-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
أقواس

حين يكتب ميخائيل نعيمة عن استقلال الجزائر،. اقرؤوه!

أمين الزاوي
  • 10266
  • 3
حين يكتب ميخائيل نعيمة عن استقلال الجزائر،. اقرؤوه!

هذا مقطع من مقال بعنوان “من الاستغلال إلى الاستقلال” كتبه الأديب اللبناني الكبير ميخائيل نعيمة (1889 -1988) عن الذكرى الثانية عشرة لاستقلال الجزائر ونشر بمجلة البلاغ اللبنانية في (1 – 7 – 1974) التي كان يرأس تحريرها الكاتب أمير إسكندر، يقول ميخائيل نعيمة:

  • ” … الخدمة التي تفرضها طبيعة الإنسان على الإنسان هي نعمة من نعم الله عليه، إنها في لب التعاون الذي به تقوم الأسرة البشرية، ولكنها تغدو نقمة وأي نقمة عندما يفرضها إنسان على إنسان برغم أنفه، أو أمة على أمة بقوة السلاح أو بقوة المال والدهاء، ذلك بالتمام ما فعله الإقطاع والاستعمار في خلال قرون وقرون، فلا الإقطاع ولا الاستعمار جاء ليَخدم بل ليُخدم، ولا ليُعطي بل ليأخذ، ولا ليُريح  بل ليستريح.
  • ثم كان القرن العشرون الذي يمكن أن ندعوه بحق قرن تصفية الاستعمار وإذ هبت الشعوب المغلوبة على أمرها تطالب في حقها في أن تكون سيدة أرضها وسيدة مصيرها، فكانت انتفاضة الجزائر من أروع ما شهده هذا القرن من انتفاضات ضد الاستعمار.
  • وها هي الجزائر تحتفل اليوم بالذكرى الثانية عشرة لاستقلالها، وهي دائبة بإخلاص وعزم وإيمان على تصفية استقلالها من رواسب الاستعمار التي قد تكون عالقة حتى اليوم بنفوس أبنائها. فلا طبقات فوق طبقات، ولا محظوظون ومحرومون، ولا أسياد وعبيد بل هناك فرص متكافئة للخدمة المتبادلة، وللنهوض بالبلاد أعلى فأعلى وأبعد فأبعد، ولكبح جماح الإستغلال الذي هو ألدّ أعداء الاستقلال.
  • الا بورك الاستقلال لا تشوبه شائبة من الاستغلال، سواء جاءته تلك الشائبة من الخارج أو من الداخل. وبوركت هذه الذكرى تحييها الجزائر البطلة عاما بعد عام.”
  • أقرأ مقال الأديب الكبير ميخائيل نعيمة وأقول:
  • الذين كانوا في سن التمدرس العام الأول للفرح الأكبر، عام الاستقلال، أراهم الآن يجمعون حقائب العمر بحزن وكآبة ويدخلون برودة التقاعد المقلق الذي لا يشبه سوى سن الياس في حياة المرأة، يدخلون صمت التقاعد أو التهالك بعد أن فرحوا من عمرهم سنتين لتجيء عاصفة انقلاب جوان 65 وإذا التاريخ يعيد حكاية هابيل وقابيل، وبعدها يُدخَل الفرح في علب الزمن الستاليني، وتُمَسْمَر البلاد، لأكثر من عشرية بالخطب الرنانة وانتفاخ الديكة، خطب من الديماغوجية وتصفيق يسار انتهازي لمرحلة سموها “الديمقراطية الوطنية” وغناء  لثورات “كاذبة” في الزراعة والصناعة والثقافة والطب، يسار يأكل على مائدة معاوية، ويصلي خلف علي، الكل يكذب على الكل، والجميع يعرف بأن الكل يكذب على الكل، والكل ينتظر نهاية بريق الكذبة ليبادر بكذبة أخرى، والوطن يغرق ويغرق، بين القدر وأزمة النظام في التداول يدخل البلد في عصر الكراهيات باسم التعددية الكاذبة، تعددية تصفية الحسابات، ويرتفع  سقف ثقافة  التهجير والتكفير والتخوين، عشرية أخرى، ثم عشرية أخرى للحلم والمظاهرات وتشراك الفم  ولا أحد يسمع أحدا؟ ومن القرن ينسحب نصفه.  
  • مع كل هذه المرارات المتلاحقة أما حان الوقت، حتى وإن تأخر القطار بنصف قرن، كي نقول: كفانا كذبا على بعضنا البعض، الجزائر الجديدة تريد خطابا جديدا شابا وقبل ذلك سلوكا متماهيا مع “استقلال” مجده العباد، متجاوبا ولو قليلا مع ما كان يشع من كلمة “استقلال” السحرية.
  •  وأنا أقرأ مقال مخيائيل نعيمة، أفكر في أطفال كان عمرهم يوم كتابته عمر الاستقلال أو أكثر بقليل، وأتساءل ما حالهم اليوم، أدعو من بقي منهم في هذه الحياة لقراءة المقال.
  • سيقولون لي: ها نحن على بعد خطوتين من الذكرى الخمسين لاستقلال الجزائر، يا الله، خمسون سنة مرت وكأنها رمشة عين على أكبر فرحة عاشها الجزائريون في القرن العشرين قبل أن يسقطوا في المرارات المتعاقبة، الواحدة بعد الأخرى وبألوان مختلفة وفاقعة، مرارة الفقر في بلاد غنية، مرارة الجوع في بلد كان يصدر القمح، مرارة قوارب الموت التي ترمي بالشباب لحوت البحر وموجه وهم يهربون من بلد كان في ما مضي بلدا يَهْرُبُ الناس إليه، مرارة الفكر والأدب وهو بلد أبوليوس وكاتب ياسين ومفدي زكريا والشيخ محند أومحند وابن باديس ومحمد أركون وأبو القاسم سعد الله، مرارة سياسية وهو الذي عرف الكاهنة عنيدة والأمير عبد القادر سياسيا وفارسا وشاعرا ومؤسس دولة في أحلك الظروف، مرارة الإرهاب وهو البلد الذي عرف اللغات والديانات وكان منبت أكبر الطرق الصوفية مصدرفلسفة التسامح…
  • وأنا أقرأ مقال الأديب اللبناني الكبير ميخائيل نعيمة عن الذكرى الثانية عشرة لاستقلال الجزائر، وهو القلم والمرجع والتجربة والشهادة، أقول: هل ستكون خمسينية الاستقلال وقفة لنتذكر مثل هؤلاء العظماء والتخلص من سماسرة لطالما كذبوا علينا في الفن والأوبرا وضحكوا على سذاجاتنا بمجرد أن يسدل ستار الحفل الافتتاحي، بعد أن يكونوا قد ضمنوا شيكات بأرقام متبوعة بأصفار كثيرة. 
  • شكرا لميخائيل نعيمة كبيرا في الكتابة وفي الشهادة وفي الصفاء.  
أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
3
  • KARIM

    Article oh! combien instructif, mais je ne pense pas qu'il y ait encore des jeunes de la génération de l’indépendance qui puissent se rappeler de Mikhail Nouaima: la culture, l'éducation ont déserté le terrain.

  • mounir

    اقرؤوه:ربما قصد المقال لا الكاتب وكان الانسان عجولا!

  • مراد

    اذن لنبدأ التغيير من الآن
    بسم الله الرحمن الرحيم
    1- نقول اقرأو له و لا نقول اقرأوه
    2-.....