-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

خطوة هامّة قررتها وزارة التربية ولكن…

خطوة هامّة قررتها وزارة التربية ولكن…

إن هذه الخطوة هي إلغاء امتحان شهادة التعليم الابتدائي الذي يرتبط بإجراء الانتقال من التعليم الابتدائي إلى المتوسط.

هذا القرار غير واضح الدلالة، فهو يتحدث عن امتحان شهادة التعليم الابتدائي، لكنه يربطه بإجراء الانتقال إلى المتوسط، وهما موضوعان مختلفان، حتى وإن كانت الوزارة تدمجهما في مجال يجعلهما مرتبطين:

الأول: يتناول امتحان شهادة التعليم الابتدائي، وهذا جانبٌ علمي معرفي يحدد المستوى الذي يقصده الإنسان الراغب في اكتساب المعرفة، وتحديد هذا يرجع إلى الهيئة العليا.
والثاني: يتناول الإجراء الخاصّ الذي يضبط بنشر الانتقال إلى المرحلة الموالية، وهذا يتضمنه النشاط المدرسي، فالخطوة الهامة هي قرار إلغاء الامتحان الذي يتعلق بإجراء الانتقال من التعليم الابتدائي إلى التعليم المتوسط، وهو قرارٌ له دلالة، ويعفي التلاميذ من الإشكال الذي تتطلب يقظة واهتماما، ولكنه بوضعه الحالي غير مفيد للنظام التعليمي لأن نتائجه لا تحقِّق إلا جانبا واحدا مما يهدف إليه النظام وهو الجانب الذي يفتح المجال لمواصلة التعلم في المرحلة الموالية، أما نيل الشهادة وهو الجانب الثاني فلا يحققه هذا الامتحان لأن مكتسبات السنة الخامسة التي يجرى فيها الامتحان لا ترقى إلى مستوى الشهادة المحدد لشهادة التعليم الابتدائي، وهذه الشهادة لا ينالها المشارك في الامتحان إذا كانت معلوماته محصورة في مضمون برنامج التعليم الابتدائي، والامتحان الذي يطبق لا يغطي إلا جانبا ضئيلا من المعلومات التي تلقاها التلميذ في هذه المرحلة، ومستوى الشهادة التي يجري الحديث عنها له دلالة ثقافية من حيث المعنى ومضمون معرفي يجعل الحاصل عليه يملك جانبا من القدرة على الخطاب الذي يتواصل به المتعلمون والذي يؤهله للتواصل وفهم الكلام المكتوب ويملك قدرة على ممارسة الكتابة التي تمكّنه من التعبير عن أغراضه ومطالبه، وهذا المستوى لا يحققه المستوى الذي وصل إليه تلاميذ السنة الخامسة، والامتحان المنظم لهذا المستوى لا يؤدى إلى نيل شهادة التعليم الابتدائي لأن هذا موضوع آخر، ويتطلب تنظيما خاصا مثلما كان في السابق.

لقد كان المطلوب من الوزارة أن يتجه اهتمامها إلى التفكير في تغيير طريقة الامتحان أو تعويضه ببرمجة معلومات وحملة من التمارين تحدد في كل فصل دراسي. إن مراجعة النظام التعليمي هو الأهمّ من إلغاء الامتحان بدون تعويض، لأن الامتحان أسلوب تقويمي مقيد من بعض الوجوه ولا يجوز إلغاؤه بدون تفكير في النتائج المترتبة عن الإلغاء، فالأهم هو مراجعة المحتوى التعليمي والأساليب التي يُلقى بها لأن ما نسعى إليه هو تحسين مستوى المتعلّم وتطوير معلوماته، وهذا يتحقق بمراجعة البرنامج التعليمي وطرائق التعليم، وكان من الواجب اتخاذ هذا القرار وما يرتبط به منذ بدايته في تطبيق التعليم الأساسي.

إن الفكرة التي قام عليها هذا التعليم هي أن السنوات التسع (9) تشكل مرحلة واحدة، وهي مرحلة إلزامية تشخص أساس السياسة التعليمية، هذه المرحلة لا يجوز أن يكون بينها عائقٌ يفصل بين مرحلتي التعليم الإلزامي (الابتدائي والمتوسط) لأن الأساس الذي بُني عليه نظام المرحلة الموحدة هو أنّ سنوات التعليم الابتدائي ليست مرحلة قائمة بذاتها ومفصولة عمّا بعدها، إنما هي مرحلة ممهِّدة ومهيِّئة لسنوات التعليم في باقي سنوات المرحلة الإلزامية، لذا ينبغي أن لا تعامَل كأنها نظامٌ قائم بذاته ومفصولٌ عن باقي سنوات المرحلة الإلزامية ويتطلب امتحانا خاصا، هذا هو الجانب الذي قصدته بقولي: هذه خطوة هامة قررتها وزارة التربية وفكرت في أمر هامّ وهو أن لا تخصص لها امتحانا يجعل المرحلة مهتمة بتحقيق هدفين: نيل شهادة التعليم الابتدائي التي ذُكرت في قرار الإلغاء، والثاني هو إبراز المجال الخاص بمواصلة التعلم وهو الموضوع الذي ينظم له الامتحان كل سنة، فمستوى السنة الخامسة الذي يُنظم له الامتحان لا يساوي مستوى الشهادة، لأن امتحان شهادة التعليم الابتدائي شيء وامتحان نهاية المرحلة الابتدائية شيءٌ آخر، والمستوى المعرفي الذي يتلقاه تلاميذ الخامسة لا يمكّن من نيل شهادة التعليم الابتدائي.

