-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

ذكرى 11 سبتمبر ومعضلة التسامح الديني

محمد قيراط
  • 2809
  • 1
ذكرى  11  سبتمبر  ومعضلة  التسامح  الديني

أحيت الولايات المتحدة في غضون الأيام الماضية الذكرى السنوية التاسعة لضحايا هجمات 11 سبتمبر 2001 في جو ساده جدل حاد حول دعوة القس تيري جونز المعادي للإسلام إلى إحراق مئات المصاحف.

  • لكن من جهته لم يفوت الرئيس الأمريكي باراك أوباما الفرصة للإعلان صراحة على أن أمريكا في حرب مع القاعدة وليست في حرب مع الإسلام كما أكد قائلا إن “الكتابات المقدسة تعلمنا الابتعاد من المرارة والغيظ والغضب والقتال والإهانة، وكل شكل آخر من أشكال الشر”. كما أشار أوباما في خطابه من البنتاغون على ضرورة التسامح الديني واحترام المعتقدات والديانات والحريات الفردية. وهكذا يكون أوباما قد وجه إنذارا شديد اللهجة لأمثال القس تيري جونز  وأمثاله الذين يصطادون في المياه العكرة، وبدلا من فتح قنوات للحوار والتفاهم ومحاولة التعايش في فضاء احترام الحريات الفردية والمعتقد الديني وحرية التعبير والرأي، نلاحظ  أن  هذه  الفئة  من  المجتمع  تراهن  على  الإقصاء والتهميش  باستخدام  كل  وسائل  الحقد  والكراهية  والعنصرية  والتشويه  والتضليل .  
  •      بعد 9 سنوات على الاعتداءات التي تبناها زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، لا تزال الولايات المتحدة تعيش تحت وقع الصدمة، وما زالت الحادثة تثير العديد من النقاشات والجدل. ومن أهم تداعيات الواقعة انتشار وتفشي جو لم تعهده أمريكا في السابق وهو الاضطهاد وعدم التسامح الديني، الأمر الذي جعل منظمة العفو الدولية تدين الاضطهاد السائد ضد المسلمين في الولايات المتحدة الأمريكية. حيث نقرأ في الصحافة العالمية تهديد القس تيري جونز بإحراق القرآن الكريم. فإلى جانب التهديد بإحراق نسخ من القرآن نجد أحداثا أخرى لها دلالات خطيرة كطعن سائق سيارة أجرة مسلم في نيويورك، وإبرام النار في مسجد قيد التشييد في تينيسي، والقيام بأعمال تخريبية في مركز إسلامي بكاليفورنيا. فأمريكا التي كانت تتميز بالتسامح الديني وباحترام الحرية الفردية وحرية المعتقد وحرية الرأي وحرية التعبير والصحافة أصبح يُشار إليها بالبنان فيما يخص هذه المسائل، وهي البلد الذي يقدس حرية الديانات والحريات الشخصية، والبلد الذي احتضن على مر العصور وخاصة خلال القرن الماضي مئات الآلاف من المضطهدين من جميع أنحاء العالم وخاصة من أوروبا. فمثل هذه الجرائم تغذي أجواء من الخوف والتمييز والاضطهاد ضد المسلمين. وما نلاحظه هو أن الخطاب الرسمي الأمريكي وبالضبط الخطاب الذي ألقاه الرئيس باراك أوباما في البنتاغون بمناسبة الذكرى التاسعة لأحداث 11 سبتمبر لا غبار عليه وواضح وضوح الشمس، حيث أكد الرئيس أن أمريكا في حرب ضد القاعدة وليست في حرب ضد الدين الإسلامي. لكن مع الأسف الشديد خطاب الرئيس شيء والواقع شيء آخر، وحتى القس الذي خطط لإحراق المصحف الشريف صرح لوسائل الإعلام أنه لم يتصفحه ولا يعرف عنه شيئا. فالإشكال المطروح هنا هو أن “فوبيا” الإسلام في أمريكا وفي معظم الدول الغربية والتي تغذيها الآلة الإعلامية رهبت الشعوب وزرعت فيها الخوف من كل ما له علاقة بالإسلام والمسلمين. وبطريقة الترهيب والتخويف والإثارة والغرابة تفننت جهات عديدة مستغلة وسائل الإعلام ووسائل الاتصال