-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

ديكتاتورية الأقلية العلمانية

حسين لقرع
  • 4776
  • 17
ديكتاتورية الأقلية العلمانية

ما يحدث في مصر هذه الأيام يُعدّ خير مثال على ديكتاتورية الأقليات العلمانية في الوطن العربي، وعدم إبدائها أي استعداد لقبول حكم الإسلاميين أو التعايش معهم، ولو فازوا بالأغلبية في انتخابات حرة وشفافة.

في 3 يناير 1992، لم تتقبَّل الأقلية العلمانية في الجزائر خسارتها في الانتخابات وفوز الإسلاميين بالأغلبية فيها، فخرجوا يتظاهرون ويطالبون السلطة بالانقلاب على الشرعية الشعبية، وقد أفضى ذلك إلى سقوط أزيد من 150 ألف قتيل وخسائر أخرى فادحة لا يزال الجزائريون يعانون تداعياتها إلى الآن.وفي تركيا، شرعت الأقلية العلمانية، التي انتصر عليها حزب أردوغان في 3 مناسبات انتخابية متتالية منذ 2002 إلى الآن، في التظاهر والاعتصام في الساحات منذ 31 ماي الماضي، للمطالبة بإسقاط الحكومة التي جاءت إلى الحكم بموجب انتخابات تشريعية حرة ونزيهة لم يطعن فيها أحد.

والآن تخرج الأقلية العلمانية في مصر للمطالبة بإسقاط رئيس منتخب حصل على الأغلبية التي تؤهِّله للحكم 4 سنوات، وتحاول الضغط عن طريق الشارع والعنف والإجرام والتخريب، لإجبار الرئيس المنتخَب على الاستقالة أو دفع الجيش إلى التدخل والانقلاب على الشرعية الشعبية، بذريعة “الحؤول دون الوقوع في حرب أهلية”.

وحينما تقوم هذه الأقلية بحرق مقرات حزب الأغلبية وإطلاق الرصاص على أنصار مرسي أو مهاجمتهم بالعصيّ والأسلحة البيضاء وسحل بعضهم في الشوارع بكل وحشية، وتتسبّب في مقتل العشرات وجرح المئات من المصريين، فإن هذه الجرائم المتتالية تعبّر عن مدى دموية الأقلية العلمانية ورغبتها في فرض الديكتاتورية على مصر بالبطش والترهيب.

مرسي رئيسٌ منتخَب حاز على الأغلبية في انتخابات حرة وشفافة، وقواعد الديمقراطية تنصّ على ضرورة رضوخ الأقلية لحكم الأغلبية، وبالتالي كان من المفروض أن يُمنح الفرصة كاملة ً لتنفيذ برنامجه طيلة 4 سنوات دون نقصان. وبعد انقضائها، يمكن للناخبين المصريين أن لا يمنحوه ولاية رئاسية ثانية ويختاروا مرشحا آخر بدله في الرئاسيات القادمة. هذه هي أبسط قواعد الديمقراطية، ولا نفهم إلى الآن، كيف تحكم الأقلية العلمانية في البلد بفشل مرسي وهو لم يكمل عامه الأول في الحكم إلا منذ أيام قليلة؟ لماذا لا ينتظر معارضوه إلى غاية عامه الأخير من الحكم قبل إصدار تقييم حول فترته الرئاسية ودعوة الناخبين إلى انتخاب مرشحهم؟

ثم لنفترض جدلاً، بأن مرسي قد قرّر تحت تأثير ضغط الشارع والخوف من انزلاق مصر إلى حرب أهلية، الاستجابة لمطلب المعارضة وأعلنَ إجراء رئاسيات مسبَّقة، وترشح لها، وهذا من حقه، ثم فاز بها مجددا، أو قدَّم “الإخوان” مرشحا آخر وانتصر، هل تقبل المعارضة آنذاك بالنتائج بعد أن هيّجت الشارع وتكاد تُدخل البلدَ في حمام دم؟

 

لا نعتقد ذلك، لأن المشكلة لا تكمن في صندوق الانتخابات كما تريد الأقلِّية العلمانية إيهام الناس بذلك بالحديث عن الانتخابات المسبقة، بل تكمن في تعطشها للسلطة ورغبتها في فرض ديكتاتوريتها على مصر بالعنف و”البلطَجة”، وهي تأمل أن يتدخل الجيش ليُحقق لها ذلك ويمنحها الحكمَ على طبق من ذهب عوض أن تطلبه عن طريق الانتخابات، ولكننا لا نعتقد أن الجيش المصري سيتورَّط في هذه اللعبة الخطيرة، وحتى إذا تدخل، فلن يكون ذلك لحساب العلمانيين بل لحسابه الخاص، كما يحدث في دول عديدة انقلبت على الديمقراطية، وحينئذ سيعض العلمانيون أصابعهم ندما على ما فعلوه بالديمقراطية الناشئة في مصر، وإن كان هؤلاء في الواقع يفضلون ديكتاتورية الجيش على ديمقراطية الإسلاميين، وتلك هي مشكلة النخب العلمانية في الوطن العربي.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
17
  • نفثة مصدور

    أصاب صاحب المقال عين الحقيقة، إلا أن هؤلاء ليسوا علمانيين، بل هم منافقون متلونون، لو نظر أحد عن قرب لظهرت له الأيدي الخفية الخبيثة التي تدفعهم لذلك.

