الرأي

خاتم‮ ‬من‮ ‬ذهب‮!!‬

رضا بن عاشور
  • 2008
  • 3

مع أن وزير المالية الحالي محمد جلاّب يملك من الخبرة في مجال اختصاصه ما يمكّنه من تجاوز القراءات المغلوطة، إلا أن ذلك لم يمنعه من السقوط في أخطرها، عندما كرّر في آخر خرجة له القول إن الجزائر غنيّة.

فلعل ذلك يندرج في إطار خطّة الحكومة التي تعكف على إنشاء “وكالة لترقية صورة البلاد” بمشاركة عدّة وزارات، مقولة الدولة غنيّة وشعبها فقير راجت على الألسن منذ أن بلغ احتياطي الصرف رقما قياسيا بما يقارب الـ200 مليار دولار.. وأقل من الربع تم إيداعه في الخزينة الفيدرالية‮ ‬الأمريكية‮ ‬في‮ ‬حين‮ ‬أن‮ ‬نحو‮ ‬خمسة‮ ‬مليارات‮ ‬قدمت‮ ‬كقرض‮ ‬لصندوق‮ ‬النقد‮ ‬الدولي‮..‬

والعملية‮ ‬الأخيرة‮ ‬خاصة‮ ‬تعمل‮ ‬بها‮ ‬كثير‮ ‬من‮ ‬الدول‮ ‬الغنية‮ ‬التي‮ ‬تريد‮ ‬رفع‮ ‬حصتها‮ ‬في‮ ‬رأسمال‮ ‬الصندوق‮.‬

هذا الغنى الظاهري الناتج عن ارتفاع أسعار البترول، وبين قوسين ارتفاعه وانخفاضه قرار أمريكي بالأساس، قابلته موجة من الاحتجاجات الشعبية التي تريد أن تأخذ نصيبها منه على شكل غنائم حرب، الأمر الذي رسّخ الرأي السائد.. مع أن هناك من يزعم العكس، وهي أن الدولة فقيرة‮ ‬وشعبها‮ ‬غني‮.‬

في إشارة إلى كون الأولى جردت من وظائفها كالاستيراد (في حدود 40 مليار دولار سنويا) والانتاج، وحتى جزء من الاستثمار لحساب الخواص وبعضهم صاروا يصنفون ضمن ما يعرف بمافيا المال (المتحالفة مع مافيا السياسة) لكن تأكيد وزير المالية بأن الجزائر غنية من دون تحسن القدرة‮ ‬الشرائية‮ ‬وتحسن‮ ‬قيمة‮ ‬الدينار‮ ‬والقدرة‮ ‬التنافسية‮ ‬القائمة‮ ‬على‮ ‬الاكتناز،‮ ‬وليس‮ ‬الانتاج‮ ‬يمكن‮ ‬فهمه‮ ‬وفق‮ ‬قراءات‮ ‬سلبية‮ ‬متعددة‮.‬

واحد‮: ‬أن‮ ‬الجزائر‮ ‬بما‮ ‬أنها‮ ‬غنية‮ ‬يمكنها‮ ‬أن‮ ‬تنضم‮ ‬لمجموعة‮ ‬الـ‮ ‬20‮ ‬الأكثر‮ ‬غنى‮ ‬في‮ ‬العالم،‮ ‬خاصة‮ ‬أنها‮ ‬تمسح‮ ‬الديون‮ ‬حتي‮ ‬لغير‮ ‬مستحقيها‮ (‬العراق‮ ‬نموذجا‮).‬

اثنان‮: ‬يمكن‮ ‬أن‮ ‬تدفع‮ ‬الدولة‮ ‬أجورا‮ ‬مضخمة‮ ‬من‮ ‬دون‮ ‬أن‮ ‬تطلب‮ ‬من‮ ‬موظفيها‮ ‬المقابل،‮ ‬أي‮ ‬العمل‮ ‬المنتج‮ ‬والمنضبط‮.‬

 ثلاثة: سيشجع الغنى المزعوم هذا من تكالب السراقين وأصحاب السوابق في نهب المال العام والتهرب الضريبي مع أن وضع الجزائر المريح ماليا مؤقتا إلى أن يظهر ما يفسر بورصة البترول أشبه بعريان في اصبعه خاتم من ذهب!

مقالات ذات صلة