الرأي

درسٌ بليغ من صحفي يهودي

حسين لقرع
  • 5438
  • 12

في مقال نشره بجريدة “هآرتس”، عبّر الكاتب الصحفي الصهيوني، جدعون ليفي، عن صدمته ممّا قالته الصحفية إميلي عمروسي، في اجتماع للإعلاميين بعد عملية القدس، من أن “حياة طفل صهيوني واحد أهمّ عندها من حياة مئات الفلسطينيين”، واستغرب موافقة الحاضرين، وتصفيقهم لها، وعدم احتجاج أحدٍ على ما قالته، وعدّ جدعون ذلك عنصرية وعاراً ومدعاة للخجل.

جدعون استغرب في مقاله تضخيممذبحة القدس، التي قتل فيها 5 صهاينة، والسكوت عن مقتل 2200 فلسطيني في حرب غزة الأخيرة، وتعجّب كيف أن القتل بسلاح أبيض صادمٌ أكثر من قتل الأبرياء المدنيين بالقصف؟.. وتساءل: لماذا الدّمُ اليهودي هو الذي يثير الصدمة، حتى إن الرئيس الأمريكي أوباما يعرف اسم الطفل الصهيوني المقتول، دانييل ترجمان، ولا يعرف شيئاً عن قصص مقتل المئات من أطفال غزة؟

الكاتب اليهودي جدعون تحدّث عن الواقع المرّ دون تزويق، وكان موضوعياً ومُنصفاً؛ فقتلُ يهودي واحد أضحى لدى العالم مسألة لا تُغتفر، وقتل آلاف الفلسطينيين مسألة فيها نظر.

لكن جدعون اكتفى بالحديث عن تحيّز أوباما والإعلام الغربي، ولم يتطرّق إلى وزير خارجيةٍ خليجي أدان عملية القدس التي قُتل فيها خمسة صهاينة، وعدّهاجريمة تضرّ الفلسطينيين، ولكنه بالمقابل، لم يُدِن جريمة شنق السائق الفلسطيني الرمّوني داخل حافلته على يد مستوطنين، ولم يعتبرهاجريمة تضرّ الصهاينة، ولم يُدِن في جوان الماضي جريمة خطف الفتى أبو خضير وحرقه بالبنزين حتى الموت.

أما الأدهى من ذلك، فهو ما كشفه الشيخ رائد صلاح لـالجزيرة، حينما تحدّث عن أن هناكجهاتٍ عربيةتمارس ضغوطاً على الفلسطينيين للسكوت عن تدنيس اليهود للمسجد الأقصى المبارك.

ويؤكد هذا التصريح، أن ما سوّقه إعلامُ الخزي العربي لتبرير جريمة وقوف بعض أنظمة العار العربية في صفّ العدوّ الصهيوني في حرب غزة الأخيرة (7 جويلية– 26 أوت 2014)،  بتحميل حماس الإخوانية مسؤولية العدوان، كان مجرّد ضحك على الذقون؛ فالمرابطون في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس، يدافعون عنه ويتصدّون لانتهاكات المستوطنين والنواب والوزراء والسياسيين الصهاينة له يومياً، ولا يدافعون عن حماس، فكيف تسمح هذهالجهاتُ العربيةلنفسها بممارسة الضغوط عليهم للسكوت عن تدنيسه؟

كنا نعتقد أنالتحالف الإستراتيجيالذي تحدّث عنه نتن ياهو بفخر كبير في عزّ الحرب على غزة، هو فقط تحالفٌ صهيونيعربي ضد حماس الإخوانية، ولكن ها هوالتحالفالمقيت يعمل ضد الأقصى أيضاً، ويسعى لإطفاء انتفاضة القدس المباركة، وعمليات المقاومة الفردية المتصاعدة في الآونة الأخيرة، والتي أجبرت الصهاينة على التهدئة مع الفلسطينيين حتى لا تتصاعد أكثر.. فهل يريد هؤلاء تسليم الأقصى على طبق من ذهب للصهاينة لهدمه وبناء هيكلهم المزعوم مكانه؟

 

سنعتبر تجاوزاً أنه منحقهؤلاء ألا يحاربوا لأجل استعادة الأقصى، برغم أن استعادته فرض عين على جميع المسلمين في العالم، ولكن رجاءً، إذا كنتم لا تريدون أن تحاربوا أو تدعموا الفلسطينيين في مقاومتهم ورباطهم، فدعوهم وشأنهم، اتركوهم يدافعوا عن الأقصى بصدورهم العارية، ويقدّموا أرواحهم فداءً له.. فقط كفوا أذاكم عنهم، ولا تقـفوا إلى صفّ العدوّ ضدهم، كما وقفتم بالأمس ضد سكان غزة.

مقالات ذات صلة