-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
تجاهل تماما خطة الحكم الذاتي لنظام المخزن

رئيس حكومة إسبانيا يتودد إلى الجزائر من منبر الأمم المتحدة

محمد مسلم
  • 6946
  • 0
رئيس حكومة إسبانيا يتودد إلى الجزائر من منبر الأمم المتحدة

عاد رئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز، خطوة إلى الوراء في قضية موقف بلاده من القضية الصحراوية، وهي المسألة، التي تسببت كما هو معلوم، في قطع الجزائر جسور التواصل مع حكومة مدريد الحالية، بعد انقلاب موقفها الحيادي، إلى دعم خطة الحكم الذاتي التي تقدم بها نظام المخزن المغربي لحل هذه القضية في عام 2007.

الصحافة الإسبانية ترصد تردّد سانشيز في موقفه من القضية الصحراوية

وبعد أزيد من ستة أشهر من إعلان حكومة سانشيز تأييد خطة نظام المخزن في الصحراء الغربية، والتي وصفتها بـ”الخيار الأكثر جدية وواقعية ومصداقية” لحل النزاع، عادت مدريد مجددا، لتتحدث بخطاب مغاير، فاجأ الكثيرين، كونه لم يشر إطلاقا إلى موقفها السابق، والمتمثل في دعم خطة الحكم الذاتي.

سانشيز وفي كلمة له أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، قال بصريح العبارة: “لا يمكننا الاستمرار في النزاعات من القرن الماضي. ولهذا السبب، فيما يتعلق بمنطقة مهمة جدًا لإسبانيا مثل الصحراء الغربية، تدعم إسبانيا حلاً سياسيًا مقبولًا للطرفين في إطار ميثاق الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن. وبهذا المعنى، يبدو عمل المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة أساسيًا بالنسبة لي. وأريد أن أقول إنه يحظى بالدعم الكامل من حكومة إسبانيا”.

كلام المسؤول الإسباني لا يحتمل أي تأويل، ففي الوقت الذي كان نظام المخزن المغربي يأمل في أن يجدد صديقه سانشيز أمام المجموعة الدولية الموقف ذاته الذي عبر عنه في رسالة للعاهل محمد السادس في 18 مارس الماضي، فإن الخطاب أخذ منعرجا آخر من شأنه أن يدخل الشك لدى النظام المغربي.

فبعد أن وضع سانشيز كل بيضه في سلة نظام المخزن بتأييده لخطة الرباط، عاد هذه المرة ليوظف لغة مغايرة وهو يتحدث عن “حل سياسي مقبول من الطرفين في إطار ميثاق الأمم المتحدة”، وهو الموقف الذي كان سيدا في خطاب الحكومات الإسبانية المتتالية، إلى غاية 18 مارس الأخير، الذي شهد ميلاد موقف مناقض تماما.

وتعتبر جمهورية البيرو مثالا للدول التي لا تتلاعب بمواقفها، فقد خرج رئيسها بيدرو كاستيو تيرون، ليؤكد من على منبر الأمم المتحدة قبل ساعات من كلمة سانشيز، اعتراف بلاده بالجمهورية الصحراوية وبحق شعبها في تقرير مصيره، وذلك بعد ما حاول وزير خارجيته المعزول، زرع الشك حول هذا الموقف.

العارفون بخبايا الدبلوماسية، ينبهون إلى أن عدم تأكيد سانشيز لموقف حكومته (دعم خطة الحكم الذاتي المعبر عنه قبل ستة أشهر)، أمام الهيئة التي تمسك بملف النزاع بين النظام المغربي والجمهورية العربية الصحراوية، يشكل مؤشرا قويا على أن مدريد لا تزال مترددة في حسم موقفها، بل إنها لا تريد الوصول إلى نقطة اللا رجوع، في مغازلة واضحة للسلطات الجزائرية، التي تعتبر القضية الصحراوية مسألة مبدئية في عقيدتها الدبلوماسية.

وتفاعلت الصحافة الإسبانية مع خطاب سانشيز حول الصحراء، حيث عنونت جريدة “بوبليكو” مقالها بـ”سانشيز يتجنب ذكر دعمه لمقترح الحكم الذاتي في الصحراء”، مركزة على استعماله الصيغ نفسها التي استعملها سنوات 2019، 2020 و2021 حول هذا النزاع.

كما كتبت جريدة “لافنغورديا” أن “سانشيز يتحدث عن الصحراء من دون ذكر تغيير الموقف لصالح المغرب”، في وقت ذهبت كل الصحف الإسبانية في الاتجاه ذاته، وجاء تعليق جريدة “الباييس” تحديدا مثيرا للنظر حين كتبت “سانشيز يتجاهل المغرب عند حديثه عن نزاع الصحراء في الأمم المتحدة”.

ويأتي موقف الحكومة الإسبانية الجديد من القضية الصحراوية، بعد نحو أقل من شهر من “تودد” سانشيز للمسؤولين الجزائريين على أمل برمجة زيارة له، حيث قال من برلين بينما كان برفقة المستشار أولاف شولتس: “أتمنى أن أكون ذلك الشخص الذي يذهب إلى الجزائر”، وهو التصريح الذي أعقب عملية إنزال دبلوماسي أوروبي كبير، بدأه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ثم رئيس المجلس الأوروبي، شارل ميشال.

وبدأ الطرف الإسباني في توجيه رسائل الود للجزائر، بعد ما أيقن من فشل مساعيه في توظيف ورقة التضامن لدى الاتحاد الأوروبي، للضغط على الجزائر بعد الأضرار الاقتصادية التي تكبدتها إسبانيا، ويشكل الموقف الذي عبر عنه المفوض السامي للسياسة الخارجية في الاتحاد، جوزيب بوريل، والذي قال إن حل القضية الصحراوية يجب أن يمر عبر استشارة الشعب الصحراوي، التوجه العام الذي تنتهجه بروكسل.

وعلى الرغم من “التودد” البين لحكومة مدريد، إلا أن الطرف الجزائري لم يصدر منه أي توجه نحو خفض التصعيد، لاسيما وأنه سبق وأن حدد شروطا لعودة العلاقات بين الجزائر ومدريد إلى طبيعتها، وقد أوردتها صحيفة “إل كونفيدونسيال” الإسبانية نقلا عن مسؤول جزائري، قال إن “عودة العلاقات مع إسبانيا ممكنة بشروط، يجب أن يلتزم سانشيز بإصدار بيان واضح لا لبس فيه ولا رجعة فيه بخصوص موقف إسبانيا من قضية الصحراء الغربية. يجب أن يتوافق مع القانون الدولي ويحترم مكانة الصحراء الغربية كإقليم غير متمتع بالحكم الذاتي، وأن يوضح أن إسبانيا تحترم وحدة أراضي المغرب داخل حدودها المعترف بها دوليا”.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!