جواهر
حجتهن أنهن لا يتحملن الفراق

حنانات إلى أهلهن دائما مشتاقات!

سمية سعادة
  • 2227
  • 6
ح.م

إذا كان الرجل مطالبا بتأدية الخدمة الوطنية، فإن المرأة المتزوجة هي الأخرى مطالبة بتأدية مهام تلتقي مع الخدمة الوطنية في الانضباط وسرعة الاستجابة لمتطلبات الحياة الزوجية الجديدة وحبس النفس على ما تحب وتدريبها على ما تكره.
وقد يكون اشتياق المرأة لأهلها وانقطاعها عن زيارتهم لذات الأسباب، هو ما يدفعها للإخلال بموازين هذه الحياة الانضباطية ويجعلها على مرمى من الخلافات والانتقادات المستمرة.
وتعبر السيدة سكينة، وهي حماة لخمس كنات، باستياء عن هذه الحالة، قائلة: لا أفهم لماذا تسعى المرأة للزواج بكل الطرق، فتقوم بتذليل الصعوبات التي تقف بينها وبين اكتمال المشروع، وبعضهن ترتاد المشعوذين و”الشوافات”، وتتجرأ أخريات على عرض الزواج على الرجل الذي يرينه مناسبا، ولكن ما إن يتحقق لهن المراد وتطأ أقدامهن بيت الزوجية حتى يكشفن عن نواياهن، فأنا مثلا، تقول سكينة، ابتليت بخمس كنات حنانات لا يكاد يكتمل الأسبوع حتى يحملن حقائبهن إلى بيوت أهاليهن، لدرجة أنه صار من النادر أن تجتمع الخمس في يوم واحد، وهو الأمر الذي يجعلني أتحمل مسؤولية أبنائي الذين تغيب زوجاتهم اللواتي يرفضن الاعتراف بالخطأ، بل ينظرن إلى هذا الأمر على أنه طبيعي ويحدث في كل البيوت لأن المرأة تحررت من قيود التقاليد التي ظلمتها كثيرا، وأصبحت تملك مصيرها وتتحكم في حياتها بنفسها بعيدا عن سيطرة الآخرين.
وبنفس لغة الاستياء والتذمر، تقول نعيمة التي فاتها قطار الزواج كما تصف نفسها، إن زوجة أخيها التي تقضى معظم الوقت في بيت أهلها كانت عانسا ولا أحد فكر من الزواج منها إلى أن قررت عائلتها أن تخطبها لأخيها بحكم صلة القرابة التي تجمعهم، فما إن اكتمل شهر على زواجها حتى بدأت تتحجج بحجج واهية لزيارة أهلها، بصرف النظر عن الزيارات الاستعجالية التي تقوم بها لهم، لتكون إصابة والدتها بالإعاقة سببا كافيا لأن تمكث في بيتهم لعدة أشهر لرعايتها والقيام بشؤون المنزل متناسية أن تركتها خلفها زوجا وبيت.
أما حياة، فقد عاشت تجربة مريرة بعد زواجها بسبب تعلقها الكبير بأهلها، حيث تقول في هذا السياق: عندما اقترب زفافي شعرت بحزن شديد لفراق أهلي، خاصة وأنني تزوجت في مدينة غير مدينتي، لذلك رجوت زوجي في الأسبوع الأول للزواج أن يأخذني عندهم وكان لي ما طلبت، ولكن أمه اعتبرت هذا الأمر خرقا للعادات والتقاليد السائدة في منطقتهم، ولم أبال بالأمر طالما أن زوجي لا يمانع في ذلك، إلى أن جاء اليوم واستطاعت أمه وأخواته السيطرة عليه وأقنعنه أن الرجل الذي ينقاد وراء رغبات زوجته هو رجل فاشل وضعيف الشخصية وبذلك أصبح زوجي بين نارين، وصرت لا أزور أهلي إلا بعد فترات طويلة وشيئا فشيئا تعودت على الأمر وتخلصت من عقدة الزيارات القريبة لأهلي.
إذا أردنا أن نفصل في هذه المسألة بالطريقة التي ترضي الطرفين، فعلينا أن نعترف أن بأنه ليس سهلا على المرأة أن تفارق أهلها دون أن تحن إليهم وهي التي عاشت بينهم منذ ولادتها، ومن الإجحاف أن نطالبها بإخماد هذا الشعور وإسكات صوته فجأة بدون مراحل أو مقدمات، حيث تحتاج المرأة إلى وقت لتتعود على بيتها الجديد والسيطرة على مشاعر الفراق، وما إن يتحقق هذا الأمر حتى تصبح مطالبة بالانضباط في زيارتها لأهلها، وإلا فإنها تكون قد جنت على نفسها.

مقالات ذات صلة