الرأي

ديمقراطية الـ “ماكدونالد” برئيس ينصب بـ “تغريدة”

حبيب راشدين
  • 1343
  • 14
ح.م

أحد أبرز المرشحين للرئاسيات عرض رؤوس أقلام برنامجه تحت عنوان “القطيعة” مع الفساد، ومع الدولة المركزية والاقتصاد الريعي، والبيروقراطية والاستبداد، وعناوين أخرى مما يسهل رفع شعاره، ويمتنع تنفيذه على أرض الواقع، في عالم لم يعد فيه كثير من السلطات وحرية القرار للحكام الأهليين حتى يدعي بعضهم تنفيذ التغيير بسكين “القطيعة” الحافي.

الأمثلة من حولنا كثيرة في دول كانت قبل قليل تسوق لنا كنموذج للديمقراطية: من لبنان المؤسس على ديمقراطية التوافق بين رؤوس الطوائف، وقد توصلوا أخيرا إلى تشكيل حكومة بعد تسعة أشهر من الحمل والمخاض العسيرين، إلى تونس التي خلق فيها ربيع الشعوب الكاذب زواج مسيار بين نخبة أعيد تدويرها من مخلفات عهدي بورقيبة وبن علي، ومسوخ من دعاة إمارة “الإسلام هو الحل” ولو على حجارة ما بقي من شريعة المسلمين.

ومع الانهيار الفظيع في منظومة الديمقراطية الغربية في عقر دارها، وافتضاح عوراتها في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي الساقط حكما تحت هيمنة زمرة من التقنوقراط من سدنة أرباب المصارف، سوف يفاجئنا المرشحون للرئاسات القادمة بخطاب يتبضع من نفس الدكان المزين بخردة الديمقراطية الهجينة المستوردة مثل الكوكايين في الحاويات، تعد كذبا بالإصلاح بـ ” القطيعة” كما يقول العسكري علي غديري، أو بالاستمرارية كما يقول رؤوس أحزاب الموالاة لعهدة خامسة.

وعندنا في النموذج الفنزويلي درس حي يبث مباشرة على الهواء هذه الأيام، مع رئيس أعيد انتخابه تحت شعار ضمان الاستمرارية على مخلفات عهد شافيز بقيادة قائد شاحنة سابق بات يدور في حلقة مفرغة، ومن يعد بـ “القطيعة” ولو بتنفيذ أول انقلاب ينطلق من برلمان وليس من ثكنة انكشارية، وقد حظي بمباركة أرباب الديمقراطية الغربية عن بكرة أبيهم، حتى أنه بات مسموحا لأي نكرة مثل رئيس البرلمان الفنزويلي خوان غوايدو أن يختزل مراسيم الترشح والتزكية لمقعد الرئاسة على قارعة الطريق، في مظاهرة واحدة تنتهي باعتراف دولي واسع ينصب الخلفاء على طريقة داعش وأخواتها.

فنحن أمام نموذج متقدم يراهن عليه كبديل جيد عن الثورات المخملية التي تحتاج إلى وقت ومال وتشغيل مكلف للأعلام، وقد تنهار وتجهض في الطريق كما حصل في ليبيا ومصر وسورية واليمن، فيما تعد الصيغة البديلة لتغيير المغضوب عليهم من الحكام، وتنصيب أمراء عكة بالقوة الغاشمة، أو بإدارة ميادين الثورات المخملية، بصيغة لا تحتاج سوى لمغامر شاب مثل خوان غوايدو، يرتب مظاهرة على عجل، وتنصب له منصة يعلن منها تزكية نفسه للرئاسة، ثم يرابط عند بواية تويتر يترقب تغريدة تأييد من ترامب، يتبعها تحريك بقية كلاب حكام الغرب لأذيالهم.

مقالات ذات صلة