الرأي

حينما يحتفي الماسونيون ببن غبريط؟!

حسين لقرع
  • 3798
  • 16

يكفي أن يوجّه نادي “الروتاري” بالجزائر “تحية شكر وتقدير” إلى وزيرة التربية نورية بن غبريط رمعون، على قرارها منعَ الصلاة في المؤسسات التربوية، حتى يتأكّد القاصي والداني أن الوزيرة على خطأ؛ فالمعروف أن هذا النادي الذي يختفي وراء غطاء “المساعدات الإنسانية” ينتمي إلى الحركة الماسونية العالمية التي ترتبط ارتباطا وثيقا بالصهيونية، وقد جهر بتعاطفه مع دولة الاحتلال حينما نشر رسالة رثاء لرئيسها الهالك شمعون بيريز في أواخر سبتمبر 2016، ولذلك لا ننتظر منه الاحتجاج على قرار الوزيرة أو الدفاع عن حق التلاميذ والأساتذة الجزائريين في أداء صلواتهم في مؤسساتهم، ولكننا نستغرب كيف تمنح له السلطات الاعتماد وتسمح له بالنشاط إلى حدّ الساعة، بدل أن يُغلق ويُطرد شرّ طردة من بلد الشهداء والمجاهدين؛ البلد المناوئ للصهيونية والمناصِر للقضية الفلسطينية ظالمة أو مظلومة؟!
كان يمكن أن لا تتطور مسألة الصلاة في المؤسسات التربوية وتتحوّل إلى “قضيّة” لو أحسنت حفيدة قدور بن غبريط التعاملَ مع حادثة الفتاة التي صلّت بفناء المدرسة الجزائرية الدولية بباريس، وأمرت المديرة بإعادة الطالبة إلى الدراسة؛ فهي لم تفعل شيئا تستحق عليه الطرد، لم تهرّب مخدراتٍ إلى الأقسام، أو تتناول الخمر، أو ترتكب فاحشة أمام الجميع، بل قامت فقط بأداء الصلاة في وقت فراغها، فهل هذه جريمة حتى تُطرد بسببها؟ وعوض أن تبادر الوزرة إلى تصحيح خطإ المديرة، شدّت على يدها وقالت إن مثل هذه “الممارسات” مكانها البيت وليس المدرسة؟! ما الذي يمنع طالبا أو أستاذا أو مراقبا من أداء الصلاة في ساحة مؤسَّسته التربوية أو في قاعة صغيرة فارغة، كما هو الحال في الكثير من المؤسسات العمومية والخاصة، عندما يحين وقتُها ويكون لديه متسعٌ من الوقت؟ أليس هذا ما هو معمولٌ به منذ الاستقلال إلى الآن؟
تُرى، هل يندرج ذلك في “الإصلاحات” المزعومة التي شرعت فيها الوزيرة منذ سنوات؟ إلى حدّ الساعة لم تقترح سوى التدريس باللهجات العامّية في السنوات الثلاث الأولى للتعليم الابتدائي، و”إصلاح البكالوريا” من خلال فرْنسة المواد العلمية للتعليم الثانوي، وكذا تقليص أيام هذا الامتحان لاستبعاد مواد الهوية، والاستعانة بالخبراء الفرنسيين في عملية “إصلاح التعليم” بالجزائر، ولم نرَ منها سوى الإصرار على منح الاحتكار للفرنسية كلغةٍ أجنبية أولى في التعليم على حساب اللغة العالمية الأولى، وكذا إلغاء البسملة من الكتب الدراسية، ومنع النقاب في المدارس، وصولاً إلى رفض إقامة الصلاة فيها، والقائمة لا تزال مفتوحة.. أهذه هي “الإصلاحات” المزعومة؟
قلناها مرارا ونعيدها: هذه الوزيرة مكلفة بمَهمَّة تغريب المدرسة الجزائرية باسم “إصلاحها”، ولن يثنيها شيء عن تحقيق هذه المَهمّة ما دامت تحظى بثقة من عيّنوها لتنفيذها خطوة خطوة، ولذلك لن ننخدع بتصريحها الأخير في البرلمان بأنّ “الاستعمار لم يستطع طيلة 132 سنة القضاءَ على الثوابت الوطنية، وهي بالنسبة إلينا خط أحمر”، فأفعال الوزيرة منذ سنوات معاكِسة لهذه الأقوال المعسولة التي ترمي فقط إلى امتصاص الغضب الواسع للجزائريين على تصريحاتها.. هذه هي نتيجة إسناد أمرِ التعليم إلى غير أهله.

مقالات ذات صلة