-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
الجزائريون يتجاوزون هول "المحرقة"

دعوة إلى ثورة بيئية وغرس مليوني شجرة في القالة

ب. ع
  • 2181
  • 0
دعوة إلى ثورة بيئية وغرس مليوني شجرة في القالة
ح.م

لم يستفق الملايين من الجزائريين بعد، من صدمة الحرائق المهولة التي أتت على أهم محمية في شمال القارة الإفريقية، وحتى على مستوى البحر الأبيض المتوسط – كما قال- الأستاذ الجامعي ساسي بلقط أحد المهتمين بالشأن البيئي، الذي وصف ما ضاع في محمية القالة بولاية الطارف، بالأمر الجلل ليس في الجزائر وإنما في منطقة البحر الأبيض المتوسط.

وقد خطفت المنطقة خلال شهر جويلية والنصف الأول من شهر أوت ألباب السياح من الجزائريين الذين قدموا من تلمسان وتمنراست ومن المهجر وحتى من تونس وليبيا، واهتموا بهذه المحمية، التي عجزت عن استقبال مئات الآلاف من السياح قبل الأربعاء الأسود الذي دمّر هذه الجنان، وهناك من ذبحها نهائيا ووضعها ضمن الأماكن الممسوحة من الخارطة، في الوقت الذي تمسك آخرون بالأمل وباشروا أفكارا لأجل إعادة بعثها من خلال مشاريع ضخمة وعملاقة من الدولة من خلال تشجير الملايين من الأشجار التي يمكنها مقاومة الحرائق، وبمساعدة الشعب ضمن مشروع أمة بيئي حقيقي، بالتعاون مع الخبرة الأجنبية مادامت الحظيرة مصنفة من اليونيسكو، ليس من أجل استعادة المنطقة لبريقها فقط، وإنما يرقيها إلى مصاف أهم المحميات في العالم، رغم أن الدمار الذي طالها في حريق نهاية الأسبوع، أباد طيورا وزواحف وأسماكا وحيوانات نادرة، إضافة إلى أنواع هامة من الأشجار والأزهار التي لا تكاد توجد سوى في محمية القالة البيولوجية المصنفة من اليونيسكو.

فاتورة الكارثة والخسائر الطبيعية لم يتم تحديدها بدقة إلى حد الآن، بحسب مصالح الحماية المدنية، أما الخطر الحقيقي، بحسب خبراء في النباتات فيكمن في كون المنطقة تعرضت لحريقين متتاليين في ظرف سنة واحدة، حيث أتى حريق السنة الماضية على 2000 هكتار ابتلعتها ألسنة النيران، التي طالت غابات أربع عشرة بلدية وهي حمام بني صالح وعين الكرمة والزيتونة والطارف وعين العسل والعيون والسوارخ ورمل السوق وبوثلجة وبريحان وشيحاني وزريزر وبوحجار والقالة، وبينما حاولت النباتات المقاومة والعودة للحياة مرة أخرى، عادت النار لتدمرها.

الناشط البيئي المعروف على المستوى الوطني بشير عامر، صاحب الـ73 سنة، قال للشروق اليومي، بأن الحكم على نهاية جنة القالة غير مؤسس، لأنها قاومت الحرائق الهائلة على مدار سنوات وقرون، وقال بالحرف الواحد، إنه لم يعد هناك من حل أمام الدولة، سوى أن تباشر برنامجا وطنيا لتنمية الثروة الغابية، ولا تبقى سجينة حملات التشجير المتقطعة والبائسة التي لا تعتمد على دراسات علمية، فليس كل الشجر يصلح غرسها في كل مكان، وضرب مثالا بألمانيا التي حوّلت غاباتها من دون المساس بالبيئة إلى اقتصاد قائم بذاته تجني منه الملايير، ويمكن للجزائر بعث حقيقي وعلمي لصناعات من قلب الغابة، مثل تربية النحل وإنتاج زيوت الضرو التي تستعمل في معالجة الحروق وثمار الريحان التي تعالج أمراض القلب، ومن غير الممكن أن يبقى الجزائريون غير مدركين للفائدة التي يجنوها من الغابات في السياحة والاقتصاد والبيئة والفلاحة وحتى في الرياضة والفن، وكل هذه الفوائد تمنحها غابات القالة التي صارت المخزن الوحيد للحيوانات البرية المتواجدة فيها بكثرة، مثل الثعالب والضربان والضباع وابن آوى والخنازير والنمس والقطط البرية وأنواع نادرة من الأعشاب المتنوعة وأيضا الطيور والحشرات.

السيد بشير عامر قال إن غابات الطارف هي الأكثر تنوعا ضمن كل غابات شمال القارة الإفريقية، وقد طالها في السنوات الأخيرة التلوث وطال الجفاف بحيراتها المصنفة عالميا ومنها طونغة وأوبيرا وبحيرة الطيور، قبل أن تفعل النيران فيها الأفاعيل، ومن دون مشروع أمة كبير تقف عليه الدولة الجزائرية وتعتمد فيه على خبراء حقيقيين وتمنحه بعدا شعبيا توعويا، فإن بصيص الأمل بعد حرائق الأربعاء الأسود سيحترق هو أيضا.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!