-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

خلف التباكي الغربي على السودان…

خلف التباكي الغربي على السودان…

عندما ترى البلدان الغربية اليوم تَتَباكى على ما يحدث بالسودان تَحس وكأن روح الإنسانية والشفقة قد ولدت لديها أو هي مُنشِئة هذه الروح… وعندما تَسمع أن الكيان الصهيوني مُكلَف من قبل الولايات المتحدة للقيام بما ينبغي القيام به لاستتباب الأمن بهذا البلد الشقيق، تكاد تشك، وأنت تراه يذرف الدمع الزائف، في أن له قلبين أحدهما أسود يتعامل به مع الفلسطينيين بقسوة ووحشية والآخر أبيض مليء بالشفقة والخوف على أبناء هذا الشعب الأبرياء… وعندما تجد جماعات حقوق الانسان في العالم الغربي تكاد تبدو حزينة على ما يجري بهذا البلد ويتفطر قلبها على المآسي التي تلحقه، تكاد تلوم نفسك على أنك تأخرت كثيرا في الاقتناع بإنسانية وأخلاق هذه المؤسسات غير المحدودة…

هكذا يُبرِز لنا الإعلام الغربي اليوم، ومَن تبعه من إعلام عربي، الصورة في التعامل مع ما يَحدث في هذا البلد الشقيق، ولا إشارة إلى الأسباب المُحرّكة لِلصِّراع، ولا إشارة للدور الغربي في صناعة الاستقطاب الحاد الذي يعرفه هذا البلد، ولا إشارة، إلى ما خَلْفَ ذلك من مصالح ما فتئت كبرى الشركات الرأسمالية الغربية تُحقِّقها على حساب قوت وأمن الأبرياء من مواطني هذا البلد.

ـ مَن كان السبب في تجويع السودانيين لأكثر من عقدين من الزمن؟ أليست العقوبات الأمريكية والغربية التي مَنعت الاستثمار في السودان، ووقفت في وجه كل مَن حاول ذلك منذ سنة 1997؟

ـ مَن منع المتاجرة مع هذا البلد بطرق قانونية، وفي ذات الوقت شجع قِوى خفية على نهب ثرواته وتصديرها للخارج بطرق مشبوهة، خاصة الذهب الذي زاد انتاجه عن الـ50 طنا سنويا (تضارب الإحصائيات ما بين 20 و100 طن) وغيرها من المعادن الثمينة التي لا تُقدَّر قيمتها بثمن (النحاس، التنغستان، خام الحديد، اليورانيوم، الكروميت، الزنك…)؟

ـ مَن عمل على فصل جنوب السودان عن شماله، ومنعه من إحدى ثرواته الرئيسة، البترول: أليست المؤامرات الغربية لتقسيم أكبر بلد افريقي من حيث المساحة سنة 2011 على أساس عرقي وديني؟

ـ مَن شَجَّع محاربة الموقف الوطني السوداني من قضية الأمة المركزية التي يلخصها شعار مؤتمر الخرطوم سنة 1969 المعروف باللاءات الثلاث: (لا صلح، لا اعتراف، لا تفاوض) مع الكيان الصهيوني، ألسيت القوى الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة؟

ـ من أقام القواعد العسكرية في جيبوتي على مدار السنوات الماضية لتقويض العمق الاستراتيجي السوداني في افريقيا، أليست القوى الغربية؟

ـ مَن سعى إلى مزيد من إثارة النعرات والانقسامات داخل المجتمع السوداني لِمَنعه من الوصول إلى تسوية سياسية وطنية يكون التوجه فيها غير انبطاحي للصهيونية، أليست القوى الغربية؟

ـ مَن شجع وما زال يشجع الانقسام بين المدني والعسكري في هذا البلد، بحجة إقامة ديمقراطية موالية للغرب، أليست القوى الغربية؟

لا أظن أن السودانيين لا يعرفون هذه الإجابات، ولا يعرفون مَن أصدقاءهم الحقيقيين ومَن أعداءهم، ومَن تسبب لهم في الأوضاع التي يعيشونها اليوم رغم أن بلدهم من أغنى البلدان في العالم وإمكاناتهم البشرية كافية لكي ينطلقوا نحو تقدم حقيقي.

لذلك فإن الأمل كل الأمل اليوم، أن يتداركوا ما فاتهم، ويعملوا جاهدين للخروج من دائرة الاستقطاب الغربي الاستعماري القديم والجديد، ويعملوا على استعادة مبادرة خطهم الاستقلالي المعروف، وكل الظروف الآن مواتية لذلك (عالم ما بعد حرب أوكرانيا)، لإعادة بناء مواقفهم على أسس وطنية تعيد الهيبة والمكانة للسودان التاريخي كما عرفناه طيلة الحقبة الحديثة والمعاصرة…

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!