-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
العبور سيكون مصحوبًا دائمًا بالماضي المشترك

دراسة: 3 سيناريوهات لمستقبل العلاقات الجزائرية الفرنسية

دراسة: 3 سيناريوهات لمستقبل العلاقات الجزائرية الفرنسية

تقدم دراسة صادرة عن مركز أبحاث عربي ثلاثة سيناريوهات لواقع ومستقبل العلاقات الجزائرية الفرنسية، وجزمت أن العلاقة “ستظل بين المد والجزر، كما أن العبور نحو المستقبل سيكون مصحوبًا دائمًا بالماضي المشترك”.

استعرض الكاتب المحلل، خالد عمر بن ققة، في دراسة معنونة بـ”العلاقات الجزائرية – الفرنسية: دوافع الحاضر ورهانات المستقبل”، نشرت بمركز “تريندز للبحوث والاستشارات” ومقره العاصمة الإماراتية أبو ظبي، أفق العلاقات بين الجزائر وفرنسا، قائلا: “إن العلاقة بين الدولتين، تجمع بين ما هو مرحلي آني، وبين ما هو بعيد المدى، ويحاول الرئيسان – ماكرون وتبون – أن يجعلاَ منها علاقة ذات طابع استراتيجي، ضمن ما سمياه بالشراكة المتجددة، انطلاقًا من التنظير السياسي للمسألة، وما صاحبه من اتفاقيات، لكن كل هذا لا يجعل الأمر مسلّمًا به، إنما يمكن النظر إليه من خلال تصور مستقبلي للعلاقة”.

ويقدم الكاتب الجزائري المغترب ثلاثة سيناريوهات لتطور العلاقة بين البلدين، أوله “تطور العلاقة باتجاه المستقبل، حيث تكون ذات طابع استراتيجي في حال الوصول إلى اتفاق حول ملف الذاكرة”، والثاني أن “تكون العلاقة بين البلدين، قائمة على التكتيك المرحلي، أكثر منها استراتيجية، ما يعني ديمومتها بوجود ماكرون وتبون في السلطة”.

أما السيناريو الثالث، فهو بحسب الدراسة “استمرار التوتر في العلاقة بين البلدين، بل قد يتحول إلى أزمة، في حال أصرت فرنسا على التدخل في شؤون الدول الإفريقية، خاصة ليبيا ومالي، وأيضًا في حال زيادة دعم الجزائر للوجود الروسي في إفريقيا أمنيًا وعسكريًا واقتصاديًا”.

ويعتقد الكاتب الجزائري أن علاقات البلدين ستظل متوترة نتيجة وبشكل أساسي ملف الذاكرة، حيث إنه “وبغض النظر عن طبيعة العلاقة من جهة نوعيتها ونتائجها، فإنها ستظل بين المد والجزر، كما أن العبور نحو المستقبل سيكون مصحوبًا دائمًا بالماضي المشترك، الذي لا يزال مهيمنًا على الحاضر، وسيبقى لأجيال قادمة، ما دام الطرفان يصران على عدم حسم القضايا المصيرية، مع أن النشاط المؤسساتي للعلاقة بين الدولتين يشي كل مرة بالوصول إلى حل للمشكلات العالقة منذ عقود، وعادة ما يرفق بتصريحات في الجزائر أو باريس مطمئنة للشعبين، ليتفاجأ كل منهما بعد مدة بموقف مختلف”.

ويشدد خالد عمر بن ققة على أن الشباب الجزائري لن يسقط من رأسه إرهاصات الاستعمار، بالقول: “الرهان الفرنسي على نسيان الشباب الجزائري لن يتحقق، ليس فقط لأن أجيال الشباب داخل الجزائر مشبعة بالتاريخ الوطني، وإنما لأن شباب الجالية الجزائرية المقيمة في فرنسا يعاني من الظلم والتمييز بدرجة جعلت ملف الذاكرة حاضرًا، ولم يُطْوَ بعدُ كما تريد فرنسا، وكل هذا كان وما يزال وسيبقى مؤثرًا على العلاقة بين الدولتين”.

وتعتقد الدراسة أن التنوع في مجالات التعاون وتعدد الجهات الفاعلة فيه يكشفان عن عمق العلاقة بين البلدين على مستوى تبادل المنافع، مع أن الخطاب السياسي الجزائري الرسمي يشير إلى خلاف ذلك، خاصة عند حدوث أزمة أو توتر في العلاقات بين الدولتين.

ويشدد أن هنالك رؤيتين لعلاقة البلدين، الأولى جزائرية قائمة على فكرة حسم قضايا الماضي المتعلقة بالتاريخ الاستعماري، لأجل التقارب والتعاون في الحاضر والاتجاه نحو المستقبل، وتلك سياسة سار على نهجها كل رؤساء الجزائر منذ الاستقلال إلى الآن، فيما ترتكز الرؤية الفرنسية على التداخل بين الأزمنة والملفات، ويحكمها الحاضر أكثر من الماضي.

واستدل الكاتب في ذلك بالرسائل الثلاث التي وجهها الرئيس إيمانويل ماكرون، حين زار الجزائر عندما انتخب في الفترة الأولى، وهي: “الإرادة المشتركة على المضي قدُمًا يدًا واحدة في قضية الذاكرة، والدعوة إلى فتح الاقتصاد الجزائري بالتزامن مع دعم الاستثمارات المتبادلة، والرغبة في إقامة علاقة تلبي تطلعات جيل الشباب”.

وأبرزت الدراسة أوجه التعاون بين الجانبين، خاصة في الجانب الاقتصادي، وتحدثت عن 40 ألف منصب شغل مباشرة و100 ألف وظيفة غير مباشرة، وفرتها المؤسسات الفرنسية الناشطة في الجزائر، علاوة على مجالات أخرى تسهم في تعزيز التعاون بينهما، ومن ذلك الخدمات المالية، والمجال البحري، والطاقة الكهربائية، والأغذية والصناعة الدوائية، وصناعة السيارات، والفنادق والمطاعم، دون إغفال التعاون في المجالين الثقافي والتعليمي.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!