المختلفة لتشويه الإسلام والمسلمين. وهنا نلاحظ أنه بدلا من العمل على نشر ثقافة التسامح الديني واحترام المعتقدات والديانات واحترام الحريات الفردية وحرية الرأي والتعبير بهدف غرس التفاهم والتسامح والتكامل بين الشعوب والدول والحضارات، نلاحظ العكس تماما حيث انتشار ثقافة الإقصاء والتهميش والتخلص من الآخر. فالإسلام ليس القاعدة والقاعدة لا تمثل الإسلام ولا صلة لها به، وكما أنها تمثل خطرا كبيرا على الغرب وأمريكا، فإنها تمثل خطرا أكبر على الدول العربية والإسلامية وضحاياها في عديد الدول الإسلامية أكبر بكثير من الدول الغربية. والحل هنا يكمن في الحاجة إلى تضافر الجهود من أجل القضاء على هذا العدو وهو عدو الإنسانية  جمعاء  وعدو  البشرية  في  جميع  أقطار  العالم  وليس  أمريكا  والغرب  فقط .
  •      فبعد مرور تسع سنوات على أحداث 11 سبتمبر، ما زالت معظم شعوب العالم وخاصة في الدول الغربية تجهل حقيقة الإرهاب ودوافعه ومبرراته، وما زالت تجهل حقيقة الإسلام ورسالته. فعندما نقرأ أن المستشارة الألمانية إنجيلا ميركل تدافع وتكرم رسام الكاريكاتير الدانماركي كيرت فيسترجاد صاحب الرسوم المسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم وتسلمه جائزة حرية الصحافة، نلاحظ تناقضا صارخا بين الخطاب والفعل الغربي، ونلاحظ أن هناك شيئا غير واضح وغير صحي يدور في أذهان أصحاب القرار في الغرب. وما يؤكد هذا الاتجاه هو حظر بناء المآذن في سويسرا ومشكلة النقاب في عديد الدول الأوروبية. كذلك الاعتداء وقتل المسلمين في العديد من الدول الأوروبية ومواقف الفصل والتمييز العنصري ضد كل ما هو عربي ومسلم، وهذا يشير ومن دون شك إلى خطورة الوضع وتدهور ثقافة التسامح الديني والحوار بين الأديان والحضارات والثقافات. فالوضع في أمريكا على سبيل المثال تغير ولم يبق كما كان عليه في نهاية القرن الماضي، حيث نلاحظ كما في الدول الغربية الأخرى تنامي الحقد والكراهية والعنصرية وثقافة عدم قبول الآخر والتوجه نحو إقصائه والتخلص منه.
  •      وهنا يجب الإشارة إلى أن المسلمين أنفسهم هم أول من أدان هجمات 11 سبتمبر وهم من تعاطف مع أهالي الضحايا، كما أن تعاليم الإسلام تحرم الاعتداء على أرواح وممتلكات الأبرياء. فالإشكال هنا يكمن في فئة تريد الاصطياد في المياه العكرة ولا تريد تفويت الفرصة للتشويه والإساءة والتضليل والتزييف والنيل من ديانة ومن دول وشعوب وأمم. هذا مع الأسف الشديد هو الذي يحدث هذه الأيام من قبل متطرفين ومتعصبين وجهلة همهم الوحيد هو تهميش وإقصاء والتخلص من كل ما لا يتفق معهم ويعارض آراءهم وأفكارهم. فالقس تيري جونس يعتبر من هذه الفئة التي  لم  تهتد  إلى  العقل  والمنطق  لدراسة  الأمور  ومعالجتها،  بل  لجأت  إلى  التدمير  والحرق  والهدم  والعنف والعنصرية  والحقد  والكراهية  بدلا  من  الحوار  والتسامح  والتعايش .
  • لماذا  استفزاز  مشاعر  الجزائريين؟؟؟
أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • hbforce

    الله يعطيك الصحة يأستاذ محمد أسامة بن لادن هو أول عدو للمسلمين قبل الغرب و هو المسؤول عن تشويه الإسلام في أمريكــــــــــــــــا وحين قام بالهــــــــــــــجمات ألم يعلم أن في مــــــــــــــــــــــــــركز التجــــــــــــارة العالمـــــــــــــــــــــــــــــــــي 200 عربي مســـــــــــــــلم ??????