-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

رأي الشيخ العباس في الرئيس بومدين

رأي الشيخ العباس في الرئيس بومدين

مرّت منذ أيام ذكرى وفاة الرئيس هواري بومدين، غفر اللهُ له ولنا، وكنت مع أحد الأصدقاء، ويعرف انتقاداتي للرئيس بومدين فذكَّرني بها، فأجبتُه قائلا: بعد ما رأيت وما علمت من بوتفليقة تذكّرت قول القائل:

رُبَّ يوم بكيتُ فيه، فلما صرتُ في غيره بكيتُ عليه.
فأخطاءُ بومدين لا تكاد تذكر أمام أخطاء بوتفليقة. ثم خضنا في سيرة الرئيس بومدين ومما ذكرتُه لهذا الصديق رأيَ الشيخ العباس في الرئيس بومدين…

والشيخ العباس (1912- 1989) عضوٌ في المكتب الإداري لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين منذ 1951، وهو مدرِّسٌ في معهد الإمام ابن باديس، وعضوُ لجنة التعليم العليا للجمعية، والممثّل الشخصي للإمام الإبراهيمي، وبعد إعلان الجهاد عُيِّن ممثلا لجبهة التحرير الوطني بالمملكة العربية السعودية، ثم سفير فيها للجزائر قبل أن يختلف -كما أخبرني- مع الرئيس أحمد بن بلة، وبعد 19 جوان 1965 عُيِّن رئيسا للمجلس الإسلامي الأعلى بعد استقالة أول رئيس لهذا المجلس، وهو الأستاذ الصديق سعدي.. وآخر منصب تولاه هو عمادتُه لمسجد باريس من سنة 1982 إلى 1989.

وقد تشرَّفتُ بالعمل تحت قيادة هذا العالم في مسجد باريس، واستفدتُ منه كثيرا، وكان ذا شخصيةٍ قوية أمام المسؤولين الفرنسيين، وأمام سفراء العالم الإسلامي، وكان محلَّ تقدير كبير، من ذلك ما أخبرني به الدكتور أحمد طالب الإبراهيمي من أنَّ الرئيس الفرنسي جاك شيراك أخبره بأنه معجَبٌ بالشيخ العباس، وقد تأسَّف كثيرا، لأنه لم يستفِد منه بشكل جيِّد بسبب اختلاف اللسان كما يقول محمد العيد آل خليفة.

سألتُ الشيخ العباس: لماذا ساندتم -أعضاء جمعية العلماء- الرئيسَ هواري بومدين فيما سمّاه “التصحيح الثوري” في 19 جوان 1965، وسانده بعضُكم طيلة وجوده رئيسا للجزائر؟

فأجابني الشيخ: لقد ساندنا بومدين، لأنّ ابن بلة برهن على عدم قدرته على تسيير الدولة، وإذا كنا نقدِّر نضال ابن بلة، فإن تسيير دولة يتطلب مستوى علميا لم يكن يملكه الرئيس ابن بلة، ومع ذلك فقد تولّى ستة مناصب، كما أنّ نفسَه حدَّثته بأن يبطش برمز الجزائر الإمام محمد البشير الإبراهيمي لولا أن حذَّره من ذلك مقرَّبون منه.. خاصَّة بعد إصدار الإمام الإبراهيمي بيانه الشهير في 16 أفريل 1964، الذي انتقد فيه سياسة ابن بلة الارتجالية، وتوجُّهَه الأيديولوجي، حتى قال: لو لم يخلق اللهُ الإتحادَ السوفياتي لخلقنا الإتحاد السوفياتي..

وأما أهمُّ ما قام به هواري بومدين فهو وقوفُه في بداية استرجاع الاستقلال في وجه بعض القادة الذين لجأ كلُّ واحدٍ منهم إلى ولايته ليجعل من نفسه “زعيما”، ولو نجحوا في ذلك لأصبحت الجزائر أثرا بعد عين، وحديثَ سُمَّار.. فأخطاء بومدين تمحوها محافظتُه على الجزائر موحَّدةً شعبا وترابا، كما أنه لم يسمح لأفراد عائلته أن يتدخّلوا في الشأن العامّ، وأن يستفيدوا من وجوده على رأس السلطة.. فغفر اللهُ للرئيس بومدين الذي “عاش ما كسب مات ما خلّا”. كما يقول مثلُنا الشعبي.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • kamel

    الدنيا مع الواقف