إن هذه الشهادة كان الأصل فيها أن يجتاز امتحانَها من يفوق مستواه مستوى المنتمين إلى المرحلة الابتدائية، لذا يُنظم لمن أنهوا المرحلة الابتدائية وانضمُّوا إلى المتوسط أو انقطعوا عن التعليم، هذا هو الوضع الذي كان مطبقا في السابق في السبعينيات والنظام الذي كان مساندا ألغى هذا الامتحان.

إن ما يجري في هذه السنوات ليس امتحانا خاصا بنيل شهادة التعليم الابتدائي، الذي ينظم في السنوات الأخيرة هو الامتحان الخاص بتقويم أعمال التلاميذ (تلاميذ السنة الخامسة) بعد أن كان (تلاميذ السنة السادسة) والهدف هو تبيان مكتسباتهم المؤهلة للانتقال. وعندما نحاول الرجوع إلى الماضي نجد أن الامتحان في الأصل كان امتحانا خاصا بنهاية السنة السادسة، لذا كان يُسمَّى امتحان السادسة، ونتائجه الإيجابية تمكِّن من الانتقال إلى المتوسط والذين يرسبون فيه لا ينتقلون بل يكرّرون ويعيدون الامتحان في السنة المقبلة، وإذا أخفقوا مرة أخرى يتوقفون عن الدراسة لأن النظام يُجبرهم على ذلك، لأن الفترة الإجبارية تنتهي مهمتها مع نهاية المرحلة إذا كان عمر التلميذ (14) عاما.

إن هذا النظام بعد تطبيق التعليم الأساسي لم يعد مطبقا لو لم يعد الامتحان الخاص بالسنة السادسة جاريا، لأن المرحلة الإلزامية التي يمثلها التعليم الأساسي تشمل الابتدائي والمتوسط ولا يوجد فاصل بين المرحلتين، والتلاميذ يتابعون دروسهم بدون أن يُفرض عليهم امتحانُ الانتقال، إذ لا فائدة منه لأن القانون يتيح للمتعلمين أن يواصلوا تعلّمهم حينما يصلون إلى السنة السادسة، ويكملون تعلمهم في بقية السنوات لأن القانون يفرض على الدولة أن تضمن مواصلة التعلم لكل تلميذ إلى أن يبلغ (16) عاما فالمدرسة ملزَمة بتطبيق هذا القانون.

ولكن ما هو قصد الوزارة من الامتحان الذي قرَّرت إلغاءه؟ أهو الامتحان الذي ينظَّم الاكتساب شهادة التعليم الابتدائي كما جاء في عبارات الوزير؟ أم هو الامتحان الذي ينظَّم كل سنة بهدف تحديد أسلوب الانتقال من الابتدائي إلى المتوسط؟

والحقيقة التي نراها واضحة، هي أن القصد هو الامتحان الخاص بالانتقال من الابتدائي وهو الذي ينظَّم كل سنة، أما الامتحان الخاص بنيل شهادة التعليم فلم يعُد ينظم منذ مدة طويلة؛ أي منذ شرعنا في العمل بنظام التعليم الأساسي. كان المفروض أن يُلغى هذا الامتحان قبل اليوم لأن القانون يتيح للتلاميذ أن يواصلوا تعلّمهم إلى أن يبلغوا 16 عاما فالامتحان مع هذا القانون لا معنى له، وكنّا طالبنا بإلغائه مرات ولم يُسمع لنا، ولا ندري ماهو الجانب الذي ناقشه الوزير مع مديري التربية في الاجتماع الخاصّ بهذا الموضوع، وفي تصريح له يقول: إننا ألغينا هذا الامتحان هذه السنة، أهو إلغاءٌ مؤقت هذه السنة، أم يقصد أننا سننظر في الموضوع؟ فالذي كان ينتظره المهتمون بالمدرسة هو إضافة قرارات أخرى تستهدف تحسين أوضاع المدرسة ومراجعة النظام التعليمي والمواقيت الخاص بتدريس المواد التعليمية، كان المطلوب أن يثار موضوع المراجعة ويتجه التفكير إلى التدقيق في تحديد نظام الاختبارات الفصلية التي تقوم بها أساليبُ التعليم، بهدف رفع مستوى الأداء المدرسي ومعالجة ضعف مستوى المنتقلين إلى المتوسط، وفي مجال التعليق على إلغاء الامتحان نُبرز المشكلة التي ظلت مطروحة منذ سنوات وهي أن الوزارة بعدما توقفت إداريا عن الالتزام بنظام التعليم الأساسي رجعت إلى تطبيق الامتحان الخاص بالانتقال بعدما توقف العمل بتنظيمه، لأنها سايرت في البداية القوانين التي يرفضها التعليم الأساسي، ولما ألغت فكرة الالتزام بنظام التعليم الأساسي سنة 2003 رجعت إلى تنظيم الامتحان الخاص بالانتقال من الابتدائي إلى المتوسط، وهذا خطأ نبّهنا إليه أكثر من مرة لأن إلغاء نظام التعليم الأساسي إداريا لم يُلغِ مبادئه وفلسفته عمليا، لذا كان المفروض أن لا يعاد تنظيم الامتحان، وها هي الوزارة الآن قررت إلغاء الامتحان، ونرجو أن يكون الإلغاء حقيقة دائمة وليس إجراءً مؤقتًا.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!