  • hiver

    تحليل منطقي يعملون المستحيل لاجهاض اي ما هو اسلامي

  • عبدالكريم السائحي

    الأشنع من ذلك هو التغاضي عن جرائم القتل و السحل و التخريب و النهب عندما يكون الضحايا من الإخوان و أنصارهم ، كأن هؤلاء لا حرمة لدمائهم و أموالهم. لا يفسر هذا إلا بالعنصرية و الفاشية التي طالما اتهموا بها الإسلاميين. لقد رأينا العويل و التهويل في تمثيلية محاولة حرق حزب الوفد الذي لم يتضرر بشيء كما لم يسقط فيها أي ضحية. عندما لايجرم قتل النفس و تخريب الممتلكات بسبب اتجاه أصحابها فعلى مصر السلام و كبر عليها أربعا.

  • brahim

    salam, un article court mais plein de sens et de fond . Une bonne lecture objective des evenements qui se produisent en egypte. les soit disant laiques pretendants etre des democrates , pour eux, si les urnes et le peuple ne vote pas pour eux dans le concept c'est la dictature . expliquez moi s'il vouds plait cette logique. pour moi ils sont une une autre forme de la colonisation des pays arabes musulmans

  • chaabane

    l'armée egyptienne reçoit des aides annuelles considérables des usa, et le président Morsi n'a pas effectué une visite à Telavive, il n'a pas reçu des responsables israéliens, et n'a pas envoyé des responsables égyptiens à Telavive. malheureusement l'Egypte ne sait pas survivre sans aides américaines et celles des pays du golf " ordonnées" par les américains. à mon avis l'Egypte est menottée par les accords de Camp David.

  • عبد الله

    لقد صدقت والله يا أستاذحسين في كل كلمة قلتها عن هؤلاء العلمانيين المتطرفين المتعطشين للسلطةوالتي كانوا فيها طيلة عقود ولايريدون التخلي عنها ولو أحرقوا البلاد والعباد ولا يقبلون بالديمقراطية إلا إذا كانت لصالحهم فمثل هؤلاء اشد خطرا من الإسلاميين المتشددين .

  • صالح

    لا تنسى انهم حكموا ، باسم الاسلام في السودان ، فأضاعوا الجنوب والخلافة ، لان الغاية كانت الدنيا وليس الدين .
    انهم يحكمون شبه الجزيرة العربية باسم الاسلام وتحت اسم " الخادم " . هل الاخلاق الاسلامية قائمة لدى نظام الحكم هناك ، ام ان الحكم بالوراثة وبالتمليك ؟ .
    هل اوصى الرسول الكريم لاحد بالخلافة ؟ .
    الاسلام لكل المسلمين . على من اراد ان يحكم ، من الاسلاميين ومن غيرهم ، ان يقدم البرامج السياسية وان لا يكتفي ب "الكتاب والسنة" و "عليها نموت وعليها نحيا".
    الرسول الكريم حرم دم المسلم على المسلم .

  • صالح

    السيد البرادعي ، الذي تلقى التكريم من الرئيس المصري السابق ، اتهم من نفس من كرموه بالخيانة العظمى لما اصبح من المعارضين للنظام .
    نفس الاتهامات توزع الآن على المعارضين لنظام الاخوان : الخيانة ، الفلول ، التعامل مع الخارج ... الخ اي نفس السياسة السابقة : من ليس منا فهو ضدنا .
    حتى حزوب الفد ، الذي كان ، في السابق ، يؤوي الاخان تحت جناحيه ، لم يعد محبوبا منهم .
    كان الاخوان يتهمون الحكام " العلمانيين " بالتعامل بالقروض الربوية . ماذا يفعلون الآن لدى صندوق النقد الدولي ، وماذا يفعلون في امريكا؟.

  • صالح

    5 ) ما زلت اذكر الفرح العظيم الذي عم في الاتحاد السوفييتي السابق بعد نجاح الحزب الاشتراكي ، تحت قيادة السيد ميتران ، في الانتخابات ، في فرنسا ، لانهم كانوا ينتظرون تغييرات جذرية ( اشتراكية ) في فرنسا اولا ثم في اروبا ثانيا .
    الفرحة لم تدم طويلا لان التغيير المنتظر لم يحدث رغم اكثر من عشرية في الحكم .
    التغييرات التي حدثت لصالح فئة واحدة من المصريين تتجاوز التغييرات التي حدثت في فرنسا خلال عشرية من الزمن . ثم ماذا غير السيد هولاند رئيس جمهورية فرنسا الاشتراكي .
    الاسلاميون والاخوان مستعجلون .

