-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
مستشفيات وخدمات صحية خارج مجال التغطية

حوامل يلدن بالسيارات.. وعودة إلى ولادة العجائز بسبب الثلوج

سمير مخربش
  • 1896
  • 3
حوامل يلدن بالسيارات.. وعودة إلى ولادة العجائز بسبب الثلوج
أرشيف

تصنع الثلوج نوعا من الحيرة وسط الساكنين بالمناطق النائية بولاية سطيف، لكن هذه الحيرة تتحول إلى رعب وفزع وسط الحوامل اللواتي يعشن ألم الولادة مرتين بسبب الحصار الأبيض.
الحوامل أشد الناس تضررا في أيام الثلج، والمرأة التي تزامن توقيت الولادة عندها مع الثلوج والصقيع ما عليها إلا أن تحضِّر نفسها للعذاب الذي يفوق بكثير تلك التي تلد في ظروف عادية. هذا الألم المضاعف تعيشه الحامل القاطنة بالجهة الشمالية لولاية سطيف بصفة خاصة، لأن الحمل هنا ليس كما هو في جهات أخرى بسبب قلة الامكانيات الصحية، وهو حال 3 حوامل جاءهن المخاض منذ يومين فلم يتمكن من التنقل إلى المستشفى، واستدعى الأمر تدخل رجال الحماية المدنية الذين لم يتمكنوا من إدراك المناطق الصعبة بضواحي بوقاعة وبوعنداس بعد ما عجزت سيارات الإسعاف عن الوصول إلى منازل الحوامل، فاضطروا إلى الاستعانة بالشاحنات لإنقاذهن.
ودون شك ستبقى ذكرى لا تنسى بالنسبة للحامل ومولودها الجديد الذي كان في جوف أمه التي تنقلت إلى المستشفى على غير العادة بالشاحنة. وفي مشهد آخر بضاحية سطيف، الإثارة كانت أشد مع امرأة حامل حاول زوجها نقلها إلى المستشفى، لكن الثلوج حاصرته فظلت امرأته تتألم داخل السيارة إلى أن جاء رجال الحماية المدنية الذين أخذوا كل الاحتياطات فحولوا المرأة ليس إلى المستشفى، بل إلى سيارة الإسعاف التي كانت بها الولادة، فوضعت الأم حملها بفضل طبيبة نجحت في إتمام العملية داخل سيارة الإسعاف، لأن المرأة لم تعد تحتمل الانتظار والوقت لم يكن في صالحها. والمؤكد أن المولود الذي يتمتع حاليا بصحة جيدة سيتذكر عندما يكبر انه ولد داخل سيارة إسعاف حاصرتها الثلوج، وعليه التفكير في إيجاد حل للحوامل عندما يحل البساط البيض.

لا تنجبن في الشتاء؟!

وحسب رجال الحماية المدنية، فإن الحادثة ليست الأولى من نوعها، بل سجلت السنة الماضية والتي قبلها وتكررت في أكثر من مكان، وتبقى الاضطرابات الجوية شاهدة على مواليد الثلج الذين دخلوا عالمنا من سيارة إسعاف. والإشكال بالنسبة لسكان المناطق النائية يكمن في العيادات والقطاعات الصحية القريبة من مقر سكناهم والتي لا تتوفر على أدنى الضروريات كما هو الحال ببلدية بوعنداس شمال ولاية سطيف، أين شن السكان أكبر حركة احتجاجية بالولاية في العام المنقضي وكان ذلك بسبب وفاة امرأة حامل لم تتلق الرعاية الطبية الضرورية فطُلب منها التحول إلى مستشفى بوقاعة، لكنها توفيت في الطريق، مخلفة حيرة وغضبا واستياء فاحتج السكان وأغلقوا الطرقات والمدينة بكاملها، مطالبين ببناء مستشفى ببوعنداس رحمة بالحوامل والمرضى الذين يعانون الويلات من أجل التنقل إلى المستشفيات البعيدة. والمحير في العملية، هناك بعض المستشفيات ترفض الوافدين والوافدات من المناطق البعيدة تحت شعار كل واحد يعالج في بلديته، وهو شعار أقرب للجهوية، ويلامس العنصرية التي أودت بحياة العديد من الحوامل. فمستشفى بوقاعة يرفض حوامل بوعنداس ومستشفى سطيف يرفض حوامل بوقاعة، وكم من امرأة فقدت حياتها وجنينها في الطريق. وفي نظر العقلاء هذا نوع من الإجرام وعدم تقديم يد العون لشخص في حالة خطر.

العجوز “المُولِّدة” لا تزال مطلوبة!

وحسب المختصين، فإن الولادة لا تتطلب إمكانيات كبيرة، لأن حالة الوضع وخروج المولود تكون طبيعية بضغط من الأم ومرافقة من القابلة التي تكتفي بتوجيهها والتقاط المولود وقطع الحبل السري، لكن الأمور تتعقد عندما تكون المرأة الحامل مصابة بمرض كالضغط الدموي وغيره من الأمراض التي تؤثر على الولادة، كما يصعب الوضع عندما تتغير وضعية الجنين في بطن أمه، وكل الأوضاع تتبدل عندما تستدعي الحالة عملية قيصرية والتي من المستحيل أن تكون في العيادات والقطاعات الضعيفة المترامية في المناطق المعزولة. والجدير بالذكر أن هناك ولادة بولاية سطيف تمت داخل مستودع أي “قراج” تقطنه عائلة فقيرة لم تتحصل على سكن، فكانت الأم مجبرة على وضع مولودها بعد ما جاءها المخاض في وقت غير متوقع فكانت رفقة زوجها الذي لا يملك سيارة ولم يجد وسيلة ينقل بها زوجته فحدث ما لم يكن في الحسبان، المرأة وضعت داخل المستودع وسقط المولود على الأرض، وطلبت الأم من زوجها المحتار أن يحمله فالتقطه من الأرض وهو يبكي ويصرخ وظل المولود مرتبطا بأمه بواسطة الحبل السري الى أن استنجد أحد الجيران بطبيبة تقطن بالحي فتدخلت على الفور وأنقذت المولود وأمه.
هي حالات غريبة ولد فيها أطفال بطريقة تقليدية تشبه تلك التي كانت في القديم، أين كانت العجوز تؤدي المهمة لوحدها بالاستعانة فقط بالماء الساخن. والظاهر أن القاطنين بالمناطق النائية لا يجدون خيارا آخر، وعلى الحامل أن تحسن إلى تلك العجوز العارفة بطريقة الولادة، فقد تحتاجها يوما ما لتُولِّدها بالماء.
وبما أن الوضع متعفن دوما، على المرأة أن تراجع حساباتها فتضبط توقيت الحمل ولا تبرمج الولادة أيام الشتاء والثلج، لأن مولودها سيفاجأ بعالم غريب.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
3
  • نوار

    على الدولة ان تنشر سياسة ترشيد النفقات لتصبح النساء اكثر رشاقة و مرونة ،و ممارسة الرياضة عند النساء امر اجباري
    رأيت شقروات أروبا و حسناوتها يلدن بدون كل هذا الهول ، و هذا التهويل ، و يلدن و يحافظن عن وساقتهن مباشرة بعد يومين
    سياسة الدعم أصبحت النساء اغلظ نساء العالم

  • Nounou suisse

    بلاد ميكي ف 2019 ومازال مالقاوش حل للثلج بلد البترول والغاز والثروات......

  • مجبر على التعليق - للتذكير فقط

    الثلوج و العواصف ذكرى لمن يعتبر