينار وتضخ أيضا عشرين مليار دينار على البحث العلمي، الذي لم يقدم لنا منذ عقود أي بحث علمي محترم برغم آلاف المخابر وآلاف شهادات الدكتوراه التي توزع على الطلبة في كل سنة. 

 قد تكون مثل هذه التصنيفات ليست مقياسا لتقدم الأمم ومحاولاتها اللحاق بالبلدان المتقدمة، وقد تكون لها خلفيات سياسية تذهن البعض بما لا يستحقون وتبخس حق البقية، بالرغم من أنها صادرة من معاهد في شنغهاي، حيث السياسة آخر اهتماماتها، ولكن الترتيب الذي تربى عليه التلاميذ في المدارس الابتدائية بحثا عن المراكز الأولى التي تمنحهم التشريفات والجوائز، وكان مبتغى طلبة البكالوريا بلوغ الشعب العلمية والإنسانية التي يكثر عليها الطلب، وهدف الطلبة الجامعيين لأجل دخول الماجستير، جعل الجامعة التي كانت وستبقى مبتغى الملايين من التلاميذ وأولايئهم، في المركز الأخير عالميا.. عفوا لا تصنيف لها حتى مع أصحاب المراكز الأخيرة.

لقد بذلت الجزائر من المال والجهد لأجل أن تحسن ترتيب فريقها الوطني لكرة القدم، وتمكنت بتضافر الجهود من دولة وشعب، وصبّ طوفان من المال، من أن تبلغ المركز الرابع والعشرين عالميا، وهي مرشحة لمزيد من التتقدم، وتبذل الآن جهودا لأجل إنقاذ ثروتها الحيوانية من طاعون الحمى القلاعية، من خلال العمليات التحسيسية وتجنيد المسؤولين والبياطرة، واستيراد اللقاحات من القارات الخمس، وستنجح، ولكنها في المجالات الحيوية تبقى تتابع هذه التصنيفات وأحيانا اللا تصنيفات والمراكز الأخيرة التي قبعت فيها منذ عقود، من دون أن تتحرك أو تتكلم أو حتى تتألم بأضعف الإيمان. 

مقالات ذات صلة