  • صالح

    الباحثون والمحللون يرون ، عكس ما ترى ، ان الاسلاميين والاخوان وصلوا الى ما وصلوا اليه في الجزائر وفي مصر بفضل العلب السوداء التي تحكم من وراء الحجاب وليس بالشفافية .
    لقد خيل الي ، وانا اسمع مقتطفات من خطاب الرئيس المصري قبل 30 جوان ، ان الخطاب لرئيس حزب في المعارضة وليس لرئيس كل المصريين .
    هل يتيح الاسلام للسيد أردوغان حتى ولو كان إخوانيا ووصل الى السلطة ، في تركيا ، بالانتخابات ، ان يستعمل الاسلام ، القضية الفلسطينية وسفينة مرمرة ، ليعتدي ، مع المعتدين ، على ليبيا وعلى سوريا والعراق ؟ .

  • صالح

    العربية والاسلامية ام انهم فضلوا العواصم الغربيين ، الذين كانوا يوصفون بالكفر وبالعداء للاسلام ؟ .
    هل الخرافات من الاسلام ؟ هل يامرنا الاسلام ان نتحايل على المسلمين الجزائريين ، في الانتخابات وخارج الانتخابات ، بالخلفاء الراشدين ، باشعة اللازر و ب" الله اكبر " في سماء العاصمة لينبطح خلق عظيم على الارض تضرعا للكرامات التي تجلت للزعماء ؟ .
    الاسلاميون كانوا يتوعدون بالشر قبل الخير ، قبل حتى ان يصلوا الى سدة الحكم ، كل الذين لايؤمنون بالوصاية على الدين الاسلامي واستعماله لاستغفال الناس .

  • صالح

    وصلوا الى السلطة بطرق ديموقراطية .
    ثم هل من المنطق ان يقبل الاسلاميون ( في الحزب المحل ) بالديموقراطية ( الغربية ) للوصول الى السلطة ليكفروها فيما بعد ؟ .
    هل من الحكمة ومن الاسلام ( دين الدولة والمجتمع ) ان تكون هناك بلديات " اسلامية " وغير اسلامية ، لكي لانسميها باسمائها ؟ .
    هل الاسلام حكر على مجموعة من الملتحين ؟ .
    هل العلمانيون الذين يؤمنون بان ( لكم دينكم ولي ديني ) وان الله خلق الجنة والنار ، والخير والشر ... ليسوا مسلمين ؟ .
    هل زعماء الحزب المحل في الجزائر اختاروا الاقامة في العواصم

  • صالح

    أولا هناك المتنافسون/المتصارعون في الحلبة ( النشطاء السياسيون )، وهناك المتفرجون في المدرجات ( المحايدون من الشعب ) .
    قد يكون هؤلاء النشطاء من العلمانيين ، من الوطنيين ، من الاسلاميين ، من من الخ . بينما الشعب ليس بالضرورة متحزبا .
    لو كانت هناك ديموقراطية حقيقية في الجزائر ، في مصر وفي غيرهما لما تلاعب المتلاعبون ، في الداخل وفي الخارج ، بمصير الملايين من المواطنين ، في البلدين وفي غيرهما ، الذين لا يطمحون الا الى الامن والامان .
    لا اعتقد ان الاسلاميين ، في الجزائر ، في مصر وفي غيرهما ،

  • Rachid

    Salam, bravo tehlil salim 100% yeslem elsanek ya ekh Houcine

  • بدون اسم

    مقال اصاب اكباد الدمويين
    عجل الله فناءئهم
    عملاء الاستدمار العالمي

  • salim

    و بهذا تكون الديمقراطية ليست حل في العالم العربي وكل متطرف يكفر بها له الحق في ذلك

  • فيصل الصلاحى

    العلمانية ليست كفر وتركيا علمانية يا مثقف والاسلام المتطرف هو السبب فيما يحدث فى افغانستان وايران والعراق..ومن فال لك اننا نرتضى غير الديموقراطية فهل يعنى فشل مرسي ان نستمتع في حياة ﻻ يوجد فيها بنزين او كهرباء او ماء.، هل نفكر في الاخرة كاانا نموت غدا وﻻ نفكر في مستقبل ابنائنا ومصير الوطن الذي انطفئت شمعته بازمات اقل ما توصف به غباء سياسي واداري وما ذنب الاسلام بالحكام الطائفيين وهل سمحتم لفعل هذا بالجزائر.نحن مسلمون وﻻ نسمح لاى شخص ان يشكك بهذا الشعب وﻻ تقارن مصر باشارة او شارع رابعة العدوية